وصل الى لندن أخيراً ثمانية طلاب، يحظون برعاية صندوق "إم.بي.آي تراست"، وهو منظمة خيرية مسجلة في بريطانيا أنشئت في كانون الثاني يناير الماضي من قبل رجل الأعمال السعودي محمد بن عيسى الجابر ليباشروا الدراسة للحصول على شهادة الماجستير من جامعة وستمنستر وكلية الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن. وسيبدأ طالب آخر تاسع، هو فاضل حسن الحبابي من السعودية، دراسة الماجستير في البيولوجيا الجزيئية في جامعة وستمنستر في شباط فبراير 2001. ويهدف "إم.بي.آي تراست" الى تطوير وادارة برنامج منح دراسية لتمكين افراد من العالم العربي من الدراسة للحصول على الماجستير خلال سنة واحدة من كلية الدراسات الشرقية والافريقية SOAS أو كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية LSE أو جامعة وستمنستر. لكن لا يوجد اي طلاب في كلية لندن للاقتصاد في هذه السنة الأولى من برنامج الصندوق. ويوجد مقر الصندوق في "مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط" في كلية الدراسات الشرقية والافريقية. وأقام مدير كلية الدراسات الشرقية والافريقية السير تيم لانكستر اخيراً حفلة استقبال في قاعة بروناي للاحتفاء بما وصفه ب"رؤية محمد بن عيسى الجابر، لبصيرته وسخائه الاستثنائي بانشاء هذا البرنامج للمنح الدراسية". وأضاف السير تيم ان صندوق "إم.بي.آي تراست" سيساهم "بدور كبير في تحسين العلاقات بين بلدنا والشرق الأوسط، وتعزيز الدراسات الشرق أوسطية في هذه الكلية". وقال الجابر في كلمة ألقاها في حفلة الاستقبال انه يأمل ان ينشئ آخرون برامج مماثلة. ويشار الى ان الجابر، وهو رجل أعمال منذ 1977، يدرس حالياً التاريخ والسياسة في الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والافريقية. ولفت السير تيم في كلمته الى تطور آخر سيعزز الدراسات الشرق أوسطية: مشروع بناء معهد جديد لدراسات الشرق الأوسط في الكلية بدعم من وزارة الخارجية البريطانية. وسيفتتح هذا المعهد رسمياً في حفلة تقيمها الوزارة في 23 تشرين الثاني نوفمبر المقبل وسيدعى اليها أشخاص كثيرون من المهتمين بالشرق الأوسط وآخرون من المنطقة. وللحصول على منحة دراسية من صندوق "إم.بي آي تراست" يجب ان يبيّن مقدمو الطلبات انهم يعانون ضيقاً مالياً. وأصبحت الدراسة الجامعية في بريطانيا مكلفة جداً بالنسبة الى الطلاب الأجانب في الوقت الحاضر. فالأجور الدراسية وحدها في كلية الدراسات الشرقية والافريقية، على سبيل المثال، تبلغ 8 آلاف جنيه استرليني سنوياً. وعندما تؤخذ في الحسبان كلفة السكن ونفقات المعيشة والكتب والسفر، بالاضافة الى دراسة اللغة الانكليزية لمدة أربعة أو ثمانية اسابيع، اذا اقتضى الأمر، قبل بدء دراسة الماجستير، فإن المنحة الدراسية لشخص واحد يمكن ان تصل قيمتها الى 20 ألف جنيه استرليني. ويخضع صندوق "إم.بي.آي تراست" لإشراف "مجلس امناء" يتولى رئاسته ستيفن داي سفير بريطانيا السابق لدى تونس. ويضم المجلس في عضويته اللورد دينمان والسير تيم لانكستر والدكتور ابراهيم باشا. ويشغل الدكتور باشا، الذي كان يدرس في الجامعة الاميركية في بيروت حتى سنة 1997، منصب نائب رئيس شركة "جاي جاي وورلدوايد" التي يديرها الجابر. وكان الجابر، الذي يدير ايضاً مجموعة "أي جاي دبليو أي" و"جداول انترناشونال"، انشأ في السابق صناديق عدة للمنح الدراسية. ومن بين شروط التقديم للحصول على منح صندوق "إم.بي.آي تراست" ان الطلاب المستفيدين عليهم ان يعودوا الى وطنهم ويساهموا في تطوره المستقبلي. وقال ستيفن داي في حفلة الاستقبال: "كان الحافز لهذا المشروع هو انتاج رجال أعمال مبدعين - اشخاص يمكن ان يعودوا الى بلدانهم ويستخدموا تحصيلهم العملي لخلق العمل والثروة وفرض لمزيد من الأبحاث". وكان التنافس على المنح الدراسية كبيراً. وتوجه السير تيم لانكستر وداي والدكتور باشا وأمين "إم.بي.