قبل أقل من أسبوعين من افتتاح الدورة الشتوية للبرلمان الإسرائيلي الكنيست في الأول من تشرين الثاني نوفمبر، ووسط تلويح اليمين بسوط إقرار قانون تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، بدأ رئيس الحكومة ايهود باراك معركة البقاء على كرسي رئاسة الحكومة، مكرساً جل جهوده لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بديل لائتلافه الهش وليضمن اجهاض محاولة اليمين إقرار تقديم الانتخابات بعد نجاحه في إقراره بالقراءة التمهيدية قبل أشهر وبغالبية أعضاء الكنيست. وكان باراك استيقظ أمس على رفض زعيم ليكود ارييل شارون دعوته للقائه على انفراد لاستئناف المفاوضات لتشكيل حكومة وحدة أو حكومة طوارئ، كما يحلو للبعض تسميتها. وقال شارون إنه لن يلتقي باراك قبل يوم الخميس مع لقائه أي شارون برؤساء كتل اليمين لبلورة موقف موحد من موضع حكومة وحدة. وقال شارون في حديث اذاعي إنه لا جدوى من الاستمرار في تشكيل حكومة طوارئ، لأن باراك قرر العودة إلى العملية السلمية على أساس قمة كامب ديفيد. وأضاف انه طلب من باراك رؤية الخرائط التي أعدها لخطة الفصل عن الفلسطينيين، لكن باراك رفض ذلك واشترط تقديم الخرائط بدخول شارون للحكومة أولاً. وأوضح شارون أنه نصح باراك بالعمل على التوصل إلى اتفاق مرحلي طويل الأمد بدل استئناف المفاوضات على الحل النهائي. وأردف شارون ان نتائج قمة شرم الشيخ تحول دون انضمام ليكود إلى حكومة باراك، وأن هدف ليكود انقاذ إسرائيل وليس انقاذ باراك، مكرراً موقفه القائل بوجوب موافقة جميع أطراف الحكومة، في حال تشكيلها، على الخطوات السياسية المنوي اتخاذها. ويرى المعلق على الشؤون الحزبية في الاذاعة الإسرائيلية يارون ديكل أن شارون خضع للغالبية من أعضاء حزبه التي ترفض تشكيل حكومة كهذه من ناحية أنها قد تسدّ الطريق أمام عودة بنيامين نتانياهو إلى الحلبة السياسية. وقال الوزير في مكتب رئيس الحكومة حاييم رامون إن تصريحات شارون غير مفهومة وغير منطقية، وان ما يريده عملياً هو تشكيل حكومة ليكود وليس حكومة وحدة تستدعيها الظروف الحالية التي تعيشها إسرائيل. وأضاف ان حكومة بالشكل الذي يطرحه شارون ستقول للعالم إننا لا نريد مفاوضات سلمية. من جهته، قال الوزير متان فلنائي، أحد أقطاب "العمل"، إن حكومة وحدة ستكون حكومة شلل، وانه يفضل حكومة تستند إلى ائتلاف ضيق ولكن تخطو نحو تحقيق السلام. وازاء الموقف الجديد لشارون يعوّل باراك على إعادة حركة شاس الدينية 17 مقعداً إلى الحكومة بعدما أعلن رئيس حركة ميرتس يوسي سريد عن استعداده للجلوس إلى جانب شاس والتنازل عن مسائل شائكة أدت في حينه إلى انسحاب حركته من الحكومة. وأمس التقى باراك برئيسي الحركتين ايلي ميشاي ويوسي سريد وطرح عليهما رسمياً الانضمام إلى الحكومة. ولمح وزراء قريبون من باراك ان موافقة شاس وأحزاب دينية أخرى على الانضمام لحكومة جديدة سيدفع باراك إلى إرجاء برنامجه لإحداث ما عرف ب"ثورة مدنية" وانه مستعد لتجميل مشاريع قوانين تتعلق بها. وعلى رغم الاغراءات الجديدة للأحزاب الدينية، يسود الاعتقاد ان هذه الأحزاب لن تتسرع في العودة إلى حكومة باراك بعد أن اكتوت بالتجربة، وهو ما أشار إليه زعيم شاس أكثر من مرة، منتقداً أساساً انفراد باراك في اتخاذ القرارات المهمة. وكرر يشاي موقفه الداعي إلى تقديم موعد الانتخابات. وحسب تقديرات المعلقين للشؤون الحزبية، فإن الذهاب إلى انتخابات مبكرة هو الإمكانية الواردة أكثر من غيرها مع الملاحظة الضرورية ان مواقف الأحزاب قد تتغير بين عشية وضحاها.