} بدت الحاجة إلى بعض الوقت مُلحة في تصريحات مصرية - فلسطينية اعقبت قمة الرئيسين حسني مبارك وياسر عرفات في القاهرة امس والتي عقدت عوضا عن "ثلاثية" كان مفترضاً حسب المعلن أن تتم في منتجع شرم الشيخ عصر امس إلا انها ألغيت فجأة عقب اتصال هاتفي بين مبارك ورئيس وزراء اسرائيل المستقيل أيهود باراك "في ضوء الصعوبات" ولضمان قمة ناجحة، فيما اتفق الجانبان المصري والفلسطيني على توجههما بعدم قبول المقترحات الاميركية من دون تفاصيل لئلا تتجدد الخلافات حول "الاتفاق النهائي" بعد إبرامه. عقد الرئيسان مبارك وعرفات جلسة محادثات ثنائية قبل ظهر امس في قصر السلام بمصر الجديدة استمر نحو نصف ساعة انضم بعدها الى المحادثات من الجانب المصري كل من وزير الخارجية السيد عمرو موسى والدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري، ومن الجانب الفلسطيني امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن ووزير الاعلام والثقافة السيد ياسر عبدربه ووزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث ووزير الحكم المحلي كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات وسفير فلسطين في القاهرة السيد زهدي القدرة والسيد نبيل ابو ردينة المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، واستغرقت جلسة المحادثات الموسعة نحو ساعة. ووصف موسى لقاء مبارك - عرفات بأنه كان اجتماعاً مهماً للغاية، مشيراً الى انه بحث الوضع الخاص بالمقترحات الاميركية المطروحة ورد الفعل الفلسطيني الخاص بها. ونوه موسى ب"الجهود المشكورة" للرئيس الاميركي بيل كلينتون في محاولة إحداث تقدم عملية السلام الفلسطيني - الاسرائيلي. واشار موسى الى وجود تساؤلات فلسطينية كثيرة حول المقترحات الأميركية وكذلك عدة نقاط تتطلب إيضاحات. وأوضح موسى أهمية التفصيلات والوضع على أرض الواقع والخرائط في أي اتفاق تعمل الأطراف على إبرامه، وشدد على أن هذا الأمر يجعل من الضروري استمرار الاتصالات، ولكنه ارجع تأجيل مبارك عقد القمة الثلاثية في شرم الشيخ إلى الصعوبات القائمة. وقال موسى إن القاهرة على اتصال يومي مع الجانب الفلسطيني والاميركي والإسرائيلي في محاولة منها لتوضيح امور معينة إذا ما وضحت سيكون تفعيل مبادرة كلينتون ممكناً، واعرب عن اعتقاده بأن الامر يتطلب بعض الوقت. ومن جانبه أكد الدكتور صائب عريقات أن القيادة الفلسطينية تدرس بعمق الافكار التي طرحها كلينتون "في الوقت الذي نتشاور فيه مع الاشقاء العرب والاصدقاء في اوروبا". وقال عريقات: "اننا نحاول بكل جهد مستطاع ان نتوصل الى اتفاق سلام شامل حول كل المواضيع: القدس، الحدود، المستوطنات، اللاجئين، والمياه. وشدد على ضرورة أن يكون الاتفاق تفصيلياً سواء كان بالخرائط الجغرافية أو بالبنود التفصيلية "لأن الغموض - حتى ولو أسماه الاميركيون بالغموض البناء - سيكون في اعتقادي غير جيد لجهودنا في الوصول الى عملية سلام ناجحة". وكشف عريقات عن ان الجانب الفلسطيني تقدم إلى الجانب الاميركي بمجموعة من الاستفسارات وكذلك إلى الجانب الاسرائيلي، وقال: "كلما دخلنا في التفاصيل وجدنا حدة الهوة القائمة بين الجانبين حتى حول مفاهيم ما طرح من افكار أميركية، وذلك رغبة منا في الوضوح ورغبة منا في عدم اللف والدوران أو أن نقول لدينا فهم ونكتشف ان لدى الجانب الاسرائيلي فهماً آخر". واضاف: "نريد وضوحا تاما وتفاصيل محددة ونريد خرائط محددة حول كل هذه القضايا". واشار عريقات الى مطالبة الجانب الاميركي للسلطة الفلسطينية بالموافقة على المبادئ أو على الافكار أولاً وهي نفس الرؤية الاسرائيلية، واعرب عن اعتقاده بأن "هذا ليس هو الطريق للوصول إلى اتفاق سلام شامل". وأكد عريقات أهمية التفاصيل الدقيقة والخرائط الدقيقة حتى تتجنب السلطة اللوم أو أن يوجه أحد اصابع الاتهام لها، وقال: "نحن دخلنا عملية سلام من أجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة وهي القرارات 242 و338 و194، ولا نحن ولا العرب قمنا بصياغة هذه القرارات فهذه القرارات صاغتها الديبلوماسية الاميركية والأوروبية"، وتابع: "نحن