تصاعدت الضغوط الفرنسية الداخلية الهادفة الى دفع الرئيس جاك شيراك الى الادلاء بشهادته في فضائح فساد طاولت الحزب الذي ينتمي اليه. وضمت وزيرة في الحكومة صوتها الى احدى المحامين البارزين الداعين الى ذلك، غداة خوض شيراك في الموضوع خلال مقابلة تلفزيونية حمل فيها الاعلام مسؤولية استغلال فضيحة تمويل حزبه، رافضاً الادلاء بشهادته كونه رئيساً للجمهورية. قالت وزيرة البيئة الفرنسية دومينيك فوايني ان حديث الرئيس جاك شيراك في التلفزيون يوم الخميس الماضي، والذي نفى خلاله اي علم له بفضيحة التمويل المرتبطة بحزب التجمع من أجل الديمقراطية الذي ينتمي اليه، لم يقنعها سوى بوجوب ان يأخذ العدل مجراه. واضافت فوايني لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية: "ارى من الطبيعي ان يتحصن شيراك ازاء قرارات صدرت اثناء فترة ولايته، لكن لا اجد سبباً يجعله يمتنع عن تقديم تفسيرات امام القاضي حول اعمال ارتكبت في الماضي وتخضع لنصوص القانون العادي". واضافت انه لا يمكن لشيراك الاحتماء بوضع "يشبه القداسة" تضفيه عليه الرئاسة لابعاد الاتهامات. وجاء ذلك في وقت وضع وزير العدل السابق روبير بادينتير ثقله وراء مطالبات متزايدة بان يفصح شيراك امام المحكمة عما يعرفه. واعترض بادينتير على تاكيدات شيراك بانه لا يمكن استدعاؤه للشهادة بوصفه رئيساً. وقال في مقال له نشر في صحيفة "لوموند": "لن يكون مجبراً بمقتضى القانون على تقديم شهادته مثل جميع المواطنين فحسب، بل هو مجبر على ذلك من الناحية الاخلاقية بحكم منصبه، اكثر من اي مواطن آخر". وكان شيراك اكد خلال المقابلة التلفزيونية انه سيرفض الشهادة في حال استدعائه لذلك. واقر بأن الحملات الاعلامية المستمرة منذ اشهر والتي ركزت على دوره ومسؤوليته عن قضايا فساد طاولت شخصيات مختلفة في حزبه، اصابته ب"جرح في العمق". وشدد على ضرورة ملاحقة القضاء للمتورطين عن هذه القضايا، لكنه ندد الاستغلال الاعلامي الذي حوله الى "ضحية دائمة". وحرص شيراك على تحميل الاعلام الفرنسي مسؤولية الخلط الحاصل بين الفترة التي كانت خلالها الاحزاب الفرنسية تستفيد من تمويل المؤسسات الخاصة وبين الوضع القائم اليوم، مشيراً الى انه لم يعد هناك وجود لمثل هذا التمويل، نتيجة القوانين المتعاقبة التي اعتمدت لضمان الشفافية في هذا المجال. ودعا الاعلام الى الكف عن هذه المبالغات، وعن الخلط المتعمد "خدمة لعمليات سياسية دنيئة" و"سعياً لزعزعة هذا وذاك"، بهدف قد لا "يتجاوز السعي الى تحقيق المزيد من المبيعات". ويذكر ان بعض الصحف الفرنسية تعمدت توجيه الانظار الى شيراك، دون سواه من الشخصيات السياسية التي وردت اسماؤها في اطار القضايا نفسها ومن بينها رئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان. فشريط الفيديو، الذي سجله رجل الاعمال الراحل جان- كلود ميري وشرح فيه كيفية استفادة الاحزاب الفرنسية من سوق الاشغال العامة، افاد ان المدير السابق لمكتب شيراك عندما كان الاخير رئيساً لبلدية باريس، ميشال روسان، تلقى منه مبلغاً قدره خمسة ملايين فرنك. لكنه تحدث ايضاً عن تلقي الحزب الاشتراكي الذي كان جوسبان امينه العام في تلك الفترة، مبلغاً قدره 3 ملايين فرنك. غير ان الاعلام تناسى جوسبان وركز اهتمامه على شيراك. ورد شيراك في حديثه على الاصوات الداعية الى ضرورة مثوله كشاهد امام القضاء والادلاء بالمعلومات التي لديه حول تمويل حزبه "التجمع من اجل الجمهورية"، بالقول انه ليس في وارد تلبية مثل هذا الطلب، لانه ببساطة رئيساً للجمهورية، وهو منصب يجعل منه دستورياً الشخص الضامن لحرية القضاء والشخص الذي يتولى تعيين القضاة.