أطلق قرار لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي باعتبار المجازر العثمانية ضد الأرمن "أعمال ابادة"، بوادر أزمة بين الولاياتالمتحدة والحليف التركي بعد اعلان أنقرة عن سحب سفيرها في واشنطن، وتكثيف الاتصالات بين الادارة وأعضاء الكونغرس لمنع تمرير المشروع في الجلسة العامة. وفي خطوة تعكس تحول المزاج العام في مجلس النواب الأميركي حيال تركيا وخصوصا في الأوساط القريبة من اسرائيل بينها لجنة العلاقات الخارجية المستاءة من الخطاب التركي تجاه الدولة العبرية، اقرت اللجنة ليل أول من أمس القرار رقم 252 والذي يعتمد عبارة الابادة لوصف المجازر التي لحقت بالارمن في ظل السلطنة العثمانية بين 1915 و1923 ورغم تحذير وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بضرورة تجنب ذلك. ورغم ضآلة العدد الذي تبنى القرار (23 مع و22 ضد)، أشعلت الخطوة فتيل الأزمة بين أنقرةوواشنطن وبعد اصدار الحكومة التركية بيان تدين " القرار الذي يتهم الامة التركية بجريمة لم ترتكبها" ويعلن عن استدعاء السفير التركي في واشنطن للتشاور. وقال الرئيس التركي عبدالله غول تعليقا على القرار انه "ليست له اي قيمة في نظر الشعب التركي".واضاف ان "تركيا ليست مسؤولة عن العواقب السلبية التي يمكن ان تنجم عنه في مختلف المجالات". ويدعو القرار الذي ليست له صفة القانون الرئيس الاميركي الى استخدام كلمة "الابادة" لوصف "التصفية المنهجية والمتعمدة لمليون ونصف مليون ارمني"، علما أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تحاشى اعتماد هكذا عبارة بعد انتخابه للبيت الأبيض. وادانت الولاياتالمتحدة على الدوام المجازر التي تعرض لها الارمن بين 1915 و1918 لكنها تجنبت استخدام عبارة "الابادة" لوصف ذلك حرصا على عدم توتير علاقاتها مع تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي والحليف الرئيسي في الشرق الاوسط. وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي مايك هامر في بيان ان كلينتون اتصلت برئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب هاورد بيرمان لمحاولة اقناعه بعدم التصويت على القرار.وقال مسؤول في الخارجية الأميركية أن واشنطن ملتزمة "باعتراف عادل وصريح بالوقائع المرتبطة بالاحداث التاريخية لعام 1915". ولكنه أبدى قلقه " بشأن تاثير القرار المحتمل على العلاقات مع الدول المعنية"، وفي ضوء حاجة واشنطن الماسة لتعاون تركيا في حرب أقغانستان وفي العراق وفي عملية السلام. واضاف المسؤول "نعتقد ان عملية التطبيع هي الالية المناسبة لمعالجة هذه المسائل. سنواصل العمل بصورة جدية, بكثير من الجدية على هذا الامر". وضاعفت انقرة الضغوط للحؤول دون تمرير القرار. واتصل الرئيس التركي عبد الله غول مساء الاربعاء بنظيره الاميركي باراك اوباما لبحث هذه المسألة, فيما حض وزير خارجيته احمد داود اوغلو النواب الاميركيين على رفض القرار. وتدعم واشنطن بقوة عملية تطبيع العلاقات بين تركيا وارمينيا بعد عقود من العداوة, ووقع البلدان في تشرين الاول(اكتوبر) اتفاقا لاقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود. وتوعد اوباما خلال حملته الانتخابية بانه سيعترف بالمجازر التي تعرض لها الارمن باعتبارها ابادة لكنه اثار استياء الارمن الاميركيين عندما اغفل استخدام العبارة في رسالة بمناسبة احياء ذكرى الضحايا العام الفائت. وقال هامر ان اوباما اعرب للرئيس التركي عن "تثمينه للجهود التي يقوم بها هو ورئيس الوزراء (رجب طيب) اردوغان بهدف تطبيع العلاقات بين تركيا وارمينيا وشدد على ضرورة الاسراع في تصديق البروتوكولات". وفي هذه الاثناء, وصف بيرمان في كلمة قبل تصويت اللجنة تركيا بانها "حليف حيوي ووفي بكل معنى الكلمة للولايات المتحدة في منطقة مضطربة".ولكنه اضاف ان "لا شيء يبرر تجاهل تركيا حقيقة الابادة الارمنية". واضاف "يتعين على كل امة ان تتصالح في مرحلة ما مع تاريخها. وهذا كل ما نطلبه من تركيا", قبل ان يحث النواب على تبني القرار. وكانت تركيا استدعت سفيرها في واشنطن في 2007 عندما وافقت اللجنة البرلمانية عينها على قرار مماثل. وفي ذلك الوقت حال الرئيس جورج بوش دون طرح النص للتصويت على كامل الكونغرس. ويبرز اللاعب الاسرائيلي في تصويت اللجنة وخصوصا كون بيرمان من أصدقاء الدولة العبرية في الكونغرس والمتحفظين على الخطاب التركي تجاه اسرائيل أخيرا. كما يساعج التصويت بعض النواب في التحضير للانتخابات النصفية واستقطاب أصوات الأرمن ودعم اللوبي القريب من اسرائيل.