سقط 23 قتيلاً و55 جريحاً إثر هجوم نفذه ثلاثة مسلحين ينتمون إلى جماعة "التكفير والهجرة" المتطرفة في السودان على مسجد يتبع لجماعة "أنصار السنة" السلفية في قرية الجرافة في شمال الخرطوم، خلال صلاة التراويح ليل الجمعة - السبت. وقطع التلفزيون السوداني برامجه ليبث تلاوة من القرآن الكريم، مما أثار القلق في أوساط المواطنين، وحمل على الاعتقاد بأن مواجهة مسلحة وقعت بين الحكومة والمعارضة بعد اتهام السلطات الأمنية "التجمع الوطني الديموقراطي" في الداخل التخطيط لهجمات في مدن شمالية وجنوبية وتخريب منشآت ومرافق استراتيجية، بدعم من الولاياتالمتحدة. وأعلنت الشرطة في بيان بثه التلفزيون أن المصلين في مسجد أبو بكر الصديق في قرية الجرافة والذي يتبع لجماعة "أنصار السنة" كانوا مستغرقين في صلاة التراويح عندما دخل عليهم شخص يدعى عباس الباقر عباس يحمل رشاشاً وكمية من الذخيرة، وراح يطلق النار في اتجاه المصلين الذين سقط منهم 20 قتيلاً وأكثر من 40 جريحاً إصابات بعضهم خطرة. وأفاد البيان ان الشرطة هرعت إلى المكان وحاصرت المسجد وتبادلت النار مع المهاجم الذي أصاب أحد رجال الشرطة التي اشتبكت معه قبل أن يقتل. لكن شهوداً وبعض المصابين قالوا ل"الحياة" إن المهاجمين كانوا ثلاثة، وأنهم دخلوا من أبواب المسجد واطلقوا الرصاص عشوائياً في اتجاه المصلين، مما اوقع ستة قتلى على الفور واصابة عشرات. وتوفي 14 آخرون متأثرين بجراحهم خلال نقلهم إلى مستشفى في مدينة أم درمان القريبة. وقتل عباس ثلاثة آخرين في الطريق عقب خروجه من المسجد المجاور لثكنة تابعة لسلاح المدرعات في منطقة وادي سيدنا العسكرية في شمال أم درمان، وادخل إلى المستشفى 55 جريحاً سبعة منهم في حال الخطر. وروى إمام المسجد، الذي وقع فيه الحادث، بشير إبراهيم محي الدين أنه بعد أن تهيأ لأداء الركعة الثانية من الصلاة تناهى إلى سمعه وقع أقدام مسرعة في اتجاه الباب الغربي "وعند الركوع بدأ اطلاق الرصاص على المصلين بغزارة"، وشعر الإمام أن من خلفه سقطوا أرضاً وساد ارتباك وتحول المسجد بركة من الدماء. وأوضح ان مدة اطلاق النار لم تتجاوز دقائق معدودة. وذكر أن زعيم المجموعة عباس الباقر معروف للمصلين، وهو ينتمي إلى جماعة "التكفير والهجرة". وكان يتردد على المسجد في فترات متفاوتة، لكنه يصلي منفرداً، ويفتي دوماً بكفر الدولة والمجتمع، وظل يهدد بأنه سيكرر ما فعله الخليفي في العام 1994 عندما هاجم مسجداً في حادثة مماثلة. وأفاد إسماعيل الباقر، شقيق الجاني، ان عباس صلى صلاة العصر يوم الجمعة في مسجد "أنصار السنة"، أي قبل هجومه على المصلين لدى ادائهم صلاة التراويح. ووصف اسماعيل سلوك شقيقه بأنه كان عادياً ولم يكن يظهر أي توتر. وعلى رغم تأكيد الشهود وبعض المصابين ان الجناة كانوا ثلاثة، إلا أن مدير شرطة الخرطوم اللواء عثمان جعفر قال إن الشرطة تجري تحريات لتحديد ما إذا كان مع الجاني القتيل شركاء أو أنه ارتكب الحادث بمفرده، ونفى أي تقصير من جانب الشرطة، وأكد أن حضورها إلى موقع الحدث في وقت وجيز ساهم في احتواء الموقف. وتظاهر أمس مئات من جماعة "أنصار السنة" أمام مستشفى أم درمان الذي يتلقى فيه المصابون العلاج، مرددين هتافات تطالب بالقصاص من مرتكبي الحادث، وطالبوا السلطات التعامل بحسم مع المتطرفين الذين "يتلذذون بدماء الآخرين". وأنشأت الجماعة عدداً من المساجد في أنحاء البلاد، وكثيراً ما وجه أئمتها انتقادات للجماعات المتطرفة ورجال الطرق الصوفية الذين تتهمهم بممارسة البدع.