لم يحقق لاعب كرة قدم ما حققه البرازيلي بيليه، وربما يمر القرن المقبل، الحادي والعشرون، من دون ان يتمكن لاعب آخر من تكرار إنجازات بيليه. ولغة الارقام لا تكذب عند الحديث عن بيليه: - الوحيد الذي أحرز الميدالية الذهبية لكأس العالم ثلاث مرات في دورات 58 و62 و1970 وحرمته الاصابات المقصودة، من منافسيه، من إحراز لقب رابع عام 1966. - الوحيد الذي أحرز 1283 هدفاً ، وهو رقم يزيد على مجموع ما سجله النجوم مارادونا وكرويف وبلاتيني معاً. وجمع بيليه كل صفات النجم الفارس: مهارات فنية بلا حدود، واخلاق عالية وتواضع جم، وهي عناصر كفلت له نجاحاً دائماً في البرازيل وخارجها، ووصل الى اعلى المناصب حتى بات وزيراً للرياضة، وهو الرجل الذي يعرفه عشاق الكرة في كل مكان في العالم لأنه السفير الاول لتلك الرياضة الشعبية. نشأ بيليه في أسرة متواضعة، واضطرته الظروف إلى العمل ماسحاً للاحذية، لكنه لم يهمل هوايته ابداً واستغل موهبته جيداً، واستمع الى النصائح وأبرزها من مدربه فالديمار دي بريتو نجم البرازيل في كأس العالم 1934 الذي نصحه باللعب مع سانتوس. ومن 1956 الى 1974 عاش بيليه في احضان النادي البرازيلي العريق وقاده الى إحراز كل البطولات الممكنة محلياً وقارياً وعالمياً، ورفض كل العروض والاغراءات التي لاحقته من الاندية الاوروبية لا سيما الاسبانية والايطالية. ودولياً، حقق بيليه للبرازيليين طموحاتهم الكبيرة والتي ظلت دائما بعيدة المنال. وكان المنتخب البرازيلي خسر بطولات كأس العالم 38 و50 و1954 وهو الطرف المرشح باستمرار للفوز او المنافسة على اللقب، وعندما جاء بيليه وشارك ضمن المنتخب الذهبي في نهائيات السويد 1958، وكان اصغر اللاعبين على الاطلاق، تمكنت البرازيل من احراز اللقب في قارة اوروبا، وكانت المرة الاولى والاخيرة التي يتمكن فيها فريق غير اوروبي من احراز اللقب في تلك القارة، وتوج بيليه نجماً وهدافا لفريقه في البطولة. تعرض بيليه، المراوغ الزئبقي، لكل أنواع العنف والخشونة للحيلولة دون تفوقه وفاعليته، الامر الذي أدى لإصابته كثيرا، ولم يتمكن من إكمال نهائيات كأس العالم 1962 و1966 في تشيلي وانكلترا. عندما اكتمل نضجه وبات قادراً على الهروب من الايذاء، تمكن بيليه من اكمال نهائيات كأس العالم 1970 حتى المباراة الاخيرة، وقدم خلالها دروساً خارقة في المهارات الفردية للمراوغة والتمرير وصنع الاهداف وتسجيلها... ولا تزال مراوغته الاسطورية لحارس مرمى الاوروغواي، من دون ان يلمس الكرة أو يسير في اتجاهها، نموذجاً للبراعة البشرية رغم ان تلك اللعبة لم تسفر عن هدف. وتوجت البرازيل بطلة لتلك الكأس بعد نصر تاريخي على ايطاليا 4-1 في النهائي. وسجل بيليه الهدف الاول برأسه وصنع الرابع وفقد معظم ملابسه بعد صفارة النهاية إزاء الاكتساح الجبار من جماهير البرازيل لأرض الملعب. وفي مطار ريو دي جانيرو استقبله رئيس البرازيل بعبارته الشهيرة "أهلا يا ملك". ومع الإبداع المهاري لدى بيليه ووفرة اهدافه بعدد لم يصل اليه لاعب آخر، فإنه طور شقاً جديداً وفريداً لم يلحظه الكثيرون في تلك الفترة واصبح حالياً من أهم عناصر اللعبة وهو الاهتمام بأداء الواجب الدفاعي. وما اكثر المرات التي اضطر بيليه خلالها للمهاجمة والزحلقة على الارض لقطع الكرات في حين كان المهاجمون في كل انحاء العالم يعتقدون ان ادوارهم تنتهي بضياع الكرة من فريقهم. * أرقام وانجازات - اديسون ارانتس دو ناسيمنتو هو الاسم الحقيقي لبيليه. ولد في 30 تشرين الاول اكتوبر 1940 في تريس كوراكوس في البرازيل، ووالده دودينيو كان لاعب كرة القدم. - 1956، انضم الى نادي سانتوس ولعب له قبل ان يكمل سن ال16، وسجل هدفه الاول في مرمى كورينثيانز في ايلول سبتمبر، وأنهى الموسم برصيد 32 هدفاً واصبح اصغر لاعب في البرازيل ينال لقب الهداف. - 1957، لعب مباراته الدولية الاولى ضد الارجنتين وسجل هدف بلاده الوحيد. - 1958، شارك في نهائيات كأس العالم في السويد، ولعب اساسياً في المباريات الاربع الاخيرة وسجل ستة اهداف بينها هدفان في المباراة النهائية، وكان النجم الاول للدورة واصغر لاعب يفوز بذهبية كأس العالم. - 1959، سجل 126 هدفاً في موسم واحد مع منتخب الجيش ونادي سانتوس ومنتخب البرازيل، وهو رقم قياسي لأكبر عدد من الاهداف في موسم واحد. - 1969، سجل من ركلة جزاء هدفاً لسانتوس في مرمى فاسكو دا غاما، وهو الهدف الرقم 1000 في تاريخه. - 1970، قاد منتخب البرازيل للفوز بكأس العالم للمرة الثالثة والاحتفاظ بكأس جول ريميه الى الأبد، وبات أول وآخر لاعب يفوز بالكأس ثلاث مرات. - 1971، لعب مباراته الدولية الاخيرة، الرقم 111 في سجله، ضد يوغوسلافيا في ريو دي جانيرو. - 1974، اعتزل محلياً في البرازيل ولعب مباراته الاخيرة مع سانتوس ضد بونتي بريتا. - 1975، احترف لنادي كوزموس نيويورك الاميركي مقابل 5،4 مليون دولار. - 1976، انتخب احسن لاعب في الدوري الاميركي. - 1977، قاد كوزموس للفوز على سياتل في نهائي الدوري الاميركي واحراز اللقب، واعتزل نهائياً في تشرين الاول اكتوبر بمباراة بين سانتوس وكوزموس حيث لعب شوطاً لكل فريق.