تسارعت الاتصالات المصرية والاميركية في مسعى لحل الخلافات بين الفلسطينيين والاسرائيليين بخصوص عدد الاسرى الذين سيتم اطلاقهم من السجون الاسرائيلية ضمن المرحلة الاولى، وتمسك الفلسطينيون بموقفهم واصروا على ان تشمل هذه المرحلة 200 اسير، فيما اقترح الاسرائيليون ان تقتصر على 156 اسيراً. وأعلنت الاذاعة الاسرائيلية أمس ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك قرر عدم التوجه أمس الى مصر وأن من المحتمل توقيع البرنامج التنفيذي لاتفاق واي ريفر هذا اليوم الجمعة. وحاول الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجيته عمرو موسى ومستشاره السياسي الدكتور اسامة الباز، من خلال الاتصالات المباشرة مع الفلسطينيين والاميركيين وعبر الهاتف مع الاسرائيليين، حسم الخلافات لتهيئة الاجواء لتوقيع البرنامج التنفيذي لاتفاق واي ريفر الموقع برعاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون في تشرين الاول اكتوبر الماضي. وعقد مبارك لقاءين في منطقة برج العرب القريبة من الاسكندرية مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قبيل وصول وزيرة الخارجية الاميركية الى الاسكندرية ولقائها الرئيس حسني مبارك في قصر رأس التين، وعمت موجة من التشاؤم بخصوص إمكان توقيع الاتفاق، إذ لوحظ رفع العلمين المصري والاميركي فقط على قصر رأس التين مقر التوقيع وغياب العلمين الاسرائيلي والاردني مما زاد من احتمالات عدم التوصل الى اتفاق. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة": "لا يمكن التوقيع على اتفاق لا يستطيع عرفات الدفاع عنه امام شعبه"، ونفت وجود ضغوط مصرية لحمل الفلسطينيين على التوقيع، ووصفت الدور المصري بأنه "استراتيجي يدافع عن حقوق الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة". وتطرقت الى لقاءي مبارك - عرفات، وقالت انه تم خلالهما تقويم الموقف الراهن في ضوء التشدد الاسرائيلي بخصوص مسألة السجناء، واقترحت القاهرة صيغة وسطية بالنسبة الى 44 سجيناً محل الخلاف رفضوا الكشف عن تفاصيلها. وشارك في المحادثات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس "ابو مازن" ومسؤول التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث وسفير فلسطين لدى مصر زهدي القدرة والناطق باسم السلطة نبيل ابو ردينة، ومن الجانب المصري وزير الخارجية والمستشار السياسي، وانضم الى الوفد الفلسطيني كبير المفاوضين الدكتور صائب عريقات ومسؤول الامن الوقائي لقطاع غزة العقيد محمد دحلان اللذان استدعاهما عرفات الى الاسكندرية للتشاور معهما حول نقاط الخلاف مع اسرائيل. وقال عريقات إن محادثات الاسكندرية "ستكون الفاصلة"، ورفض التشدد الاسرائيلي في مواجهة الحقوق الفلسطينية المشروعة. وفيما كان مبارك وعرفات مجتمعين اجرىا اتصالا هاتفيا مع الرئيس الاسرائيلي عيزر وايزمان في مستشفى هداسا في القدس حيث يمثل للعلاج، وتمنيا له الشفاء العاجل، وعبر وايزمان عن امله في استمرار الجهود السياسية لتحقيق السلام في المنطقة. وفي اعقاب هذه المحادثات عقد موسى لقاءً منفصلاً مع عرفات تناول نقاط الخلاف التي تحول دون التوقيع على الاتفاق التنفيذي، وأيد الموقف الفلسطيني لجهة تنفيذ اتفاق "واي" بكل بنوده، معتبراً أن الخلافات القائمة يمكن حلها. واطلع موسى المبعوثين الاميركي دنيس روس والاوروبي ميغيل انخيل موراتينوس على افكار القاهرة للتقريب بين الجانبين ونتائج الاتصالات المصرية - الاسرائيلية خلال الساعات الفائتة. واستغربت المصادر المصرية تشدد اسرائيل بخصوص السجناء، وقالت ان من قرر اطلاق اكثر من 150 سجيناً يمكنه اتخاذ القرار للإفراج عن ال200، مشيرة الى ان اتفاق واي ريفر ينص على اطلاق 750 اسيراً فلسطينياً. وعقد مبارك ووزيرة الخارجية الاميركية جلسة محادثات استمرت نحو 45 دقيقة تلاها اجتماع لموسى ونظيرته، وطالبت القاهرة اولبرايت بالتدخل لدى اسرائيل واقناع رئيس الوزراء ايهود باراك بإبداء المرونة حيال المطالب الفلسطينية. وعلمت "الحياة" ان من بين الاقتراحات المطروحة للبحث تقديم ورقة ضمان اميركية الى عرفات بخصوص الإفراج قريباً عن السجناء محل الخلاف، وان يتم ذلك قبل عيد الفطر المقبل. وفي خطوة اميركية زار روس الرئيس عرفات في مقر اقامته في قصر الصفا في منطقة زيزينيا في الاسكندرية وابلغه تقدير الادارة الاميركية لحرص الفلسطينيين على عملية السلام. واكد روس وفقاً للمصادر الفلسطينية ان دور واشنطن لن يكون مراقباً للمحادثات الفلسطينية - الاسرائيلية بل سيعمل على تنفيذ اتفاق واي. اما الصحافيون ومراسلو وكالات الانباء العالمية فتوافدوا على قصر رأس التين منذ عصر امس واقاموا محطات بث مباشر لنقل مراسم التوقيع، كما كان مقرراً امس وسط امتناع المسؤولين المصريين طيلة الساعات الماضية عن الإدلاء بأي تصريحات رسمية حول سير المفاوضات وما تم التوصل اليه والخلافات القائمة وسبل حلها.