اعتبرت السيدة سهى عرفات ان اسرائيل تحاول فرض حلولها على الفلسطينيين وعلى "ابو عمار". لكنها قالت ان هذه المحاولات لن تنجح "فإذا كانت اسرائيل تدعي وتتصرف انها مجتمع حرب فكذلك فلسطين هي مجتمع حرب ولن نكون اول من يرضخ". واكدت السيدة الفلسطينية الاولى ل"الحياة" ان الشعب الفلسطيني "يواجه هذه الهمجية وهو موحد يقف صفاً واحداً بمختلف فئاته وأحزابه"، ولفتت الى ان نتيجة الانتفاضة الاولى "كانت جلوس جميع العرب مع بعضهم بعضاً الى طاولة المفاوضات في مدريد والانتفاضة الثانية لا بد ان تجمعنا مع السوريين واللبنانيين الى طاولة مفاوضات واحدة". وفي ما يأتي الحديث الذي جرى في مقر اقامة السيدة سهى عرفات في القاهرة حين شاركت في قمة المرأة العربية: ركز البيان الختامي لقمة المرأة العربية على دعم المرأة الفلسطينية، واعتبر الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد اللقاء بأنها قمة الانتفاضة والام الفلسطينية... - جاءت هذه القمة نتيجة لجهود مشكورة للسيدة سوزان مبارك والدكتور عصمت عبدالمجيد والسيدة بهية الحريري، أعتبر انعقادها ومشاركة السيدات الأوليات وغيرهن فيها وجعلها دورية كل عامين ومقرراتها تجعلها ناجحة وخطوة مباركة على طريق ابراز قضايا المرأة العربية المهمة والملحة. والنقاط التي ركز عليها البيان الختامي تعكس اهمية هذه القضايا. هل انت متفائلة بتنفيذ هذه القرارات؟ - اعتقد ان جدية وجهود القيمين على هذا المؤتمر وسجلهم العريق في العمل الاجتماعي وخدمة قضايا المرأة ستوفر حظاً كبيراً لتنفيذ القرارات الصعبة فهي ليست من النوع الذي يمكن تنفيذه بين ليلة وضحاها. انها خطوة اولى جيدة. ونحن السيدات الفلسطينيات لاقينا الكثير من المحبة والتعاطف والدعم. ساد اجواء المؤتمر توتر ملحوظ بين وفدي العراق والكويت، فهل كانت هناك محاولات توفيقية خلف الكواليس للعمل على تقارب وجهات بينهن؟ - حاولت السيدة سوزان مبارك والدكتور عصمت عبدالمجيد وجميعنا نشر اجواء المحبة والتسامح بين الوفدين، والمهمة لم تكن سهلة. اذ اقدر معاناة المرأة الكويتية التي لا تعلم شيئاً عن اسراها فإنني في الوقت نفسه اشعر بالالم العميق لما تعانيه المرأة العراقية والطفل العراقي والانسان العراقي نتيجة المقاطعة الاقتصادية المفروضة منذ اكثر من عشر سنوات، واعتقد أن علينا جميعاً الدعوة والعمل لرفع الحصار عن العراق. نجري هذا الحوار اليوم واسرائيل تقصف غزة بالصواريخ والبوارج، فما تقويح سهى عرفات للانتفاضة، وعملية السلام.؟ - اردنا لهذا الصراع ان يكون حضارياً وان ينتهي بمفاوضات سلمية. فوجئنا باسرائيل ونحن نصل الى الحل النهائي تمطرنا بوابل من الصواريخ والرصاص وشتى اعمال العنف والدمار. ونحن ندافع عن بيادرنا وبيوتنا ومساجدنا وكنائسنا واولادنا. الاسرائيليون يدخلون بيوتنا ويهدمون اقتصادنا ويدمرون آمالنا بالعيش الكريم والاستقلال. وشبابنا يرشقهم بالحجارة وهم بالاسلحة المدمرة. من الغريب جداً ان يواجه شباب واطفال الحجارة في القرن الواحد والعشرين بهذا الكم من التوحش. ان