بعد أكثر من 15 عاماً، وتحديداً في 28 آب اغسطس 2000، نجح الحزب الاشتراكي اليمني - المعارض - في عقد مؤتمره العام الرابع الدورة الانتخابية التي استمرت حتى 31 من الشهر نفسه بحضور نحو 2500 مندوب ومندوبة يمثلون منظمات الحزب وفروعه في جميع المحافظات اليمنية. وعقد المؤتمر في العاصمة صنعاء وسط أجواء مليئة بالحذر والخوف من انشقاق الحزب الى أكثر من تيار خصوصاً أن عدداً من الأطراف والأجنحة الفاعلة داخل الحزب كان يتبنى آراءً وتصورات تشير الى وجود خلافات حادة إذا ما أثيرت فانها ستتسبب في إحداث تصدعات مزمنة للحزب الذي هو في أمس الحاجة الى الاستقرار بعد الخضات الكبيرة والجولات العنيفة التي مر بها منذ احداث 13 كانون الثاني يناير عام 1986م في عدن اثناء تفرده بالسلطة وانتهاء بحرب الانفصال عام 1994م بعد اربع سنوات على توحيد ما كان يعرف بشطري اليمن حيث تحققت الوحدة اليمنية منتصف عام 1990م، وهي الحرب التي فقد فيها الاشتراكي ذراعه العسكرية الجيش بالاضافة الى فقدانه عوامل قوته الاقتصادية والاعلامية والأمنية التي كان يحتفظ بها خلال سنوات تقاسم السلطة بعد الوحدة مع حزب المؤتمر الشعبي العام وخروجه الى المعارضة. واستطاع الاشتراكي في مؤتمره العام الرابع أن يجعل فاعليات المؤتمر الدورة الانتخابية خلال خمسة أيام أهم حدث سياسي على صعيد احزاب المعارضة في اليمن خلال عام 2000م، اذ تمكن من تجاوز ما وصفه قياديوه ب"محاولات السلطة تفكيك الحزب وافشال المؤتمر العام عبر وسائلها الاعلامية وتدخلها في شؤون الحزب واغراء عدد من اعضائه وارغام البعض الآخر على تحديد مواقف تعكر صفو اجتماعاته، بالاضافة الى سيل من التهم ضد الحزب مثل التوجهات الانفصالية والتخريب الأمني والتراجع عن الديموقراطية وعدم الاعتراف بالشرعية الدستورية وتبني الخطاب الانفصالي التشطيري". وكانت هناك أطراف في قيادة الحزب طالبت علناً باعادة النظر في مسألة الوحدة اليمنية ضمن وثائق الحزب واقرارها في المؤتمر العام، وبالتالي عكست توجهات عضوي المكتب السياسي محمد حيدرة مسدوس وحسن باعوم اختلالاً خطيراً في توجهات الحزب. غير ان اجماع اعضاء المؤتمر على طردهما من الاجتماعات فوت فرصة تفكيك الحزب بأيدي بعض قادته على رغم ان مسدوس وباعوم عادا الى صفوف المكتب السياسي انتخابياً في غيابهما وفق سيناريو التوازن السياسي والمناطقي الذي غلب على نتائج الدورة الانتخابية للاشتراكي، وبالتالي أسهم هذا التوازن في امتصاص حالة الغليان بداخله والتغلب على المخاوف من فشل التئام كيانه من جديد. ولم يستطع الحزب الاشتراكي - في مؤتمره العام - الخروج بصيغة لتهدئة جبهة الصراع والخلاف مع الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام بل تبنى قضايا تم تمريرها بقصد اغاظة الحكم والحزب الحاكم تمثلت في انتخاب قائمة من 41 عضواً في اللجنة المركزية من قيادات "الخارج" وفي طليعتهم علي سالم البيض أمينه العام السابق الذي هو على رأس قائمة ال16 المحكوم عليهم قضائياً بالاعدام عام 1998م بتهمة الخيانة العظمى. الاشتراكي اليمني خطا خطوة مهمة على طريق مستقبله في العمل الحزبي من خلال وجوده في جبهة المعارضة بنجاح دورته الانتخابية على الأقل بحسب تقديراته هو، غير انه فشل حتى اليوم في خلق ظروف جديدة تفتح حواراً مع الحكم أو الأصح انه لم يحاول أن يخطو خطوة كهذه كانت منتظرة باعتبار أن قيادته الجديدة بزعامة الأمين العام علي صالح عباد مقبل والمنتخبة عبر مندوبي المؤتمر العام أصبح لها قوة الشرعية التي كانت بحاجة اليها دعماً لخطوات سياسية من هذا القبيل... لكنها لم تتحقق حتى الآن ربما لطبيعة حساسية الصراع والخصومة السياسية بين الطرفين.