يسود جو شعبي عام داخل اسرائيل يطالب بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة ايهود باراك، يكون قطباها حزبا العمل وليكود، وتدعمها الاحزاب اليمينية الاخرى، لكن القيادات السياسية تتحدث عن تشكيل "حكومة طوارئ" لمواجهة التحديات القائمة وفي مقدمها المواجهات مع الفلسطينيين. ورفع بنيامين نتانياهو الذي ارتفعت اسهمه شعار "صراعنا مع العرب صراع وجود لا صراع حدود" ليلخص برنامج عمل الحكومة العتيدة التي عليها وقف المفاوضات مع الفلسطينيين وعدم البحث في قضية القدس أو اللاجئين. ويرى رئيس الدولة موشيه كتساف ان اقامة حكومة طوارئ كهذه هو الأمر الملح الآن و"الضروي جداً اذ يتوجب التعاون والتنسيق بين مختلف الاحزاب لمواجهة التطورات الحاصلة". ويشترط رئيس حزب المتدينين الوطنيين - المفدال اسحق ليفي مشاركته في حكومة كهذه باعلانها وقف المفاوضات مع الفلسطينيين. ودعا الزعيم السياسي لحزب شاس 17 مقعداً ايلي بيشاي الى تشكيل حكومة طوارئ لمواجهة الاحداث، فيما قال الزعيم الروحي لهذا الحزب عوفاديا يوسف انه اتصل برئيس الحكومة ايهود باراك وشدّ على يديه. وتتباين الآراء داخل ليكود حول مشاركة الحزب في الحكومة في حال دعا اليها باراك. ويرى المعلقون ان زعيم الحزب ارييل شارون معني بالانضمام الى حكومة كهذه لسد الطريق أمام عودة نتانياهو المحتملة. شارون لم ينف امكان ذلك، لكنه ايضاً لم يعلن قبوله به مكرراً موقفه بوجوب الوقوف صفاً واحداً الى جانب باراك لمواجهة الاحداث. وبالمقابل يصر بعض قادة الحزب وفي مقدمهم سلفان شالوم الذي يطمح الى زعامة الحزب، على رفض تشكيل حكومة وحدة ويدعو الى تجنيد أكبر عدد ممكن من اعضاء الكنيست لتبكير موعد الانتخابات البرلمانية. رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو خرج عن صمته أمس وخص صحيفة "يديعوت احرونوت" بمقالة تحت عنوان "كي نعود الى انفسنا" دعا فيها الى ضرورة "توحد الشعب كله للتصدي لاندلاع اعمال العنف". ورأى نتانياهو انه منذ سنوات يحدق الخطر بوجود دولة اسرائيل "هذا الخطر ناجم عن اهتزاز قوة اسرائيل الطبيعية والاخلاقية في نظر العرب. دائماً كان المفتاح للسلام بين اسرائيل والعرب، سواء الذين يحيطون بها أو الذين داخلها، مرهون بوحدة الشعب اليهودي وقوته في الدولة... اسرائيل منقسمة، يعني اسرائيل ضعيفة غير قادرة على تحقيق السلام أو تنفيذه. وضع كهذا يعزز الاعتقاد العربي بأن دولة اليهود هي ظاهرة مآلها الزوال. والمطلوب دفعة اخرى او استمرار الإنهاك والاستنزاف لينهار البناء كله. هذا هو الدافع الأساسي لأحداث الأسابيع الأخيرة وليست زيارة ارييل شارون الى جبل الهيكل". وفي مقالته كرر نتانياهو ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، "فاسرائيل قوية وموحدة حول مبادئ فولاذية من الاتفاق القومي هي الضمانة الوحيدة لمنع العنف والانزلاق نحو حرب ولتوفير الشروط التي تؤدي في نهاية المطاف الى سلام ثابت مع جيراننا". ودعا الى عدم اجراء مفاوضات تحت ضغط العنف والتهديد بالعنف "فالتنازلات في مثل هذه الحالة خصوصاً تنازلات احادية الجانب وبادرة حسن نية، لا تؤدي الى جو من تهدئة الخواطر في الجانب الثاني انما تشجع شهيته على الابتزاز". واضاف نتانياهو ان على اسرائيل ان تحدد، في المفاوضات مع الفلسطينيين حدودها لتعرف كيف تدافع عنها بعد التوقيع على اتفاق و"عليه ممنوع العودة الى حدود 67 أو الى جوارها لأن هذه الحدود غير قابلة للدفاع عنها وتضعف قوة الردع الاسرائيلية". وتابع نتانياهو عرض شروطه، وشروط حزبه للدخول في حكومة وحدة مع "العمل" مشدداً على ضرورة رفض أية دعوة للبحث في حق العودة رفضاً قاطعاً أو التوقيع على اتفاق يعيد حتى لاجئاً واحداً، و"أي فتحة في هذا السدّ ستجر وراءها طوفاناً هائلاً من دخول آلاف اللاجئين الى حدود الدولة، وليست أعمال الشغب في يافا وحيفا وعكا والقدس سوى شهادة دامغة على أن الخيال العربي لتحقيق حق العودة ما زال على قيد الحياة". واختتم مقالته مؤكداً أن الصراع مع العرب "صراع وجود لا صراع حدود" وعلى وجوب "العودة الى أنفسنا وقريباً سنتيقّن ان اتفاقاً وطنياً على ما ذكرته سيكون أمراً مفروغاً منه يتبناه الجميع". وتكتسب أقوال نتانياهو أهمية خصوصاً بعدما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الاسبوعية التي شارك فيها أمس 74 في المئة من اليهود انهم يرون في المواطنين العرب خونة، في أعقاب احداث الاسبوع الأخير وأنه لو جرت الانتخابات اليوم لصوّت 53 في المئة من المواطنين اليهود الى جانب نتانياهو مقابل 36 في المئة لباراك. من جهة أخرى، عادت أجواء الهدوء الى المدن والقرى الفلسطينية في اسرائيل باستثناء قرية كفركنا في قضاء الناصرة التي شيعت أمس الأول الشهيد العاشر في المواجهات مع قوى الأمن الاسرائيلية. وأصدرت الصحف العربية الصادرة في اسرائيل ملاحق وثقت فيها الأحداث ونشرت صوراً للقتلى الذين سقطواخلال المواجهات، فيما واصلت وسائل الاعلام العبرية الانشغال بما حصل في صفوف المواطنين الفلسطينيين خصوصاً تقارير "الشاباك" التي اتهمت التجمع الوطني الديموقراطي برئاسة الدكتور عزمي بشارة بأنه يقف وراء "أعمال العنف".