تبدأ غداً جولة الإعادة الدورة الثانية في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية المصرية وسط أجواء متوترة بسبب حوادث عنف محلية شهدها بعض الدوائر في الايام الماضية، أسفرت عن مقتل شخص واصابة العشرات واعتقال 145. وزاد من سخونة الاجواء ارتفاع حدة التوتر في صفوف الحزب الوطني الحاكم بعد الخسائر التي مُني بها، وتعرض قادته لانتقادات عنيفة من مسؤولين وكتاب محسوبين عليه. يواجه الحزب الوطني الحاكم في مصر مأزقاً حرجاً في جولة الاعادة الدورة الثانية من الانتخابات البرلمانية في 63 دائرة في تسع محافظات، بعدما خسر40 مقعداً في الجولة الاولى، يتنافس عليها المنشقون عنه والمستقلون والمعارضة. وكان الحزب حصل على 11 مقعداً في الجولة الأولى الاحد الماضي، وفاز المستقلون بتسعة مقاعد، فيما فشلت المعارضة في تحقيق اي فوز، لكن 24 من أنصارها يخوضون منافسات الاعادة منهم 14 من "الاخوان المسلمين" وثلاثة من التجمع ومثلهم من الوفد وأربعة عن الناصريين منهم اثنان مستقلان عن الحزب. ويخوض هذه الجولة 232 مرشحاً منهم 149 مستقلاً غالبيتهم من المنشقين عن الحزب الوطني، لكن غالبيتهم عاودت الاتصال به لترفع عدد نوابه من 59 الى 118 نائباً وتزيد نسبة تمثيله من أربعين الى ثمانين في المئة. وقبل يوم واحد من جولة الاعادة تعرض الحزب الحاكم الى انتقادات عنيفة من رؤساء تحرير صحف قومية، محسوبين على الحكومة، معتبرين أن نتائج المرحلتين تأكيد لفشل قادته في ادائهم وانهيار في شعبيته. و دعا هؤلاء إلى تغييرات جذرية في قيادة الحزب لانقاذه من التدهوروضخ دماء جديدة في شرايينه تتيح له التعامل مع المتغيرات الجديدة. وتأتي هذه الانتقادات في سياق أجواء تشير إلى احتمال حدوث تغييرات واسعة في صفوف قيادة الحزب والمحافظين عقب الانتخابات، إذ تعكف جهات عدة على إعداد تقارير عن المرحلة المقبلة والأساليب الملائمة للتعامل معه، بعدما أظهرت النتائج حتى الآن تمثيل كل ألوان الطيف السياسي في البرلمان الجديد، وحدوث طفرة في عدد كتلة نواب المعارضة والمستقلين ودخول الاسلاميين مجدداً على الخط. وزادت هذه الأجواء من الإرتباك في صفوف الحزب، إذ لجأ بعض مرشحيه إلى التنسيق في جولة الإعادة مع منافسيهم من أحزاب المعارضة ضد زملائهم من الحزب، أو مع المنشقين، وهو ما وصفه مراقبون ب"التخبط والصراع" داخل الحزب والذي زاد من خسائره الرسمية ويتوقع ان يتسبب في خسائر أفدح في المرحلة الثالثة التي تضم العاصمة القاهرة وتنطلق الاربعاء المقبل جولتها الأولى. وتشير التقديرات الأولية إلى استمرار احتفاظ المنشقين والمستقلين بصدارة نتائج المرحلة الثانية وتثبيت انفسهم كظاهرة في المجتمع أكدت رغبة الناخب في اختيارهم بدلاً من مرشحي الاحزاب. وهم استحوذوا في المرحلة الأولى على نحو ستين في المئة من المقاعد وينتظر تكرار هذه النتيجة مجدداً رغم زيادة أعداد مرشحي المعارضة الذين يخوضون الجولة الجديدة مقارنة بالمرحلة السابقة. وتبرز في الجولة المقبلة كتلة المستقلين المعارضين، وجميعهم من محافظة الغربية وكانوا من رموز البرلمان السابق وهم فكري الجزار في دائرة قطور والدكتور ابراهيم عوارة وعبدالمنعم العليمي في طنطا وتوفيق زغلول في دائرة السنطة. وقاد هؤلاء تكتل المستقلين في برلمان العام 1990 وأحرجوا الحكومة في العديد من الاستجوابات. وسيؤدي فوز هذه الكتلة إلى تأسيس تجمع قوي للمعارضة المستقلة في البرلمان على خلفية عودة برلمانيين بارزين في انتخابات المرحلة الأولى ومنهم فاروق متولي ورفعت بشير وعادل عيد ومحمد البدرشيني، وجميعهم نواب سابقون تبنوا مواقف معارضة من الحكومة كانت ذات تأثير واضح على الرأي العام.