لوح رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود باراك بورقة "التبادلية" التي رفعها سلفه بنيامين نتانياهو على مدى ثلاث سنوات وهدد الفلسطينيين في أول لقاء عملي بينه وبين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأن أية "لا" فلسطينية لطلباته ستعني أن إتفاق واي سينفذ "بشق الأنفس"، الفلسطينية طبعاً. وفشل باراك في إقناع عرفات خلال لقائهما مساء أول من أمس الثلثاء في إدخال تعديلات أو تأجيل تنفيذ المرحلة الثالثة من إعادة الإنتشار التي نصت عليها مذكرة واي ريفر، إلا أنه نجح في كسب مزيد من الوقت أسبوعين لممارسة مزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني بإتفاق الطرفين على تشكيل لجنة تقوم باحصاء وحصر القضايا الخلافية حول مانفذ وما لم ينفذ من بنود الإتفاقات الموقعه وعلى وجه الخصوص إتفاقي الخليل وواي ريفر، الأمر الذي يمكن أن يورط الفلسطينيين في خوض مفاوضات بشأن قضايا تم الإتفاق عليها. وقال أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن الذي شارك في الإجتماع إن النتائج "جاءت أقل من التوقعات التي كان ينتظرها الجميع"، مؤكداً تمسك الجانب الفلسطيني بتنفيذ إتفاق واي "نصاً وروحاً" ورافضاً إدخال أي تعديل أو تأجيل بهذا الشأن. وأضاف "أبو مازن": "نحن مع ذلك ملتزمون بما تم الإتفاق عليه وموقفنا لن يتغير وإن حصل بعض التأخير"، في إشارة الى مهلة الأسبوعين التي اصر باراك على إعطائها للفلسطينيين "للتفكير" في الإقتراحات التي عرضها عليهم. ووصف وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث هذه المهلة بأنها "مضيعة للوقت"، مشيراً إلى أن عرفات أوضح لباراك أنه "لا يحتاج وقتا للتفكير". وأضاف: "مهلة الأسبوعين أعطاها باراك لنفسه لأننا لسنا بحاجة الى وقت". وقال شعث إن الموقف الفلسطيني كان في "أقصى درجات الوضوح: لن نقبل الا بتنفيذ الإتفاقات. كان باراك يعتقد بأن الرئيس عرفات سيقبل بالتنازل عن 1،13 في المئة من الأرض الفلسطينية". وأتهم وزير الإعلام الفلسطيني ياسر عبدربه باراك بمحاولة التملص من تنفيذ الإتفاقات حتى تلك التي وقع عليها سلفه نتانياهو مشيراً إلى وجود "أزمة حقيقية" بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقال عبدربه أن باراك لم يرد على قضايا المستوطنات والمعتقلين والممر الآمن. وهاجم الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم باراك بأنه "يتحدث بلسانين". وأضاف في تصريحات صحافية: "يبدو أن باراك يريد كسب الوقت ويتحدث بلسانين. أكد له الرئيس عرفات أننا متمسكون بمذكرة واي نصاً وروحاً. ومع هذا يبدو أنه لم يسمع ولا يريد أن يسمع موقفنا". وأوضح عبدالرحيم: "هذه هي السياسة التي انتهجتها الحكومة السابقة وتنتهجها الحكومة الحالية ولكن بطريقة يعتقدون أنها ذكية ويمكن لها أن تخدع بعضهم". وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" أن باراك أكد للجانب الفلسطيني أنه "سيفتح الملفات القديمة" ويطالبهم بتنفيذ ذات الطلبات التي طرحها نتانياهو عليهم تحت مصطلح "التبادلية"، ومنها على سبيل المثال اعتقال المطلوبين الفلسطينيين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتقديم قائمة بأسماء أفراد جهاز الشرطة الفلسطينية وتنشيط لجنة "التحريض". وقالت المصادر ذاتها إن باراك هدد بانتهاج أسلوب "المماحكة" مع الفلسطينيين بسبب إصرارهم على رفض اقتراحاته، خصوصاً في ما يتعلق بالمرحلة الثالثة من إعادة إنتشار قوات الإحتلال التي تنص على الإنسحاب من نسبة ثلاثة في المئة من غور الأردن والتي فرض نتانياهو على الفلسطينيين تصنيفها ك"محمية طبيعية" لا يكون للفلسطينيين سيطرة مطلقة عليها. ويرى باراك في أي إنسحاب مهما كانت نسبته ضئيلة من غور الأردن "تهديداً أمنياً" للدولة العبرية ويتمسك بوجوب إبقاء هذه المنطقة تحت سيطرة إسرائيلية مطلقة بإعتبارها تشكل الحدود الشرقية الامنة لإسرائيل. وسارع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الى اطلاع وزير الخارجية المصري عمرو موسى على تفاصيل لقاء عرفات - باراك في محاولة لقطع الطريق على الأخير الذي سيحاول خلال لقائه اليوم الخميس مع الرئيس المصري حسني مبارك في الإسكندرية لإقناعه بإقناع عرفات بتليين موقفه وقبول المقترحات الإسرائيلية. وفي غزة التقى عرفات بالقنصل الأميركي في القدس وأطلعه بدوره على الموقف الفلسطيني المتمسك بتنفيذ إتفاق واي فوراً وبشكل كامل.