اختتم في 29 تشرين الأول أكتوبر المعرض العماني الذي استضافته العاصمة البلجيكية بروكسل في الفترة من 17 وحتى 29 الشهر نفسه وافتتحه ولي العهد البلجيكي الأمير فيليب بحضور مستشار السلطان قابوس للشؤون البيئية السيد شبيب بن تيمور وعدد من المسؤولين وأعضاء الهيئات الديبلوماسية العربية والخليجية العاملة في بروكسل. أقيم المعرض في المتحف الملكي للتاريخ والفنون وضم جوانب مختلفة من التاريخ العماني قديمه وحديثه، ومثلت أربعة مجسمات لأربع حضارات قديمة جانباً تعريفياً مهماً للزائر الأوروبي وشملت المجسمات المكتشفات الأثرية التي تمت في أربع مدن هي وبار وسمهرم ومقابر بات ورأس الجينز ممثلة التطور الإنساني عبر مراحل التاريخ المختلفة. وعرض بالقرب منها المكتشفات الأثرية التي وجدت في هذه الأمكنة الأربعة من أدوات الصيد والحراثة إلى المكونات الطبيعية في حياة الإنسان العادي من حلي وأدوات طعام. واحتوى المعرض على مجسمات للسفن العمانية التي تشتهر بها مدينة صور في شرق السلطنة ومن بين تلك السفن "سلطانة" التي قامت بأول رحلة إلى ميناء نيويورك وعلى ظهرها مبعوث السلطان سعيد بن سلطان احمد بن النعمان الذي حمل رسالة إلى الحكومة الأميركية آنذاك. وكان لا بد للقلاع العمانية من الحضور في هذا المعرض فعرض مجسم لقلعة بهلا التي دخلت قائمة الثقافة الإنسانية لليونسكو إضافة إلى مجسم آخر لطريقة تكون الأفلاج وهي نظام الري التقليدي في عمان والمكون لحضارة إنسانية استغلت وجود الجبال الشاهقة وندرة المياه في حفر سواق تحت الأرض لآلاف الأمتار حتى تصل قطرة الماء من سفوح الجبال إلى الأراضي السهلية. وجسد افتتاح المعرض بدء أيام الأسبوع العماني الأول الذي عرض المكونات العمانية من اقتصاد وسياحة وفنون وثقافة ، فعلى الجانب الثقافي والفني أقيم معرض للكتب اشتمل على الكتب التاريخية التي تحدثت عن عمان من خلال كتابات المستشرقين وتهافت الزوار من المواطنين البلجيكيين والمقيمين فيها على الكتب التعريفية التي وجدت إقبالاً كبيراً لا يباريه إلا الإقبال على الحلوى العمانية والقهوة العربية. ومن بين الكتب المعروضة كتاب تيم سيفرين عن رحلة السفينة الشراعية سندباد من ميناء مسقط إلى ميناء كانتون في الصين مطلع الثمانينات إحياء لأسطورة السندباد العماني القديم. وفي صالة أخرى عرضت 13 مجسماً منها 11 عليها الأزياء العمانية النسائية واثنتان للملابس الرجالية المتمنطقة للخنجر العماني المعروف، وأبرزت الأزياء النسائية التنوع في الأزياء الطبيعة الجغرافية العمانية إذ تتميز كل منطقة بزي خاص ما زال يرتدى حتى أمام زحف خطوط الموضات الحديثة. على الجانب الآخر جلس أربعة حرفيين يقدمون بشكل يومي طريقة الصنع لأربع من الحرف العمانية التقليدية التي ما زالت متوارثة حتى الآن وهي صناعة النسيج والفخاريات والفضيات وصناعة السفن. ووقف البلجيكيون طويلاً في انتظار الدور أمام فتاة عمانية تضع نقوش الحنة المعروفة في الشرق. وعندما أدركوا أن الحنة توضع للنساء فقط طالبوا بالمساواة ولكن بوضع وشم على سواعدهم. وقدمت فرقة الحرس السلطاني العماني ثلاث حفلات موسيقية في ساحة غراند بالاس وساحة السابلون حضرتها جموع كبيرة أدت مع الراقصين المحليين الرقصات العمانية المعروفة كالبرعة والرزحة وقدمت الفرقة مقطوعات من التراث العماني وأخرى من التراث العالمي. وقدمت الأوركسترا السيمفونية السلطانية العمانية حفلة موسيقية شهدت حضوراً رسمياً بلغ الألف شخص وصفق الحضور طويلاً لمهارة العازفين الشباب في تقديم مقطوعات عالمية لكبار الموسيقيين كبيتهوفن وموزارت. وقال مسؤول كبير في وزارة الإعلام العمانية أن الحكومة البلجيكية سمحت للمرة الأولى بفتح هذه القاعة للمعرض العماني لأنها تضم معروضات خاصة ببلجيكا. وقال مسؤول عماني آخر أن الهدف من إقامة المعرض العماني في أوروبا باعتبار أن بروكسل "أوروبا في محارة" بما تضمه من مؤسسات أوروبية رسمية كالاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية. وعن الهدف من إقامة هذا المعرض قال انه يأتي مع احتفالات عمان على مرور ثلاثة عقود من نهضتها الحديثة وللتعريف بعمان أمام المواطن الأوروبي الذي يجهل دول المنطقة وذلك من خلال عرض نماذج من التاريخ القديم ونماذج أخرى من التاريخ الحديث يضاف إلى ذلك أهدافاً سياحية اقتصادية تكون في مجملها ثقافة شعب ومفرداته الحياتية. وأعرب زائر عربي من المغرب عن فرحته بوجود معرض عربي في بروكسل وطالب أن تستمر المعارض العربية لما تحققه من تواصل للمقيم العربي مع حضارته والتعريف بالحضارة العربية للأوربيين الذين يجهلون في غالبيتهم مقوماتها. وأضاف: هناك معارض مشتركة لكن لا بد من معارض خاصة بكل دولة لما تتيحه من التعريف المتكامل والموسع.