} ألغت المحكمة الدستورية الاتحادية اليوغوسلافية الانتخابات الرئاسية التي تمت في 24 ايلول سبتمبر الماضي "بسبب شوائب رافقت الاقتراع"، مشيرة الى اجراء جولة جديدة من الانتخابات في حزيران يونيو من العام المقبل، عندما تنتهي الولاية الدستورية للرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش، فيما اوقفت المعارضة اليوغوسلافية، وحتى اشعار آخر، حملة العصيان المدني التي دعت اليها وبلغت ذروتها امس، بمهرجانات ضخمة في انحاء البلاد. نقلت "اذاعة اروربا الحرة" عن رئىس المحكمة الدستورية في يوغوسلافيا ميلوتين سرويتش ان الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها "ستجري اعادتها"، موضحاً انه "يجب إبطال جزء من الانتخابات". واشار الى ان القرار يعني ان الانتخابات "يجب اعادتها بعد انتهاء فترة ولاية الرئيس الحالي" سلوبودان ميلوشيفيتش في اواسط سنة 2001. والى ذلك، اعلن الزعيم المعارض زوران جينجيتش رئىس "الحزب الديموقراطي" المتحالف مع المرشح الرئاسي فويسلاف كوشتونيتسا، ان المحكمة الدستورية "اساءت استخدام صلاحياتها" بقرارها الغاء قسم من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 24 من الشهر الماضي. وقال جينجيتش: "اعتقد ان المحكمة تصرفت بناء على امر، وكان يتعين عليها الموافقة على شكوانا او رفضها ولم يكن من صلاحياتها التوصل الى هذا القرار". وقال: "اعتقد ان المعارضة لا يمكن ان تقبل بهذه الخديعة الجديدة". واعلنت المحكمة في بيان، انها قررت "بالاجماع الغاء جزء من العملية الانتخابية مرتبط بالاقتراع والتحليل ونشر نتائج الانتخابات". ولم توضح المحكمة اي جزء من العملية تم الغاؤه، ولا انعكاسات قرارها. وابلغ الخبير القانوني للمعارضة الديموقراطية اليوغوسلافية نيبويشا باكاريتش "الحياة" في مكالمة هاتفية، ان مرشح المعارضة فويسلاف كوشتونيتسا لم يستلم حتى ظهر امس النص الكامل لقرار المحكمة الدستورية، وقال: "ان ما علمناه عنه كان من خلال وسائل الاعلام، وكثير منه يكتنفه الغموض". وأضاف: "حاولت شخصياً ان ابحث مع قضاة المحكمة المعلومات الاعلامية المتداولة، ولكنهم لم يستجيبوا لطلبي". وأشار الى ان قرار المحكمة، بحسب التصريحات الصحافية لقضاتها، لم يحذف الخطأ كما يقتضي واجبها "وانما الغى الخطأ والصواب، فساوى بذلك بين المعتدي والضحية". وأوضح باكاريتش، ان واجب المحكمة يتعين ان ينحصر في إعادة تصحيح الخطأ "وليس في إلغاء الانتخابات برمتها، وبما في ذلك موعدها المبكر". ووصف هذا القرار، بحسب صيغته المتداولة، بأنه مرفوض من قبل المعارضة، لأنه جاء في مصلحة تجاوزات ميلوشيفيتش وبقائه في السلطة، وقال: "ستعلن المعارضة عن موقفها منه واجراءاتها في شأنه، بعد استلامها لصيغته الرسمية". وأكد الخبير القانوني باكاريتش، ان المعارضة تعتبر مرشحها كوشتونيتسا فائزاً بالانتخابات "حتى تتم إعادة فرز الاصوات من قبل لجنة محايدة، وستقبل المعارضة حينها أي نتيجة تظهر في ضوء ذلك". ومن جهة اخرى، ذكرت وكالة انباء "بيتا" الصربية المستقلة ان مرشح المعارضة كوشتونيتسا، بعث برسالة الى ميلوشفيتش طلب منه الاعتراف بخسارته في الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية. واعلن الناطق باسم المعارضة تشيدومير يوفانوفيتش ان المعارضة "اوقفت حملة العصيان المدني التي دعت اليها واستمرت اربعة ايام بنجاح كبير في انحاء صربيا، وحتى اشعار آخر". وأوضح ان كل ما يتعلق بالعصيان "جرى بحسبما كان مخططاً له". ونظمت المعارضة في وسط بلغراد امس تجمعاً حاشداً شارك فيه اكثر من 300 ألف شخص من مواطني بلغراد ومناطق صربيا الاخرى الذين جاؤوا بمئات الشاحنات وآلاف السيارات الخاصة، احتفالاً بنجاح حملة العصيان المدني وتأييداً لفوز مرشح المعارضة كوشتونيتسا. ودعا زعماء المعارضة الذين تحدثوا في التجمع الى اعتراف السلطة بالانتخابات التي فاز فيها كوشتونيتسا واكدوا انهم سيواصلون دعوة الجماهير الى "شل ايادي اللصوص والمنافقين". وكانت الشرطة الصربية استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا امام مبنى البرلمان في بلغراد وهم يرددون هتافات مناوئة لميلوشيفيتش، ما جعلهم ينتقلون الى وسط المدينة القريب من مبنى البرلمان والانضمام الى التجمع الحاشد هناك. وأعلن الرئىس الروسي فلاديمير بوتين امس ان عرضه للوساطة في ازمة الانتخابات اليوغوسلافية "لا يزال قائماً" ودعا الدول الاخرى لمساندة مبادرته. وأفادت معلومات روسية، ان ميرا ماركوفيتش زوجة الرئىس ميلوشيفيتش ستصل الى موسكو قريباً. وربط المراقبون بين زيارتها هذه ومبادرة بوتين. وأبلغ "الحياة" خبير روسي في شؤون البلقان ان موسكو بدأت دراسة جديدة للوضع في ضوء قرار المحكمة الدستورية الذي قال انه قد يزيد التوتر. وزاد ان الكرملين قد يعرض على زعيمي المعسكرين المتناحرين ان يتفقا في موسكو على تفاصيل الانتخابات واسم رئىس جديد للجنة الانتخابات المركزية لضمان حيادها. الا ان مدير معهد الدراسات السياسية سيرغي ماركون شدد على ان موسكو يجب ان تحل "القضية المركزية" المتمثلة في تأمين انسحاب سلمي لميلوشيفيتش. وأوضح ان الغرب "لا يريد ولا يستطيع" منح الرئيس اليوغوسلافي ضمانات امنية في حين ان موسكو يمكن ان تؤدي هذه المهمة بنجاح. وعلى رغم نفي احتمالات انتقال ميلوشيفيتش الى موسكو، الا ان وزير الخارجية السوفياتي السابق الكسندر بيسميرتنيخ نقل امس عن شقيق الأخير بوريسلاف الذي يشغل منصب سفير يوغوسلافيا في موسكو ان ميرا ماركوفيتش، زوجة الرئيس اليوغوسلافي ستصل الى موسكو في الايام القريبة المقبلة. ولم يوضح ما اذا كانت ستصل لغرض التفاوض ام تمهيداً للاقامة في موسكو او العاصمة البيلاروسية مينسك، كما ذكرت وسائل اعلام روسية.