"الملك بقي ملكاً"... هذا هو افضل ما يمكن ان يقال عما اسفرت عنه حفلة الاتحاد الدولي لكرة القدم التي اقامها في روما لاختيار افضل لاعب في القرن الماضي، فعلى رغم ديبلوماسية الرئيس جوزف بلاتر ومحاولاته لتلميع صورة الأرجنتيني دييغو ارماندو مارادونا فان البرازيلي ادسون ارانتيس دو ناسيمنتو الملقب "بيليه" حصل على اللقب الرسمي في حين اكتفى "المارد القصير" بلقب لاعب القرن شعبياً. بيليه هو بالتأكيد اسطورة رياضية لن تتكرر على مر العصور، ولا يمكن ابداً ان يختلف اثنان على انه الرياضي الأول في القرن الماضي. واسم بيليه عنى دائماً كرة القدم لمن عاصره او لم يعاصره، وشهرته لم تتوقف عند جيله بل تخطته بأجيال عدة حتى وصلت الى الجيل الحالي، ولو سألت شاباً صغيراً من هو افضل لاعب من العالم؟... رد على الفور: بيليه، حتى ولو لم يكن قد شهده يلعب ابداً. اعتزل رسمياً منذ ما يقرب من عشرين عاماً بعد ان لعب 1321 مباراة وسجل 1285 هدفاً ومع ذلك ظل اسمه في الاذهان يخطر على البال كلما مرت كرة عابرة، وهو اشهر من ارتدى الرقم 10 وتهافت النجوم من بعده على ارتدائه تيمناً به. "الجوهرة السوداء" كانت اشهر الالقاب التي اطلقت عليه والتصقت به حتى يومنا هذا، اعطى لناديه سانتوس ولمنتخب بلاده الكثير وحقق معهما انجازات لا تحصى. وعندما بلغ الخمسين اقيم له مهرجان تكريم اشبه بالخيال على ملعب سان سيرو في مدينة ميلانو الايطالية وكانت فقرته الرئىسية مباراة ودية بين منتخب البرازيل ومنتخب نجوم العالم، لعب بيليه خلالها 42 دقيقة تاريخية. وخص الله بيليه بموهبة عرف كيف يصقلها، وكانت مهاراته الفنية المتنوعة ركيزة اساسية في وصوله الى القمة. قيل عنه انه كان قادراً، عندما كان عمره 8 سنوات، على "تنطيط" برتقالة صغيرة بقدمه لأكثر من ألف مرة من دون ان تلمس الارض طبعاً. ولا احد ينسى عندما شارك في مونديال 58 في السويد وعمره 17 عاماً ولعب المباراة النهائىة امام منتخب الدولة المضيفة وقدم لمحة فنية لم تتكرر حتى الآن... وصلته الكرة عالية فأمتصها على صدره ورفعها من فوق كتفه ثم دار على نفسه 180 درجة وواجه الحارس السويدي سفنسون، وقبل ان تصل الكرة الى الارض سددها داخل شباكه. وفي مونديال 70 في المكسيك لمح بيليه، وهو داخل دائرة منتصف الملعب، الحارس التشيخي فيكتور وقد خرج بعيداً عن مرماه فعالجه بتسديدة من بعد 50 متراً كاد يحرز منها هدفاً نادراً لولا ان الكرة خرجت بجوار القائم بقليل. البداية ولد بيليه في 23 تشرين الأول اكتوبر 1940 في قرية صغيرة اسمها "تريس كوراسون" اي القلوب الثلاثة في ولاية ميناس جيرايس، وعلى رغم ان والده لعب محترفاً في نادي باورو احد اندية الدرجة الثانية فإن ذلك لم يبعد عنه شبح الفقر واضطر الى العمل ماسحاً للأحذية في صغره حتى يؤمن قوت يومه. وعندما بلغ الحادية عشرة كون اول فريق من بين اصدقائه واطلق عليه "سيتي دي سبتمبرو" اي السابع من ايلول سبتمبر وشارك به في مباريات على مستوى الحواري والمناطق. ومن هناك اكتسب اسم بيليه من دون ان يعرف له معنى، وهو ذكر اخيراً في حفلة روما ان والده هو الذي اطلق عليه هذا اللقب. واكتشفه احد مشجعي سانتوس وعمل على ضمه الى الفريق وهو ما حدث بالفعل. ومع سانتوس كانت بدايته الحقيقية، ولعب له من عام 1956 وحتى 1974 خاض خلالها 1114 مباراة وسجل له 1088 هدفاً، وكانت مباراته الرسمية الأولى مع