رفض الرئيس ياسر عرفات أمس "تجزئة" عملية اعادة الانتشار الاسرائيلي في الضفة الغربية. وقال لدى عودته الى غزة من جولة على دول عربية وغربية، انه بحث مع زعماء عرب التحضير لقمة عربية تبحث في الوضع الذي وصلت اليه عملية السلام. ورحب مئات المواطنين الفلسطينيين بالرئيس عرفات لدى عودته امس الى غزة عبر معبر رفح. ووصف عرفات في تصريح الى الصحافيين الجولة التي قام بها - بعد انتهاء محادثات واشنطن - الى بريطانيا وموريتانيا والمغرب وتونس والجزائر ومصر، بأنها كانت "ناجحة ومثمرة". وأشار الى انه بحث مع زعماء الدول العربية في التحضير لعقد قمة عربية من اجل التوصل الى تقويم عربي شامل لما آلت اليه عملية السلام بعد لقاءات واشنطن. وشدد عرفات مجدداً على الموقف الفلسطيني المعلن من الازمة التي وصلت اليها عملية السلام. إذ شدد على ضرورة تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وعدم القبول بأي محاولة من جانب اسرائيل لتجزئة عملية اعادة الانتشار او تغيير هذه الاتفاقات. ونقلت وكالة "رويترز" عن عرفات رفضه اقتراحاً اميركياً بانسحاب اسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية في مقابل حملة امنية فلسطينية اكثر شدة على المتشددين. وقالت ان عرفات سئل عما اذا كان يوافق على الانسحاب التدريجي فرد بقوله "بالقطع لا". وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو قال اول من امس انه يمعن النظر في الخطة الاميركية، مشيراً الى ان الجانب الاسرائيلي لم يستبعد احتمال الانسحاب التدريجي على ان يفي الفلسطينيون بجزء من التزاماتهم ليحصلوا على جزء محدد من الأرض. ودعا عرفات فور عودته الى غزة اعضاء القيادة الفلسطينية لعقد اجتماع موسع يتناول نتائج المحادثات التي اجراها في واشنطن ولندن والدول العربية. ولا يستبعد بعض المصادر ان يتم في هذا الاجتماع الذي يشارك فيه اعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، المصادقة على الرسالة التي وجهها عرفات الى كل من الرئيس بيل كلينتون ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير والمتعلقة بقضية الغاء بنود في الميثاق الفلسطيني. وفي هذا السياق قال الدكتور نبيل شعث وزير التخطيط والتعاون الدولي، ان مصادقة اللجنة التنفيذية للمنظمة على هذه الرسالة ستأتي استجابة لطلب قدمه الرئيس كلينتون الى عرفات "لاغلاق هذه المسألة". وقال شعث الذي رافق عرفات في جولته الاخيرة، انه على رغم الصعوبات الشديدة التي سينطوي عليها الوضع "الا ان الوفد الفلسطيني الى واشنطن لمس اصراراً من الادارة الاميركية على المضي في الجهود التي تبذلها لإخراج الوضع من الازمة، وان الفلسطينيين لمسوا تصميماً اميركياً على ضمان تنفيذ الاتفاقات". وقال ان عرفات تلقى موافقة عربية من كل الدول التي زارها في شمال افريقيا والقاهرة، بالاضافة الى موقف العاهل الأردني الملك حسين على عقد قمة عربية استجابة للطلب الفلسطيني. لكنه استدرك موضحاً انه لم يتم بعد الاتفاق على الصيغة الملائمة لانعقاد هذه القمة ووقتها، وهل تقتصر على دول الطوق مصر والأردن وسورية ولبنان وفلسطين او تكون موسعة. وقال ان المنسق الاميركي لعملية السلام، السفير دنيس روس، سيزور المنطقة بعد اجازة عيد الفطر، لاستكمال ما جرى في واشنطن. ووصف مهمة روس بپ"المهمة" لأن الادارة الاميركية ستقوم خلالها بطرح الافكار التي بلورتها خلال المحادثات التي جرت في واشنطن. وفي القاهرة، عقد الرئيس حسني مبارك والرئيس ياسر عرفات جلسة محادثات موسعة حضرها من الجانب المصري الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء والسيد عمرو موسى وزير الخارجية والدكتور اسامة الباز مستشار الرئيس للشؤون السياسية، ومن الجانب الفلسطيني محمود عباس ابو مازن امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والدكتور نبيل شعث وزير التخطيط في السلطة الفلسطينية والسيد زهدي القدرة سفير فلسطين في القاهرة والسيد نبيل ابو ردينة المستشار الاعلامي للرئيس الفلسطيني. وعقب المحادثات صرح عمرو موسى بأن مسألة "عقد قمة عربية مطروحة لكن القرار لا يرجع لمصر وحدها وهذا يعتمد على الاتصالات والتشاور واللقاءات والجهود التي ستستمر في الاسابيع القليلة المقبلة بما فيها دور راعيي عملية السلام وموقف الحكومة الاسرائيلية المستمر في اعاقة العملية السلمية". وقال ان الرئيس عرفات "عرض على الرئيس مبارك تفاصيل ما حدث في واشنطن، والعروض الاسرائيلية التي قدمت والموقف الاميركي منها". وأكد موسى أن "محادثات واشنطن لم تصل الى نتائج محددة ... بالقطع كل ما قُدم من عروض لا يرقى الى مستوى عرض جدي كافٍ لانقاذ عملية السلام او الارتفاع الى مستوى التنفيذ الامين لما تم من اتفاقات". وحول مدى صحة الطرح الاميركي للانسحاب الاسرائيلي بنسبة 12 في المئة من الضفة اوضح موسى ان "هذا أحد الارقام التي ذكرت والموقف الفلسطيني منها تم التعبير عنه عندما قال عرفات إن هذا فتات لا يصح أن يُذكر". وزاد: "الطريقة التي طرح فيها العرض الاسرائيلي بالاضافة الى الخرائط الغريبة التي طرحت من بعض وزراء اسرائيل، يجعل الصورة سيئة وقاتمة جداً". اما عرفات فقال ان اللقاء مع مبارك "كان بنّاء ومهماً".