} أثار قبول لجنة في الكونغرس الاميركي مسودة قرار للاعتراف رسميّاً بتعرض الارمن لمجازر جماعية في تركيا، عاصفة من الغضب في انقرة، علماً ان الادارة الاميركية غير ملزمة بتبني مسودة القرار التي لا يزال يتعين على مجلس النواب التصويت عليها. ولوحت تركيا بتضييق الحصار على ارمينيا في حال تصويت المجلس على المسودة. عبر رئيس الاركان التركي الجنرال حسين كفرك اوغلو عن انزعاجه ازاء اقرار لجنة حقوق الانسان والعلاقات الدولية في الكونغرس الاميركي مسودة قرار للاعتراف رسميّاً بتعرض الارمن لمجازر جماعية في تركيا عام 1915. وقرر الجنرال التركي تأجيل زيارة مقررة له الشهر الجاري للولايات المتحدة، رداً على القرار، معتبراً ان المجازر بحق الارمن "كذبة كبرى يدحضها التاريخ". وقال: "إن على الدول التي توجه الاتهامات جزافاً الى دولٍ اخرى، ان تنظر في تاريخها اولاً وتعيد حساباتها مع نفسها". كذلك، علق وزير الخارجية التركي اسماعيل جم على هذا التطور بالقول: "يبدو واضحاً ان رسالتنا لم تصل الى الكونغرس الاميركي"، مشيراً الى بيان الخارجية السابق الذي حذر من أن صدور مثل هذا القرار عن المشرعين الاميركيين، سيؤثر سلباً على علاقات انقرة بواشنطن وسيدفع تركيا لاتخاذ إجراءات في غير مصلحة العلاقات بين البلدين وضد ارمينيا. وأكد جم ان انقرة ماضية في اتخاذ إجراءاتها الاحترازية التي سترد بها على هذا القرار في حال مصادقة الكونغرس عليه، ومن هذه الاجراءات، تضييق الحصار الاقتصادي على أرمينيا، ووقف الرحلات الجوية إليها، إضافة الى اغلاق قاعدة انجرليك الجويّة التي تستخدمها الطائرات الاميركية والبريطانية في طلعاتها على شمال العراق، وتعزيز العلاقات الديبلوماسية مع بغداد. ويذكر ان البرلمان التركي سيدرس في ايلول ديسمبر المقبل، تجديد الاذن للطائرات الاميركية لاستخدام انجرليك لفترة ستة اشهر اخرى. كما لفت الانتباه البيان الذي صدر عن الخارجية التركية الاسبوع الماضي حول سماح تركيا للطائرتين الروسية والفرنسية بعبور اجوائها الى العراق بعدما حصلتا على اذن الاممالمتحدة لتوصيل مساعدات انسانية للعراق. وذكر البيان ان تركيا تنظر بايجابية الى مثل هذه الرحلات، ما اعتبر موافقة تركية على انطلاق رحلات مشابهة وبالشروط نفسها، من تركيا الى العراق. إلاّ ان مصادر مطلعة في الخارجية التركية ابلغت "الحياة" انه ليس من مصلحة تركيا ان توتر علاقاتها مع اميركا التي تجمعها بها مصالح كبيرة، خصوصاً وان الادارة الاميركية وعلى رأسها الرئيس بيل كلينتون، ابدت معارضتها لقرار لجنة الكونغرس، ولذا، فإن انقرة تتوخى الحذر في تعاملها مع هذا الموضوع الحساس وتكتفي بالتهديد وتؤجل الفعل الى ما بعد تصويت الكونغرس على مسودة القرار. كما تفضل انقرة صب جام غضبها على أرمينيا. ووعدت الخارجية التركية باعداد حملة دعائية لتكذيب "ادعاءات" يريفان و"فضح الارهاب" الذي تمارسه منظمة اصالة الارمنية التي قتلت الكثير من الديبلوماسيين الاتراك في العالم في السبعينات واوائل الثمانينات، بحسب المصادر نفسها . كما ذكرت الخارجية التركية ان صدور مثل هذا القرار سيعرقل مساعي التقارب التركية - الارمنية وسيحمل تركيا على ان تتخلى عن موقفها الحيادي في الصراع الارمني الاذربيجاني على اقليم قره باخ. كذلك لوحت انقرة بوقف مساعيها لمقاومة الارهاب العرقي والديني في القوقاز، ما يهدد الاستقرار في تلك المنطقة، بحسب قولها. ويذكر ان انقرة تغلق حدودها البرية مع ارمينيا التي لا تعترف بدورها بحدودها الحالية مع تركيا وتطالب بضم ستة محافظات تركية إليها. وتتهم انقرة الرئيس الارمني الحالي روبرت كوتشاريان بالتعصب العرقي وتقول انها كانت قطعت شوطاً جيداً مع سلفه ليون تير بدروسيان، في طريق تحسين العلاقات وتبادل التمثيل الديبلوماسي، في مقابل تعديل الدستور الارمني الذي يقوم على الاعتراف اساساً بمجازر تعرض لها الارمن في تركيا. وتؤكد انقرة ان ارمينيا هي المتضرر الاكبر من التطورات الاخيرة بسبب اوضاعها الاقتصادية السيئة والتي ستزيد سوءاً مع زيادة حصار تركيا الاقتصادي عليها. ويذكر ان الخلاف بين تركياوارمينيا يقوم على اتهام الاخيرة الدولة العثمانية بالقيام بمجازر ضد الأرمن راح ضحيتها حوالى مليوني ارمني، فيما ترفض انقرة ذلك وتقول ان العصيان الذي قام به الارمن ضد الدولة العثمانية اثناء الحرب العالمية الاولى، دفع حكومة الاتحاد والترقي التي كانت تتولى السلطة في ذلك الوقت الى تهجير الارمن من الاناضول الى سورية ولبنان جنوباً. إلاّ ان حوالى 200 الف من هؤلاء لقوا مصرعهم أثناء هجرتهم الاجبارية بسبب الظروف الجوية الصعبة والفقر، بحسب وجهة النظر التركية.