اذا كانت أصالة غنت في خفة لم تسقط في اسفاف يطبع الغناء العربي اليوم أغنيتي "قلبي بيندهلك" و"يا مجنون" فإنها في اسطوانتها الجديدة قدمت أغنية على هذا المنوال منحت الاسطوانة عنوانها "يمين الله"، واستطاعت عبر لحن لمحمد ضياء لم تلغ ايقاعيته، نعومته ورقته ان تقدم مدخلاً طيباً لبقية اغنيات الأسطوانة. وفي تسجيل نادر يعود للعام 1973 نستمع الى صوت اصالة تغني مفتتحاً لأغنية "يا الناطر" لوالدها مصطفى نصري وبحسب كلمات حسام تحسين بك وألحانه. واذا كان صوت اصالة ابنة الخامسة يلهج بنغم أو كلمات الأب المطرب فإنه بعد 27 عاماً ينوع الى نسائم بيئة الشام في أغنية تعود الى أسلوب بدا نادراً هذه الأيام ان لم يكن غائباً وهو أسلوب "الغناء البيئي". ولأن اصالة تتمتع بصوت لا مكان ل"القرار" فيه، صوت صدّاح يقارب الحدة كثيراً، فإنها غالباً ما تضفي حدة وتوتراً على أغنيات جوَّها الذي يفترض هدوءاً ورقة، هو جو مشاعر الحب، كما في أغنيتي "ثمن الخيانة" و"انت وأنا" التي جاءت اعتماداً على لحن رشيق من حسن أبو السعود. وفي حين طبع خالد فؤاد أغنية "ثمن الخيانة" بتوزيع موسيقي نابه، أفرد مساحات لآلات عربية وقلل الايقاعات غربيها وشرقيها فإن توزيع طارق عاكف انهك الجمال الايقاعي الهادئ في لحن أغنية "أنت وأنا" فانقضت الكمانات الحادة والايقاعات على تنويعات رقيقة خففت من حدة صوت اصالة وانفعالها أثناء الأداء. جوزيف جحا لحّن "ثمن الخيانة" للزجّال منصور الشادي بطريقة تفتقر الى الخيال والحساسية، منشغلاً في ترجمة لا تخلو من مباشرة في الكلمات وللزجّال ذاته لحن محمد ضياء أغنية "ساعدني" وقد تركت فيها أصالة لمسات رقيقة ما كانت ممكنة لولا حذاقة الملحن ودراسته للأغنية نصاً وصوتاً بحسب اداء اصالة. واذا كانت اصالة برعت في صوغ "أغنية خليجية" كما في "اسمع صدى صوتك" قبل نحو خمس سنوات، اعتماداً على نص للشيخ الشاعر محمد بن راشد آل مكتوم، فإنها لم تكن في السياق ذاته حين ضمنت اسطوانتها الجديدة أغنية خليجية اخرى هي "حقيقة واقعي" التي كتب كلماتها الشاعر غيوض ولحنها محمد ضياء في صياغة موسيقية انفصلت عن لحنية البيئة الخليجية وإن كانت تقتصد بعض الاقتراب منها، فجاءت الأغنية تعاني تفككاً في بنيتها وبدت لا هي بالخليجية ولا بالمصرية وبالشامية كما هي اطرافها في الشعر والتلحين والغناء. ومع ان أخر اغنيات الاسطوانة "اي حاجة" تحيل في عنوانها الى أغنية عبدالحليم حافظ، الا ان هذه الصلة ليست الوحيدة التي افقدت أغنية اصالة تمايزها، فهي عادية وإن كانت تحمل توقيع ملحن معروف مثل محمد سلطان، وشاعر غنائي، قدم علامات طيبة في الأغنية العربية خلال السنوات الماضية مثل بهاء الدين محمد.