تفاوت التحليل الى درجة الاختلاف لدى المتابعين لنتائج مؤتمر القمة الاسلامية التاسعة، التي اختتمت اعمالها في الدوحة أخيراً، في ما يتعلق بالكويت والعراق. فثمة مراقبون اعتبروا الفقرات التي وردت في البيان الختامي للقمة الاسلامية في هذا الشأن بأنها الأهم، واعتبروا ان اختراقاً نوعياً لهذا الملف قد حصل فعلاً، فيما ذهب البعض الآخر الى فهم نتائج القمة بهذا الخصوص على انها توافق كويتي - عراقي وتجاوب او تساهل في الموقف الكويتي. هذه التحليلات والآراء لم تأتِ بالتأكيد من فراغ، فهي استندت الى سببين رئيسيين. يتمثل الاول ربما في قبول الكويت بالحضور والمشاركة في القمة التاسعة من دون تحفظ علني، على رغم حجم الزخم الاعلامي الذي أولته الدوحة بصفتها الدولة المضيفة للقمة في ما يتعلق برؤيتها الى ملف الغزو العراقي للكويت ومستقبل المنطقة. اما السبب الثاني فيتمثل في قبول الكويت بالتعامل مع مصطلح "الحالة" بين الكويت والعراق، وهو المصطلح الذي اثار كثيراً من الجدل وردود الفعل. عبارة "الحالة بين الكويت والعراق" لم تكن شائعة او متداولة لكنها ايضاً لم تكن جديدة على المشتغلين في الاممالمتحدة - وكذلك بالنسبة الى الاطراف المعنية، الا انه من الواضح ان بعض الاطراف أراد استغلال هذا الوضع وعدم شيوع مصطلح الحالة لمآرب وغايات مختلفة ولتأويل الحقائق والمعلومات بصورة مختلفة تماماً عن الواقع. وردت عبارة "الحالة بين الكويت والعراق"، كما هو معلوم، في القرارات التي تبنتها القمة الاسلامية أخيراً، والتي نصت ايضاً على اتمام تنفيذ قرارات مجلس الامن والاسراع في حل مشكلة الاسرى والمفقودين الكويتيين الى جانب ضرورة احترام امن الكويت وسيادتها وسلامة أراضيها، وأي متمعن في هذه النصوص سيتأكد من ان الكويت لم تتنازل او تتساهل من جانبها في ما يتعلق بحقوقها التي اكدت شرعيتها قرارات الاممالمتحدة ومجلس الامن ذات الصلة بالغزو العراقي. واذا ما توقفنا عند مصطلح "الحالة" نجد انه يعكس حقيقة الامر والوضع بصورة اوضح وأدق ايضاً. فالنظام العراقي اضحى فعلاً حالة من ناحية الحجم والشكل، اذ ان ممارسات هذا النظام وسياساته العدوانية ازاء دول منطقة الخليج والعالم ككل والتعنت في تطبيق القرارات الدولية تشكل حالة شاذة ومزمنة ايضاً. والغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990 ليس سوى فعل ودليل على ان النظام العراقي هو فعلاً حالة، ولعل القول الاصح هو ان النظام العراقي حالة شاذة لم يشهدها تاريخ الأمس ولا المعاصر. ولعله من المفيد التأكيد على ان ما يعني الكويت في النهاية ليس طبيعة المفردات واستخدامات اللغة في حد ذاتها وانما مضمون النص الذي توصلت اليه القمة الإسلامية ومرتكزات هذا النص. فهو جاء مؤكداً لمبدأ احترام امن الكويت وسيادتها وسلامة اراضيها، وهو ما أكده الشيخ صباح الاحمد الصباح النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية عقب انتهاء اعمال القمة عندما قال "أن المسمى ليس المشكلة... حالة ام غزو، المهم هو تطبيق قرارات مجلس الامن". الدروس التي لم يستوعبها النظام العراقي عديدة على رغم مرور عشر سنوات على الغزو. وليس ثمة عذر في ذلك سوى ان حالة الشذوذ التي يعيشها النظام العراقي لا تبعث على الاستغراب او الاسف لعدم الاستفادة من الدروس، ولكن ما هو مؤسف ومحزن حقاً ان يتسابق البعض الى اشاعة صور ذهنية وترويج فهم خاطئ لما توصلت اليه القمة الاسلامية التاسعة او في ما يتعلق بنص قرارات مجلس الامن. * كاتب وصحافي كويتي.