انتهى الاستاذ في جامعة الأزهر عادل عبدالعزيز، من وضع معجم لألفاظ القرآن الكريم المفسرة بالآيات القرآنية، يعد الأول من نوعه، واستغرق العمل فيه 15 عاماً. واثبت عبدالعزيز أن القرآن الكريم حوى في نصوصه الكريمة تفسيراً لمعنى كل ألفاظه. وكشفت الدراسة التي تضمنها المعجم أن اللفظ في القرآن الكريم لا تفسره كلمة، وإنما تفسره جمله قد تكون جزءاً من آية واحدة من بين كل الآيات التي ورد فيها اللفظ نفسه. ومن أمثلة ما جاء في المعجم من ألفاظ وشرحها، الأجر، هو جزاء العمل، لقوله تعالى "ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". وقد تكون الجملة التي تفسر اللفظ القرآني مكونة من آية من الآيات الكريمات التي ورد فيها اللفظ ومن أمثلة ذلك، الوزير، وهو من يشد به الأزر ويشرك في الأمر، لقوله تعالى "واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري". وقد تكون الجملة التي تفسر الكلمة القرآنية موزعة في أكثر من سورة ومن امثلة ذلك، البدء، هو الفعل للمرة الأولى لقوله تعالى "كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين". "ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة". واكد عادل عبدالعزيز حرص القرآن الكريم على كون اللفظ لا تفسره كلمة، وإنما تفسره جملة، كما هو واضح من الأمثلة السابقة، وأنه لا يوجد ترادف في الكتاب المنزل، وأن اختلاف الألفاظ موجب لاختلاف المعاني في اللغة الواحدة. فليس "جاء" بمعنى "أتى" كما هو شائع، وليس "أتى" بمعنى "حضر"، ولا "سنة" بمعنى "عام" وإن اشتركت مثل تلك الألفاظ في جزء من المعنى. وهو ما يعرف باسم الدلالة العامة، أو المعنى العام للدلالة. ومن أمثلة ذلك، السنة، هي العلم بمنازل القمر، أي العلم بالشهور شهراً شهراً، لقوله تعالى "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين"، أما العام: فهو كل العدة، أي مجمل عدد شهور السنة، لقوله تعالى "أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة"، "يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله"، ولذلك يقول سبحانه "فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً". وواضح من الآية الكريمة أن السنة قد علم بها شهراً شهراً، أما الأعوام فهو لم يعلم بها، وتؤكد الآية الكريمة الآتية المعنى نفسه: "أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه اللهُ بعد موتها فأماته الله مئة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مئة عام". ولاحظ عبدالعزيز حرص القرآن الكريم على النص بمئة عام، ولم ينص بمئة سنة لعدم العلم بمنازل القمر. كما كشفت الدراسة عن أمر آخر لا يقل أهمية عما سبق، وهو أن اللفظ في القرآن الكريم ثابت المعنى في كل الآيات التي ورد فيها، وهذا أمر منطقي لأن المتحدث واحد هو الله سبحانه وتعالى. ويرى عبدالعزيز أن البيان القرآني كشف أن معنى ألفاظه ثابت في كل آياته وسوره. وما ورد من تعدد معنى اللفظ الواحد في القرآن الكريم في كتب التفسير، إنما هو بإرادة المفسرين أنفسهم، وليست مراده من الله عز وجل، حتى وصل الأمر بالمفسرين، في رأيه، أنهم جعلوا لكلمة "دين" ستة عشر معنى، ومع هذا فهو لا يُخطىء المفسرين الذين انتقلوا من المعاني الحقيقية للألفاظ الى معان مجازية، ما دام ذلك يعين على توصيل فكرتهم عن الآية الكريمة.