منذ انطلاق انتفاضة الأقصى المباركة لاحظ المواطن العربي والمسلم أمراً ملفتاً للنظر. فعلى رغم كثافة التغطية الإعلامية خصوصاً من قبل بعض الفضائيات العربية تغطية راقية ودقيقة لأحداث الانتفاضة، مع استضافة الكثير من السياسيين المعنيين بهذا الشأن، وخصوصاً الفلسطينيين من محللين وناقدين وفاعلين. إلا أننا لم نشاهد نفراً من المسؤولين الفلسطينيين، كانوا من قبل ملأوا علينا الدنيا، عبر الشاشات والصحف وغيرها من الوسائل. وكانوا ينزلون في الفنادق الفاخرة أو في ضيافة أولبرايت وبن عامي أو حتى شارون الذي قال عنه أحدهم انه تغيّر، وهو ليس مجرماً، بل هو لطيف وودي! ولا شك في أن الأمور جرت بالطريقة نفسها عند الانتفاضة الأولى، ثم فجأة خرست أصواتهم، وتبخرت صورهم من الشاشات التي نحييها للدور الجبار الذي قامت به، خصوصاً تلك التي تتمتع بقسط من الحرية لم نتعوده، ولم تتعوده الأنظمة العربية. فراحت تشن حرباً هوجاء عليها، وترميها بتهم غليظة، لا لشيء إلا تمردها على لغة الخشب والأطروحات النمطية التي عفا عنها الزمان وسئمها المواطن. فهذه الانتفاضة المباركة أثبتت أن الشعب الفلسطيني أقوى من المفاوضين وأكثر شهامة منهم. الانتفاضة ليست "رسالة" الى واشنطن وتل أبيب، مثلما يقول السيد أبو مازن. الشهداء الذين سقطوا بشرف وكرامة لم يفعلوا ذلك إلا من أجل تحرير القدس، لا من أجل أن يبقى السماسرة يتاجرون بدمائهم ويحتقرون تضحياتهم. وقد شهدنا أيام الانتفاضة رجالاً من طينة أخرى يمثلون بحق هذا الشعب العزيز، وهم أولى بتصدر صفوفه. ونستطيع القول قياساً: "إذا حضر الماء بطل التيمم". وقد حضر هؤلاء البواسل فلم يعد من مبرر لاستمرار "الموسميين". فحتى التيمم طهر لا يرقون اليه.. الرباط - عكاشة أبو لقما