الشعب الفلسطيني يواجه هذه الهمجية وهو موحد يقف صفاً واحداً بمختلف فئاته واحزابه. ولدينا ايضاً الثقة الكاملة بأن يساعدنا اشقاؤنا العرب لنسترد ارضنا كافة من مزارع شبعا الى الجولان المحتل الى القدس والاراضي الفلسطينيةالمحتلة، لدينا كل الثقة بأننا سنسترد اسرى "حماس" وحزب الله وكل عربي محتجز اننا نحذر اسرائيل من ان تجعل من الفلسطينيين داخل اسرائيل كبش فداء، ولن نقبل ان يصنف أي فلسطيني او عربي انه مواطن درجة ثانية. الحل يكمن في ان تعود الامور المتعلقة بالحياة والارض كما كانت عليه قبل 5 حزيران يونيو 1967، وأي حل غير هذا يعني انه ليس حلاً لا في فلسطين ولا في المنطقة. اذا كانت اسرائيل تتصرف انها مجتمع حرب، فكذلك فلسطين هي مجتمع حرب، ولن نكون اول من يرضخ. ولو كان هناك عقلانية وعدالة اقليمية ودولية فعلى الجميع ان يبادر الى حل القضية الفلسطينية على اساس قرارات الاممالمتحدة لتولد فلسطين المستقلة الحرة الديموقراطية وعاصمتها القدس. ان اسرائيل لا تتحدث لغة السلام، ورئيس وزرائها فقد سلطته، وتحاول تغطية هزيمتها في لبنان على حساب الشعب الفلسطيني. نحن لا نخطط لنيل استقلالنا في ظل رئاسة جديدة في الولاياتالمتحدة او رئاسة حكومة في اسرائيل. لقد كانت نتيجة الانتفاضة الاولى جلوس جميع العرب مع بعضهم الى طاولة المفاوضات في مدريد، والانتفاضة الثانية لا بد ان تجمعنا مع السوريين واللبنانيين الى طاولة مفاوضات واحدة، لنحصل على حقوقنا على اساس الواقع الذي كان موجوداً قبل 5 حزيران 1967. ثم ان الموضوع يتخطى الاشخاص والحكومات ان الحكم الصهيوني يتخبط ويعيش انطفاء الحلم الصهيوني، وشعبه مشتت بين متدين وعلماني، بين مدني وعسكري، بين شرقي وغربي، بين مستوطن وحضاري، وشعبنا موحد بانتفاضته، وسجوننا فارغة من المطلوبين، واليوم "فتح" هي قاعدة الانتفاضة من هنا استهداف مكاتبها وقياداتها. ولكن كيف يمكن تحقيق كل هذا عملياً؟ - فلسطين هي الدولة العربية الوحيدة القابعة تحت الاحتلال، وابناء شعبنا يعيشون في المخيمات في شتى انحاء العالم العربي، من اجل تحقيق استقلالنا نطالب بوحدة عربية مع دولة فلسطين التي نأمل ان تعلن في اقرب وقت. ما اقوله ليس شعارات فارغة، بل مطلب لكل فلسطيني وعربي، وامل ان يعقد مجلس وزراء هذه الوحدة في فلسطين. ادعو عبر جريدة "الحياة" الوسائل الاعلامية من صحف وراديو وتلفزيون الى تخصيص برامج يومية من اجل الاعداد لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. كما ندعو العرب الى توجيه ديبلوماسيتهم من اجل كسب الدعم لدولة فلسطين، واذا كان ياسر عرفات مطوقاً وتمارس عليه الضغوط فلماذا لا تصدر مبادرات من الدول العربية لدعم هذه الدولة. هل كل هذا ممكن ضمن الاجواء العربية الحاضرة؟ - لمَ لا لقد شاهدنا الدعم المصري والدعم السعودي واجماعاً عربياً في القمة الاستثنائية على تقديم كل الدعم المادي والمعنوي والسياسي، والواقع اريد، هنا، ان اقدم باسمي واسم كل عائلة فلسطينية الشكر والتقدير الى الامير عبدالله ولي العهد السعودي والمملكة العربية السعودية على دعم الانسان الفلسطيني، واشير ايضاً الى دعم الامير خالد بن سلطان اليوم خلال مؤتمر "الحياة" السنوي في عمان. الشارع العربي والاسلامي دعم ويدعم الانتفاضة. واتفق الحكام العرب جميعهم على هذا الدعم الكريم. ونأمل في ان تفتح مصر والاردن حدودها مع فلسطين ولو بالقوة، لفك الحصار الاقتصادي عن الشعب الفلسطيني الذي تخطط اسرائيل لتجويعه وتركيعه اقتصادياً. اعتقد بأن علينا انهاء اعتماد اقتصادنا على اسرائيل وتنشيط ودفع اقتصادنا للاعتماد والتعاطي مع مصر والاردن على اساس انها الدول التي لدينا معها حدود برية. ومن ناحية اخرى تحدثت مع الاخوات المجتمعات عن وجوب بدء المقاطعة لكل البضائع والمنتوجات الاسرائيلية او التي لها أي علاقة مباشرة او غير مباشرة معها. هل تنوين القيام بجولة عربية من اجل دعم المرأة والاسرة الفلسطينية؟ - نحن نعيش انتفاضة صعبة وظروفنا قاسية، غالبا ما اكلف من القيادة بمهمات سياسية وغيرها، والدعم الاوروبي الانساني يقدم الكثير، خصوصاً في الحقل الطبي. واليوم وكغيري من الفلسطينيين اجند حياتي وحياة عائلتي لخدمة قضيتنا ومع انني لا اخطط اليوم لمثل هذه الجولة، لكنني سأقوم بكل ما يدعم قضية شعبي. ولكن كيف تسير حياة عائلة الرئيس ياسر عرفات اليوم ومنذ الانتفاضة؟ - كحياة أي عائلة فلسطينية، مضطربة وغير مستقرة، أبو عمار يكاد لا يتواجد في بلد معين يوماً واحداً. وانا وابنتي زهوة نحاول قدر المستطاع المحافظة على ما نستطيع من الحياة العادية، ولكنني اضطر الى السفر احياناً خارج غزة في مهمات مختلفة واصطحب ابنتي معي، ونلتقي ابو عمار في الخارج احياناً، وعندما اكون في غزة اقابل السيدات الفلسطينيات اللواتي يأتين لطلب المساعدة، وضعت ظروف الحياة الاقتصادية والنضالية الصعبة الكثير من الضغوط على العائلة الفلسطينية، على الوالد الذي لا يستطيع تأمين لقمة العيش والام التي تقدم شاباً تلو الآخر شهداء لقضية بلادهم، ثم هناك عملي في مختلف الجمعيات الخيرية الفلسطينية ومؤسسة فلسطين المستقبل للطفولة التي اسستها فور عودتنا الى غزة من تونس. وهناك ايضاً مؤسسة فلسطين المستقبل، وانا اعمل جاهدة لتوفير الدعم المادي لهذه الجمعيات. ولكنني اشعر اليوم وامام دمار مؤسستنا اننا عدنا خمسين عاماً الى الوراء، وانا احرص دوماً على زيارة المخيمات في لبنان، ومع تقديري لما قدمه اللبنانيون ويقدمونه الى القضية الفلسطينية، ولكنني اتمنى لو ان السلطة اللبنانية تعمل على تحسين ظروف حياة هؤلاء اللاجئين الذين يعيشون ظروفاً صعبة جداً. هيلاري كلينتون لا تتوقف عن مهاجمتك شخصياً؟ - أريد ان أضيع ولو بضع دقائق من وقتي للرد عليها. حديثك هذا يوحي لي بدخول المرأة الفلسطينية ودخولك عالم السياسة من بابه الواسع، فهل هذا صحيح؟ - المرأة الفلسطينية جزء من وطنها، على كل صعيد، فهي الفدائية، وهي الشهيدة، وهي الوزيرة، وهي عضو المجلس التشريعي، وهي القائدة بكل معنى الكلمة. وهي أم الشهيد واخته وزوجته وحبيبته، ولا أرى أي اختلاف أو تفاوت بين هذه الادوار.