سانتوس امام كورنثيانز ضمن بطولة ولاية ساوباولو وتحديداً في 7 ايلول 1956 وانتهت لمصلحة فريقه 7-1 وسجل بيليه هدفاً واحداً. وفي 21 تشرين الثاني نوفمبر احرز بيليه 8 اهداف في مباراة واحدة عندما فاز سانتوس على بوتافوغو 11-صفر، وهو يعتز بهدفين اثنين من اهدافه الكثيرة اولهما الهدف الذي سجله عام 1961 في مرمى فلوميينزي عندما تسلم الكرة من منطقة جزاء فريقه وجرى بها مراوغاً كل من قابله ثم اودعها الشباك، والثاني هو الهدف رقم 1000 الذي احرزه في مرمى فاسكو داغاما وتحولت لحظة تسجيل هذا الهدف الذي جاء من ركلة جزاء الى مهرجان لم تعرف له البرازيل مثيلاً الا عندما احرزت كأس العالم 4 مرات. ففي 10 تشرين الثاني 1969 وعلى ملعب ماراكانا، احتسبت ركلة جزاء لسانتوس تصدى لها بيليه وهو يرتعد لأنه يعلم انه في حال تسجيلها سيرفع رصيده من الأهداف الى 1000، وتغلب العملاق على خوفه وحقق مبتغاه. ولم تترك السلطات البرازيلية الفرصة تضيع هباء، وأصدرت طابعاً بريدياً يحمل صورته وهو يثب في الهواء رافعاً قبضته اليمنى ويرتدي زي المنتخب. وكتب على الطابع "1000 هدف لبيليه" بالحرف الكبير، وادسون ارانتيس دو ناسيمنتو بالصغير. انجازات لا تعد ولا تحصى وانجازات بيليه كثيرة جداً ابرزها انه قاد سانتوس الى احراز بطولة ولاية ساو باولو اعوام 58 و60 و61 و62 و64 و67 و68 و74، وكأس البرازيل 68. توج هدافاً للبطولة المحلية 14 مرة من عام 1957 الى 1965 ومن 1969 الى 1973. وشارك مع سانتوس في الفوز بكأس اميركا الجنوبية "ليبرتادوريس" عامي 61 و62 وكأس اندية العالم "انتركونتيننتال" عام 62 و63. وفاز في المرة الأولى على بنفيكا البرتغالي 3-2 ذهاباً وسجل بيليه هدفين وكوتينيو هدفاً فيما سجل سانتانا هدفي بنفيكا... وفاز اياباً 5-2 في لشبونة وسجل بيليه 3 أهداف وكوتينيو وبيبيه هدفاً لكل منهما وأحرز هدفي بنفيكا سانتانا واوزيبيو. وفي المرة الثانية ميلان الايطالي على سانتوس 4-2 ذهاباً وفاز سانتوس بالنتيجة نفسها اياباً. وفي المباراة الفاصلة التي اقيمت في ريو دي جانيرو فاز سانتوس 1-صفر. وأحرز بيليه هدفي المباراة الاولى فيما سجل لميلان جيوفاتي تاباتوني مدرب فيورينتينا حالياً والبرازيلي اماريلدو 2 وموراص، وفي الثانية سجل لسانتوس بيبيه 2 وفلافيو وليما وسجل لميلان التافيني ومورا. اما هدف المباراة الفاصلة لسانتوس فكان من نصيب دالمو من ركلة جزاء. وتحت اغراء الدولارات وحب نشر اللعب في الولاياتالمتحدة الاميركية، لعب بيليه لكوزموس نيويورك من 1975 الى 1977، وخاض معه 105 مباريات سجل خلالها 55 هدفاً وفاز معه بالبطولة الأميركية مرة واحدة. انجازات دولية انضم بيليه الى منتخب البرازيل بعد عام واحد فقط على ظهوره مع سانتوس حيث رأى فيه المدرب فيولا خامة جيدة فتبناه وتولاه برعايته. ولعب بيليه أول مباراة له مع المنتخب، قبل أن يبلغ سن السابعة عشرة بثلاثة أشهر، ضد الأرجنتين في 7 تموز يوليو على ملعب ماراكانا. لعب بيليه دوراً بارزاً في تجربته الأولى في كأس العالم 58 وساهم في فوز بلاده باللقب، وساهم في فوزها أيضاً بكأسي 62 و70 وغاب عن كأس 66 بعد أن شارك في مباراة واحدة أمام بلغاريا في الدور الأول. وخاض مع المنتخب 109 مباريات سجل خلالها 97 هدفاً من بينها 12 في نهائيات كأس العالم. حياة رغدة لقد برع الكثيرون قبل بيليه وبعده ومع ذلك لم يصلوا الى مستواه على الصعيدين