يبث التلفزيون والإذاعة المصريين، كل ساعة تقريباً، نشيد "عربية يا أرض فلسطين" الذي غنّته الطفلة آمال ماهر خلال الاحتفال بانتصار تشرين الأول اكتوبر مساء الاربعاء الماضي وحضره الرئيس حسني مبارك. وعلى رغم أن فقرات الاحتفال تضمنت أناشيد وطنية عدة تتحدث عن بطولات الجيش المصري في حرب تشرين الأول والضربة الجوية الأولى التي قادها مبارك، إلا أن كلمات نشيد القدس جاءت مؤثرة للغاية، وأبكت بعض الحاضرين الذين أصروا على أن تعيده الطفلة مرتين، وبدأت وسائل الإعلام الرسمية ببثه مرات ومرات. صوت آمال ماهر قوي يعبر عن محنة القدس وهي تنطق بكلمات الشاعر عبدالسلام أمين وألحان الموسيقار عمار الشريعي "عربية يا أرض فلسطين/ قدس ومهد وعهد ودين/ انجيل قرآن وجرس وآذان/ بيت الرب/ كرامة شعب/ تفديه أرواحنا يا بلادي". وتحول النشيد إلى "حالة" فرضتها الأوضاع المتفجرة في الأراضي المحتلة، وتعبير عن زخم رد الفعل الشعبي المصري تجاه المجازر الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ومن يسير في بعض شوارع القاهرة يكاد يشم روائح الستينات ويتذكر أيام كانت اغاني وأناشيد أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب تلهب المشاعر الوطنية. فنشيد "القدس" الذي غنته الطفلة طغى على المسلسلات الركيكة والأغاني الهابطة والأفلام وفرض نفسه على الجميع، إلى درجة أن الاحساس بالفخر لدى بعض الباعة في المحلات التجارية كان ملحوظاً وهم يديرون أجهزة الكاسيت وصوت الطفلة وهي تبكي القدس وأرض فلسطين. وبدأ سباق بين المثقفين والفنانين المصريين لإعلان التضامن مع الشعب الفلسطيني، ووزع حوالى مئة مثقف من مختلف التيارات بياناً عبروا فيه عن صدمتهم "ازاء رد الفعل العربي الرسمي المتواضع وصمت المجتمع الدولي وتردده وانحياز الإدارة الاميركية إلى الطرف الإسرائيلي"، في حين اختار الفنانون ناديهم للاعتصام فيه، تعبيراً عن تضامنهم مع قضية القدس. لكن صوت آمال ماهر الذي مُزج في التلفزيون بصورة الطفل الشهيد محمد جمال الدرة كان أكثر ما أبكى المصريين وألهب مشاعرهم.