تدخلت فرنسا، ووصلت وزيرة خارجية اميركا ولو مكرهة الى باريس، وحضر ايهود باراك، وحضر ياسر عرفات، واجتمعوا على انفراد، وضمهم لقاء جماعي... ثم ماذا بعد؟ هل سيوقف باراك قتل الفلسطينيين؟ هل سيوقف هدم البيوت؟ هل سيوقف عمليات الاستيطان؟ هل سيوقف بناء الطرق الالتفافية؟ هل سينسحب الى حدود العام 1967؟ هل سيسلم بالسيادة الفلسطينية على القدس وعلى المسجد الأقصى؟ لا شيء من ذلك سيحدث، ولهذا نسأل لماذا جاء الى باريس، ولماذا يصر على ان يجتمع مع عرفات؟ هل سيحصل عرفات على السيادة الفلسطينية على المسجد الأقصى؟ هل سيحصل على الانسحاب الاسرائيلي حتى حدود العام 1967، هل سيحصل على قرار بعودة اللاجئين الفلسطينيين؟ هل سيحصل على موافقة اسرائيلية بسحب المستوطنات من الضفة الغربية وغزة؟ لا شيء من هذا سيحدث، ولهذا نسأل لماذا جاء عرفات الى باريس، ولماذا قبل ان يجتمع مع باراك؟ والسيدة مادلين اولبرايت، التي لا تكاد تخفي كرهها للمفاوض الفلسطيني، التي تتفنن في الإدلاء بالتصريحات المعادية للموقف الفلسطيني، وبمادا ستحاول ان تقنع الرجلين؟ بدعوة موجهة اليهما معاً لوقف اطلاق النار؟ بوضع مسؤولية متساوية على القاتل والقتيل؟ لقد فعلت اكثر من ذلك حين صرحت رافضة اعتبار انتفاضة الأقصى مشابهة للانتفاضة الفلسطينية السابقة والشهيرة، وذلك لأن الفلسطينيين استعملوا البنادق والمسدسات في هذه الانتفاضة ولم يكتفوا هذه المرة بالحجر. ولسان حال اولبرايت هنا ان استعمال السلاح هو من حق اسرائيل فقط، أما استعمال الدبابة فهو أمر عادي، وكذلك استعمال الصواريخ وطائرات الهليكوبتر. لسان حال اولبرايت هنا ان ال65 فلسطينياً قتلوا لأنهم خالفوا قوانين الاحتجاج "النظيف"، وان الوحش الاسرائيلي يملك مخالب يعرفها الجميع، فلماذا الاستغراب اذا ما أبرزها؟ وما دام هذا هو موقف اولبرايت، فإننا نسأل لماذا جاءت الى باريس؟ ولماذا ستذهب الى شرم الشيخ؟ والرئيس حسني مبارك، أعان الله الرئيس حسني مبارك، ماذا سيقول لباراك وعرفات واولبرايت حين يستضيفهم في شرم الشيخ؟ لا شيء يقال، الا اذا كان كلاماً على الهامش: وقف اطلاق النار. سحب الدبابات الاسرائيلية. لجنة تحقيق... وأي شيء آخر من هذا القبيل. لا شيء يقال لأن لا أحد يريد ان يعترف بالحقيقة. والحقيقة لها وجه واحد فقط، وهو انه لا يمكن استمرار المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية بهذا الشكل القائم الآن. أي مفاوضات لا أسس لها ولا مرجعية - مفاوضات من دون هدف مسبق متفق عليه. الاستمرار حسب هذه الصيغة يعني ان شريعة القوة هي التي ستسود، وقد سادت وشاهدنا النتائج بأم أعيننا، وشاهدها معنا العالم اجمع، ووصلت النتائج الى حد قتل الاطفال أمام شاشات التلفزيون. والمفاوضات التي يمكن لها ان تنجح هي المفاوضات التي تقول انها مفاوضات تقوم على قاعدة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وعلى قاعدة تطبيق الشرعية الدولية، وعلى قاعدة انسحاب المحتل. وحينئذ... لا تذهب دماء الشهداء سدى، واذا لم يتوافر هذا الحد من التقدير لدماء الشباب، فيستطيع عرفات ان يرفض لقاء باراك، وان يرفض رعاية "الكره" الاميركي الذي تديره وتشرف عليه مادلين أولبرايت