الفني والاجتماعي، فلقد عرف بيليه كيف يستثمر علاقاته ليظل دائماً محط أنظار الإعلام في كل مكان... وعرف كيف يصبح رجل أعمال ناجحاً بعدما وظف أمواله في شركاته التجارية المتنوعة الأنشطة واستغل شهرته في الترويج لها فتضاعفت ثروته أضعافاً. انسان سعيد في حياته لم يؤثر عليه طلاقه من زوجته الأولى روز وعلاقته مع أبنائه منها ادينيو وكيلي وجينفر طيبة لغاية على رغم زواجه الثاني. يمضي أشهر السنة بالتساوي بين البرازيلوالولاياتالمتحدة يلحق الطقس الحار لأنه لا يطيق الطقس البارد. الجوائز الأخرى اراد بلاتر ان يحظى بحب الجميع، وان يكسب الى صفوفه الفريقين المنقسمين حول ايهما احق بلقب لاعب القرن... بيليه ام مارادونا؟ واستخدم بلاتر ديبلوماسيته كالعادة، في مهرجان توزيع الجوائز في روما، بتخصيصه جائزتين للاعب القرن بعد الجدل العقيم الذي سبق مهرجان التوزيع بين النجمين الاسطوريين. وفاز مارادونا أ ف ب باستفتاء المستطلعين الشباب على شبكة الانترنت بنسبة 60،53 في المئة وهي طبعاً جائزة ترضية لا أكثر، وفي الاستفتاء الرسمي لم ينل من قبل لجنة الشخصيات البارزة والمنتدبة من قبل الاتحاد الدولي الا 6 في المئة، جعلته يحتل المركز الثالث خلف مواطنه الفريدو دي ستيفانو 5،9 في المئة في مقابل 75،72 في المئة لبيليه، كما انه لم يحصل على اي صوت في ترشيحات لجنة اللاعبين في مقابل 5،87 لبيليه، في حين نال 12 في المئة من اصوات المستفتين عبر مجلة "الفيفا". الا ان الحنكة الديبلوماسية لم تمنع احراج بلاتر الكبير امام المدعوين ، والذي تجسد في مغادرة مارادونا القاعة مباشرة بعد تسلمه جائزته من دون ان يحضر تسليم الجائزة الثانية لبيليه، متذرعاً بانه يريد العودة بسرعة الى الارجنتين. زيدان لاعب 2000 وشهدت عملية التصويت لاختيار افضل لاعب للعام الحالي منافسة محتدمة بين الفرنسي زين الدين زيدان والبرتغالي لويس فيغو، وفاز الاول بفارق 41 نقطة فقط 370 مقابل 329، بينما حل البرازيلي ريفالدو، افضل لاعب العام الماضي، ثالثاً 269. وكما كان متوقعاً، حصل ريال مدريد على لقب فريق القرن في ظل امتلاكه السجل الاغنى على صعيد الانجازات، والتي شملت خصوصاً تتويجه بطلاً لكأس الاندية الاوروبية البطلة دوري ابطال اوروبا حالياً 8 مرات، آخرها الموسم الماضي، وهو رقم قياسي. وحصل ريال مدريد على 35،42 في المئة من عدد الاصوات في مقابل 69،9 في المئة لمانشستر يونايتد الانكليزي و18،9 في المئة لبايرن ميونيخ الالماني، علماً بان عملية الاختيار لم تشمل استطلاعاً عبر شبكة الانترنت، والتي كانت ستصب بالتأكيد في مصلحة النادي الانكليزي. ومنح الاتحاد الدولي جائزة اللعب النظيف الى الجنوب افريقي لوكاس راديبي، قائد منتخب بلاده وفريق ليدز يونايتد الانكليزي، لنضاله العنيد ضد التمييز العنصري في كرة القدم وفي المجتمع ايضاً كونه خصص قسماً كبيراً من وقته وجهده للعمل مع الاطفال في "سويتو" بالتعاون مع منظمة قرى الاطفال في بلاده. ونالت الاميركية ميشيل ايكرز والصينية سون وين جائزتي لاعبتي القرن، ومنتخب هولندا على جائزة افضل منتخب للعام الحالي، واختير منتخب اليابان الافضل في آسيا، وكولومبيا اميركا الجنوبية ونيجيريا افريقيا وهندوراس اميركا الشمالية واستراليا اوقيانيا. كما نال منتخب البرازيل للرجال ومنتخب المانيا للسيدات جائزتي اللعب النظيف في دورة العاب سيدني الاولمبية.