أنقرة - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - دعت أنقرة أمس، واشنطن الى تعطيل قرار يعتبر مجازر الأرمن في عهد العثمانيين «إبادة»، بعدما تبنته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي بتأييد 23 صوتاً في مقابل معارضة 22، محذرة من ان النص سيضر بجهود المصالحة التركية مع أرمينيا. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: «يثبت تبني القرار بأن الإدارة الأميركية لم تتدخل في شكل كافٍ لمنعه. ونحن منزعجون للغاية من التصويت». وتابع: «ننتظر من الإدارة الأميركية ان تبذل من الآن جهوداً اكثر فاعلية لمنع التصويت على النص في جلسة عامة لمجلس النواب، ونأمل بألا تتعرض العلاقات التركية - الأميركية الى اختبار جديد، والا فلن تكون الآفاق التي نواجهها إيجابية»، مع العلم ان الرئاسة الديموقراطية للمجلس لم تدفع حتى الآن في اتجاه تبني النص الذي يصف في شكل دقيق التصفية المنهجية والمتعمدة ل1،5 مليون ارمني، بأنها «إبادة» في جلسة عامة. كذلك، لا يتمتع النص بمفعول قانون الرئيس الأميركي، مع العلم ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون كانت حضت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب على عدم التصويت عليه، «لأنه سيؤثر في مسيرة المصالحة بين تركيا وأرمينيا. ولا نعتقد أن الكونغرس بكامله سيتخذ موقفاً او يجب ان يتخذ موقفاً في شأن القرار». واتصلت كلينتون برئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب هاورد بيرمان لمحاولة إقناعه بعدم التصويت على القرار. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي ان الولاياتالمتحدة ملتزمة «باعتراف عادل وصريح بالوقائع المرتبطة بأحداث عام 1915». وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما تعهد خلال حملته الانتخابية الاعتراف بالمجازر التي تعرض لها الأرمن باعتبارها «إبادة»، لكنه أثار استياء الأرمن الأميركيين حين أغفل استخدام العبارة في رسالة بمناسبة إحياء ذكرى الضحايا العام الماضي. واعتبرت الحكومة التركية ان القرار «يدل على انعدام الرؤية الاستراتيجية لدى النواب الأميركيين، في وقت تعمل واشنطنوأنقرة معاً على جملة من القضايا. واستدعت سفيرها في واشنطن، ناميك تان، فيما أجرى السفير الأميركي لدى أنقرة جيمس جيفري محادثات مع ديبلوماسيين أتراك. وكانت تركيا استدعت سفيرها في واشنطن عام 2007، حين وافقت اللجنة البرلمانية عينها على قرار مماثل، قبل ان يمنع الرئيس جورج بوش طرحه على التصويت في الكونغرس. ورفض داود اوغلو التعليق على إجراءات «انتقامية» محتملة من أنقرة الشريكة الاستراتيجية لواشنطن في الشرق الأوسط والعضو في الحلف الأطلسي (ناتو)، في حال التصويت على النص في مجلس النواب الأميركي. لكنه حذر من ان النص لا يمكن استخدامه كورقة ضغط على أنقرة في جهودها لتطبيع علاقاتها مع أرمينيا، و «الذي يمكن ان يتحقق حين يجلس الطرفان للتحدث معاً»، مجدداً الدعوة لتشكيل لجنة مشتركة تضم مؤرخين من الجانبين وتتحدث وجهاً لوجه وتتبادل الاطلاع المشترك على أرشيفهما. واعتبر داود اوغلو ان تصويت اللجنة البرلمانية ادى الى «خطر توقف جهود التطبيع بين البلدين الجارين»، مع العلم ان أنقرة أكدت مرات ان «تدخل السياسيين في مجال عمل المؤرخين يترك دائماً آثاراً سلبية». وكانت أنقرة ويريفان وقعتا أخيراً برتوكولين ينصان على إقامة علاقات ديبلوماسية وفتح الحدود بين البلدين، فيما تأخر برلماني البلدين في المصادقة على النصين. وكان الرئيس التركي عبدالله غل اكد اول من امس ان «لا قيمة لقرار الكونغرس في نظر الشعب التركي»، معتبراً ان بلاده «غير مسؤولة عن النتائج السلبية التي قد تنجم عن التصويت في كل المجالات». في المقابل، أشادت أرمينيا بتبني القرار معتبرة انه تقدم في النضال من اجل حقوق الإنسان. وقال وزير الخارجية الأرمني ادوارد نالبنديان: «نرحب كثيراً بالقرار الذي يشكل دليلاً إضافياً على تمسك الشعب الأميركي بالقيم الإنسانية العالمية، وخطوة مهمة نحو تفادي الجرائم ضد الإنسانية». ويمارس الأرمن ممثلين بجالية كبيرة في الولاياتالمتحدة، ضغوطاً للاعتراف بالمجازر وعمليات الترحيل على انها حملة «إبادة» أودت بحياة اكثر من 1.5 مليون منهم بين 1915 و1917. ولا تعترف تركيا الا بمقتل بين 300 و500 الف ارمني خلال فوضى عمت السنوات الأخيرة من عهد السلطة العثمانية. وترفض وصف ذلك «بالإبادة»، وهي العبارة التي اقرتها فرنسا وكندا والبرلمان الأوروبي.