} تعتبر عودة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد إلى العاصمة الجزائرية التي تعد مركز النشاط السياسي والإعلامي في الدولة، خطوة لافتة لهذا الرجل الذي تخلّى عن الرئاسة، في مطلع 1992، إثر ضغوط مارستها عليه المؤسسة العسكرية بسبب فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة بغالبية المقاعد في البرلمان الجزائري. علمت "الحياة" من مصادر قريبة من الرئيس السابق الشاذلي بن جديد أنه عاد، قبل يومين، للإقامة في العاصمة بعدما تركها منذ تنحيه عن الحكم في 11 كانون الثاني يناير 1992 إثر ضغوط مارسها عليه قادة المؤسسة العسكرية إثر إعلان فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة بغالبية المقاعد في البرلمان. وكان الرئيس السابق قرر، منذ تنحيه، الإقامة في منطقة بوسفر في ولاية وهران 450 كلم غرب الجزائر. ولم يغادرها إلا نهاية العام الماضي إثر انتقاله إلى بروكسيل للخضوع لفحوص طبية. وكان مُنع في السابق من الحصول على جواز السفر. وقال الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في بيان قبل أشهر أنه منح الشاذلي جواز سفر بمبادرة منه في إطار فلسفة شاملة للوئام. وتابعت المصادر أن الشاذلي يرفض حالياً إجراء أي لقاءات رسمية مع المسؤولين السياسيين أو العسكريين وأنه يحبذ متابعة تطور الوضع السياسي. وأكدت أن إقامته في العاصمة ليست لتلقي العلاج سواء في المستشفى العسكري في عين النعجة أو في غيره. واعتبرت أوساط سياسية مهتمة بعودة الرئيس السابق الى العاصمة أن تغيير مقر إقامته وعودته إلى الجزائر تعكس حرصه على متابعة شؤون البلد بعد عجز الحلول التي انتهجها الحكم عن وضع حد للإقتتال الذي أودى بحياة أكثر من مئة الف شخص، بحسب قول الرئيس بوتفليقة الذي أعاد تعيين شخصيات عملت في السابق مع الشاذلي، مثل الجنرال العربي بلخير الذي تقلد مناصب سياسية عديدة بينها الأمين العام للرئاسة ومدير ديوان الرئيس ثم وزير الداخلية في حكومة سيد أحمد غزالي. وتتزامن عودة الرئيس السابق الى العاصمة مع تصاعد الإنتقادات للرئيس بوتفليقة في شأن نتائج سياسة الوئام المدني التي اتبعها منذ توليه الحكم في نيسان ابريل 1999. إلى ذلك، أوردت صحيفة "لوجون أندبندان"، في عددها الصادر أمس، أن الإتحاد العام للعمال الجزائريين أكبر تنظيم عمالي في البلاد قرر التخلي عن دعم بوتفليقة ودعوة "مختلف القوى الوطنية والديموقراطية" إلى التجند وراء الجيش الوطني الشعبي لمكافحة "إرهاب الجماعات الإسلامية المسلحة". وقالت اليومية أنها حصلت على بيان من الاتحاد حدد فيه مواقفه من التطورات الأمنية الاخيرة والتي لم تحرك المسؤولين في الدولة "لإدانة الاعمال المروعة". وشبهت الصحيفة هذا البيان ببيان آخر كان صدر عن الاتحاد نفسه مطلع 1992 ودعا إلى الوقوف الى جانب المؤسسة العسكرية، قبل أيام من تنحي بن جديد. في سياق آخر، قالت مصادر إعلامية أن السفير الجزائري الجديد لدى إيران السيد عبدالقادر حجار يرفض الإلتحاق بمنصبه ما لم يحظ بإستقبال رسمي من الرئيس بوتفليقة ويتسلّم منه خطاباً إلى الرئيس الإيراني محمد خاتمي. وكان حجار عين سفيراً لدى إيران قبل شهرين لكنه لم يلتحق حتى الآن بمنصبه. وكان تطبيع العلاقات مع إيران اثار ضجة لدى الأوساط العلمانية والفرانكوفونية التي عبرت عن رفضها مد اليد لدولة "متورطة في أعمال العنف التي حصدت الآلاف من الجزائريين" منذ 1992.