} باتت العلاقات الهندية - الروسية مرشحة لقفزة جديدة في ضوء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنيودلهي وتوقيعه مع رئيس الوزراء الهندي آتال بيهاري فاجبايي معاهدة "الشراكة الاستراتيجية" واتفاقات عدة للتعاون العسكري والاقتصادي. أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي "تطابق المصالح الجيوسياسية الطويلة الأمد" للبلدين. وقال إن معاهدة "الشراكة الاستراتيجية" التي أبرمها في الهند ترمي أساساً لتطوير العلاقات الثنائية. وتنص المعاهدة على إجراء مشاورات سياسية منتظمة وتنسيق نشاطات الدولتين في الأممالمتحدة وسائر الهيئات الدولية والإقليمية، وعدم مشاركة أي من الطرفين في أي أحلاف عسكرية - سياسية أو التورط في نزاعات عسكرية ضد الطرف الآخر. وحرص البلدان على تأكيد أن "الشراكة" ليست موجهة ضد دول أخرى. وواضح أن المقصود تحديداً باكستان، وبدرجة أقل الصين، وهما دولتان لهما علاقات متوترة أو فاترة مع الهند. إلا أن الرئيس الروسي حرص على التذكير بفكرة "المثلث" الصيني - الهندي - الروسي التي كان طرحها رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف ولم تلق في حينه ترحيباً من الصينيين والهنود. ويبدو أن المثلث مرشح لأن يصبح "مربعاً"، في ضوء إقامة موسكو جسوراً مع إسلام أباد. وكان مراقبون اعربوا عن مخاوفهم من أن إرسال بوتين مبعوثاً الى باكستان عشية زيارته لنيودلهي قد يقلل من أهمية ونتائج محادثاته مع القادة الهنود. ولكن الديبلوماسيين في موسكو رأوا أن الكرملين لا يريد إقامة تحالفات جديدة بل يطمح إلى مهمة الوساطة التي تؤهل روسيا للعب دور اكثر فاعلية في آسيا. وأعرب بوتين عن أمله في استئناف سريع للمفاوضات الهندية - الباكستانية. ورأى المحللون الروس أنه قد ينقل أفكاراً من إسلام أباد الى نيودلهي وبالعكس. واتفق البلدان على تعاون استخباراتي - سياسي - عسكري "لمكافحة الإرهاب الدولي" وأشار بوتين الى أن أفغانستان "هي تجسيد" لهذه الظاهرة. ولكن الزعيمين الروسي والهندي أكداً أن التعاون الاستراتيجي بينهما ليس موجهاً ضد أفغانستان. ودعم بوتين سعي الهند لتبوؤ مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، واعتبرها "مرشحاً قوياً ولائقاً". وسيعزز التعاون الاستراتيجي انشاء طريق "جنوب - شمال" الذي سيربط الهندبروسيا عبر إيران وبحر قزوين. وإلى جانب الأهمية الجيوسياسية لهذا المشروع فإنه يهدف الى تحقيق أغراض اقتصادية، في ضوء سعي البلدين الى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما والذي يبلغ حجمه حالياً 6،1 بليون دولار بعدما كان يفوق خمسة بلايين قبل عشر سنوات. ووقعت أو ستوقع عقود لتصدير سلاح روسي الى الهند، قيمتها الإجمالية 31 بليون دولار في غضون عشرة أعوام. وأبرمت صفقات لتزويد الهند 100 دبابة من طراز "تي 90 سي" على أن يسمح لها بإنتاج 200 دبابة من هذا الطراز محلياً. وتم اتفاق على بيع نيودلهي حاملة الطائرات الروسية المستعملة "الأميرال غورشكوف" ومنحها ترخيصاً لإنتاج طائرات "سوخوي". وعلى رغم أن بوتين نصح الهند ب"عدم التسرع" في حيازة الأسلحة النووية، إلا أنه لم يطلب وقف نشاطها في هذا المجال، بل إن البلدين ينويان توسيع التعاون في ميادين الاستخدام السلمي للطاقة النووية.