آي تراست" سارة ستيورات الى الشرق الأوسط لمقابلة المرشحين في بلدانهم. وقال: السير تيم: "سررنا للمستوى النوعي العالي للطلاب الذين جاؤوا الينا". وأتيحت للحاضرين فرصة اللقاء بمجموعة الطلاب الذين اتسموا بالحيوية والذكاء وحسن التعبير والثقة بالنفس. وكانت من بينهم عالمة الآثار اللبنانية مونيت مي سعادة التي تدرس حالياً في جامعة وستمنستر لنيل شهادة الماجستير في الادارة السياحية. وكانت سعادة، التي تتحدر أصلاً من زغرتا، حصلت على الماجستير في علم الآثار من الجامعة الأميركية في بيروت في 1998 وعملت بعدها في وزارة السياحة. وقد عملت كعالمة آثار ثلاث سنوات في بيروت خلال اعادة اعمار المدينة. كما كتبت مقالات عن التراث والآثار اللبنانية لوزارة السياحة، وأمضت فترة تدريب في نشرة "ميدل إيست ريبورتر" المعروفة. وستسافر سعادة الى لبنان خلال فترة الدراسة لإجراء أبحاث خاصة باطروحتها. وقالت ل"الحياة": "آمل ان انجز اطروحتي عن طرابلس كنموذج لادارة الموقع وحماية التراث وتسويق السياحة". ولاحظت ان من بين عمليات الاعمار التي نفذت في طرابلس ترميم احد الحمامات. وقالت ان "احياء المماليك في طرابلس ذات أهمية بالغة وينبغي حمايتها". وهي تنوي معاودة العمل في وزارة السياحة بعد حصولها على شهادة الماجستير. وقالت: "سأفضل العمل في القطاع العام بدلاً من القطاع الخاص لأن هناك الكثير مما يقتضي القيام به على صعيد التراث والحماية". وأوضحت الفلسطينية ماجدة عاطف عواشرة من رام الله أن دراستها تعثرت لكونها تنتمي الى "جيل الانتفاضة". وقد أمضت خمس سنوات في جامعة بيرزيت لدراسة اللغة والأدب الانكليزي وسنة اخرى هناك للحصول على ديبلوم في الترجمة. وذهبت في 1995 الى جامعة بيرغن في النروج حيث حصلت على شهادة ماجستير فلسفة في اللغة والأدب الانكليزي، وعملت بعدها أربع سنوات في الصليب الأحمر الفلسطيني. وتمضي ماجدة حالياً اجازة لمدة سنة من الصليب الأحمر للصحول على ماجستير في دراسات التنمية من كلية الدراسات الشرقية والافريقية. وستعود بعدها الى فلسطين، "فهناك الكثير مما يجب القيام به هناك". وهي تتطلع الى استخدام دراستها لتعزيز المهارات التي اكتسبتها أثناء عملها في مكتب التخطيط والتنمية التابع للصليب الأحمر الفلسطيني. وقالت ماجدة ل"الحياة": إنها ترغب أثناء وجودها في بريطانيا في اكتساب بعض الخبرة في العمل مع المرضى المصابين بالايدز. وتدرس الطالبة السودانية رانيا خضرا للحصول على ماجستير في التنمية أيضاً من كلية الدراسات الشرقية والافريقية. وكانت تخرجت في جامعة الخرطوم في الاقتصاد والعلوم السياسية في 1998 وعملت بالتدريس هناك. أما التونسية لبنى بن سالم فانها تدرس للحصول على ماجستير في الأدب المقارن في كلية الدراسات الشرقية والافريقية. وكانت شهادتها الأولى، من جامعة منوبا في تونس، في الأدب البريطاني والأميركي، وحصلت على ماجستير في هذا الموضوع من جامعة تونس. وقالت انها "ترغب في إيجاد فرصة لآخرين ليدرسوا الأدب المقارن في تونس". وحصل الطالب المصري احمد بدوي على ديبلوم العام الماضي في انتاج الأفلام الوثائقية والسينمائية من جامعة سالفورد في شمال انكلترا. واكتسب في مصر خبرة في الصحافة وفي انتاج أفلام وثائقية، وانجز بعضها لمنظمات غير حكومية. ومن الأفلام التلفزيونية التي ساهم في انتاجها فيلم عن الزبالين في القاهرة. ويبدي بدوي، الذي يدرس للحصول على ماجستير في التنمية من كلية الدراسات الشرقية والافريقية، اهتماماً كبيراً بالعلاقة بين الاتصالات والتنمية. وقال ان "التنمية هي، بالنسبة الي، عملية اتصالات". ويدرس سليمان جميل الشندودي من عمان للحصول على ماجستير في تكنولوجيا المعلومات من جامعة وستمنستر. وهو يحمل شهادة في الصحة العامة من جامعة انديانا في الولاياتالمتحدة، وكان يعمل في مكتب نائب رئيس جامعة عمان. ويعتقد الشندودي ان من المهم بالنسبة الى عمان ان تحسن تدفق المعلومات بين مؤسساتها والشعب، خصوصاً داخل جامعاتها، ويتطلع الى القيام بتسهيل هذه العملية. وتدرس ماجدة السقا من غزة للحصول على ماجستير في الانثروبولوجيا الاجتماعية لوسائل الاعلام من كلية الدراسات الشرقية والافريقية، فيما تسعى رنا فغالي من لبنان لنيل ماجستير في دراسات الشرقين الأدنى والأوسط من الكلية ذاتها. وهي مهتمة في شكل خاص براهن ومستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط. وتجدر الاشارة الى ان عدد الإناث يفوق الذكور ضمن المجموعة الأولى من الطلاب الذين حصلوا على منح صندوق "إم.بي.آي تراست".