نسعى بكل جهدنا المستطاع لتحقيق تنفيذ هذه القرارات ولا نقبل أن يكون عامل الوقت سيفاً مسلطاً على رقابنا، والأهم من عامل الوقت هو المضمون فهذا مصير شعوب ومنطقة، وهذه الدقائق حساسة جداً وبالتالي نريد أن نتعامل كشركاء حقيقيين للسلام ونحن نقدر بشكل كبير الجهود التي بذلها كلينتون". وعما إذا كان هناك أمل في الوصول إلى اتفاق قبل مغادرة كلينتون البيت الأبيض والانتخابات الإسرائيلية، قال عريقات: "إننا نبذل أقصى جهودنا، ولكن هذا الأمر يعتمد على الوضوح والتفاصيل الموجودة في الاتفاق"، واشار إلى أنه لا يقلل من أهمية عامل الوقت "ولكنني أقول لكم: إن ما يوجه الفلسطينيين هو مصلحتهم القومية وإصرارهم على الوصول إلى اتفاق سلام عادل ونزيه وقائم على قرارات الأممالمتحدة، ولا أعتقد أننا يمكن أن نجعل عامل الوقت سيفاً مسلطاً على رقابنا، ونحن نتعامل مع وضع يشبه النار وإذا نجحنا في إطفائها والسيطرة عليها فسوف نحصل على بعض الحرارة، أما إذا سيطرت النار علينا فسوف تحرقنا". وعلق موسى قائلا "ان من الضروري ان يفهم الجميع أن هذه المرحلة الدقيقة هي مرحلة مطروح فيها على الشعب الفلسطيني تقرير مصيره وهذه مسألة مهمة للغاية، والتوقيتات فيها قد لا تكون مفيدة، والأمر يتطلب الاطلاع على عدد من التفصيلات والاتفاق عليها، ولذلك فإن الجانب الفلسطيني يرى أنه يحتاج إلى وقت ليس فقط لطرح تساؤلاته وإنما أيضاًَ للاستماع إلى إجابات عن هذه التساؤلات، وهذه هي طبيعة المرحلة الحالية التي لا بد فيها للجانب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أن يكونوا على بينة كاملة من الأمر الذي سيدخلون فيه. ومن هنا يمكن استغلال كل دقيقة من الوقت المتاح ونرجو أن يكون هذا ممكناً في وجود كلينتون". وعن تأثير عدم حضور باراك في العلاقات المصرية - الإسرائيلية، خصوصاً مع تذبذب موقف باراك، قال موسى: "إننا نعلم مدى صعوبة الموقف داخل إسرائيل بالنسبة الى باراك، ولكن هناك عنصراً مهماً وهو الوصول إلى اتفاق سلام عادل ومتوازن من وجهة النظر الفلسطينية لأن ذلك هو مصيرهم، ومستقبلهم، ولهذا فإننا نقدر الأسئلة التي تطرح والصعوبات من جانب الطرفين، ومن الطبيعي أن مبارك رأى عدم عقد هذه القمة الثلاثية وقد كانت تلك الرؤية مشتركة من كل الأطراف، وضرورة الإجابة عن التساؤلات المطروحة لكي يتم استيضاح الموقف ونستطيع عقد قمة ناجحة". وعاد عريقات لكي يكشف عن السبب الذي لم يُمكن الوفد الفلسطيني من الحصول على الإيضاحات المطلوبة عندما طرحها كلينتون أمامهم في واشنطن، مشيراً إلى أن الرئيس الاميركي أبلغ الوفد الفلسطيني أنه يريد منهم نقل هذه الأفكار إلى عرفات وأنه سيجري المفاوضات مع عرفات. وتساءل عريقات: "عندما يتحدث الرئيس كلينتون عن نسبة 95 في المئة من أراضي الضفة الغربية وغزة فما مصير ال5 في المئة المتبقية، وأثر ذلك على التواصل الجغرافي وعلى أحواض المياه الفلسطينية وعلى ابناء الشعب الفلسطيني؟ وأين موقع التبادل وكذلك عندما يتحدث كلينتون عن سيادة فلسطينية على الحرم القدسي الشريف وسيادة إسرائيلية على الحائط الغربي، فما المقصود بالحائط الغربي؟ هل هو فوق وتحت؟ وعندما يتحدث عن اللاجئين، نقول إن الشعب الفلسطيني انتظر 53 سنة لسماع شيء عن العودة، ثم نسمع أن هناك حق العودة الى دولة فلسطين، ولكن هناك إدخال إلى إسرائيل - فما معنى الادخال، وغير ذلك من عشرات الاسئلة التفصيلية التي تتعلق بالخرائط والتواصل الجغرافي والقدسالشرقية وغيرها من المناطق". وفي تطور آخر دعت فلسطين الى اجتماع طارئ في مقر الجامعة العربية للجنة المتابعة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية وذلك يوم الاثنين المقبل لمناقشة المقترحات الاميركية. وكانت اللجنة حددت اجتماعها المقبل في 10 كانون الثاني يناير في تونس على مستوى وزراء خارجية مصر وتونس والسعودية وسورية ولبنان والبحرين وفلسطين والاردن والمغرب والامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد. وتدعو المذكرة، التي تقدمت بها دولة فلسطين الى عبدالمجيد، إلى موقف عربي موحد ازاء هذه المقترحات