هل يصادق الكونغرس الأميركي على توصية لجنة الشؤون الخارجية بوصف مجازر الأرمن بالإبادة؟ هذه التوصية أقرت بفرق صوت واحد، وتوسل رئيس اللجنة، هوارد بيرمان، بألاعيب لإقرار التوصية. ما يضعف حظوظ تصويت الكونغرس على القرار. وعلى رغم الجلبة، لم يخالف اقرار التوصية التوقعات. ولكن ثمة ما يستوقف. فالرئيس اوباما استغل عملية التصويت في تلك اللجنة لحمل تركيا على تصديق بروتوكولات التطبيع مع ارمينيا، وهذه أبرمت في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. ولم يدعم أوباما تركيا في مواجهة اللجنة إلا بعد اتصال الرئيس التركي، عبدالله غل، به، وطلبه إليه التدخل. وتقاعسُ أوباما عن تأييد تركيا أغضب انقرة. والحق أن تركيا واجهت منفردة الضغوط. فاللوبي اليهودي، وهو درج على دعم تركيا ضد اللوبي الأرمني، تخلى عنا. ولم تؤيدنا اذربيجان التي كان في وسعها الضغط على واشنطن. فالمسألة تخصها أيضاً. فهي تتنازع وأرمينيا على اقليم قره باغ. والقضية هذه تحول دون التطبيع بين تركيا وأرمينيا. ولكن اللوبي اليهودي أخطأ الحسبان. فثقل تركيا الاستراتيجي الجديد يغنيها عن خدماته. والقرار أقر بفارق صوت واحد لا غير. ويبدو أن العاصمة الأذرية، باكو، تنتظر أن تقطف ثمار توتر تركي - اميركي، فتعزف تركيا عن التطبيع مع عدوتهما المشتركة، ارمينيا. ولعل تصريحات داود أوغلو أثلجت قلوب الأذريين. فهو أعلن أن موقف تركيا من اقليم قره باغ الذي تحتله ارمينيا مع اراض اذربيجانية أخرى لن يتغير، وأن البرلمان التركي لن يصادق على بروتوكولات التطبيع مع ارمينيا نزولاً على تهديد اميركي. وتنظر انقرة بعين الاستهجان الى دعم السفير الأرمني في واشنطن مساعي اللوبي الأرمني في استمالة لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، في وقت تسعى حكومة بلاده في تطبيع العلاقات مع انقرة. وسارعت يريفان الى مباركة قرار لجنة الكونغرس، ولم تتحفظ عن مساعي اللوبي الأرمني في واشنطن الذي لطالما انتقدها، واتهمها بالخيانة جراء تقربها من انقرة. ولا شك في أن موقف الحكومة التركية يفوق المواقف الإسرائيلية والأذرية والأرمنية غرابة. فأنقرة صعّدت لهجة الرد، وتوسلت ثقلها الديبلوماسي للتدخل في واشنطن، على رغم أن المشكلة لم تبلغ الكونغرس بَعد. ويبدو أن الرد هذا يندرج في باب المزايدات السياسية. وعندما سئل وزير الخارجية التركية إذا كانت انقرة ستغلق قاعدة انجيرليك العسكرية او توقف دعم ال «ناتو» لوجستياً في افغانستان، لم يستبعد الاحتمالين هذين، وترك الباب مفتوحاً. والأزمة هذه اطاحت توقعات داود اوغلو ان يكون 2010 عام العلاقات التركية - الأميركية المميزة. * معلق، «مللييت» التركية، 6/3/2010، اعداد يوسف الشريف