حرص الرئيس اللبناني اميل لحود، خلال ترؤسه أول جلسة للحكومة الجديدة التي تشكلت أول من أمس برئاسة رفيق الحريري، على الدعوة الى "مراجعة موضوعية للماضي واستخلاص العبر ليحل الترفع محل الحساسيات الضيقة والانفعالات العابرة التي اضاعت وقتاً وجهداً". راجع ص4 واعتبر المراقبون ان هذا الكلام يعكس توجهاً نحو طي صفحة الخصومة الماضية مع الحريري، اذ اشار الى "الركائز الديموقراطية التي يقوم عليها النظام اللبناني وفي مقدمها قاعدة التغيير الدستوري في مواقع الحكم" في اشارة الى نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي حقق فيها بعض معارضيه نجاحاً واسعاً، ومنهم الحريري. ورد الاخير على دعوة لحود هذه بالقول: "الماضي أصبح وراءنا ونتطلع الى المستقبل". وعكس رغبة لحود والحريري في التعاون طبيعة التسوية التي انتجت الحكومة الثلاثينية الجديدة، والتي ضمت عدداً لا بأس به من الوزراء الموالين لرئيس الحكومة 7 اضافة اليه وعدداً آخر للحود ستة اضافة الى حلفاء لكل منهما، استناداً الى مجموعة من الكتل النيابية التي ينتظر ان تؤمّن نسبة تصويت عالية لمصلحة الثقة بها في المجلس النيابي. ومع الارتياح النسبي الذي تركه التعجيل في معالجة عقدة التمثيل الماروني النيابي في جبل لبنان، في الحكومة، عبر توسيعها الى ثلاثين وزيراً، فقد رافقت اجتماعها الأول مواقف معترضة وأخرى معارضة. فنواب الطائفة الأرمنية احتجوا على اقتصار تمثيلهم على وزير واحد هو أحد قادة حزب الطاشناق سيبوه هوفنانيان، والأخير حضر اثناء التقاط الصورة التذكارية لأعضاء الحكومة مع لحود ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتغيب عن الجلسة لأن المقعد الأرمني الثاني في التوزيع الطائفي للمقاعد الوزارية في حكومة موسعة كهذه آل الى الأقليات باسل فليحان. وحتى النواب الارمن الذين خاضوا الانتخابات الى جانب الحريري اصدروا بياناً اعترضوا فيه على تمثيلهم بوزير واحد. ورأى "حزب الوطنيين الأحرار" أنها مخيبة لآمال اللبنانيين التواقين الى الحوار". واعتبر النائب بطرس حرب ان الحكومة صدمة "لأنها لم تراع التوازن السياسي على رغم المظاهر التجميلية". وتحدث رئيس كتلة نواب "حزب الله" محمد رعد الذي كان قرر عدم الاشتراك في الحكومة عن "المحاصصة الطائفية والرئاسية". وأثار بعض ردود الفعل اسئلة عن سياسة العهد السابقة ضد الحريري ومن ثم المجيء بالوزير فؤاد السنيورة على رغم وجود ملف قضائي في حقه في سياق الحملات على الحريري... وكانت محكمة التمييز قبلت البحث في طلب من السنيورة بأن تكون صلاحية محاكمته من المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لا القضاء العادي أمس. الا ان الرئيس لحود دعا الحكومة الى تسريع اجراءات نيلها الثقة لتبدأ بمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية فتشكلت لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري أمس برئاسة الحريري بدأت اجتماعاتها مساء على ان تضع صياغة اولية صباح اليوم وتعرضها على اجتماع ثان للحكومة مساء اليوم، تمهيداً لانهاء صياغتها الاثنين. ويفترض ان يعقد المجلس النيابي اللبناني جلسة الثلثاء لانتخاب لجانه النيابية يوزع خلالها البيان الوزاري على النواب ليناقشوه في جلسة مخصصة للثقة بالحكومة يومي الخميس والجمعة. وتوالت امس برقيات التهنئة للحريري بالحكومة الجديدة أبرزها من القيادة السعودية فتمنى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز "له ولشعب لبنان بجميع طوائفه ومؤسساته الأمن والاستقرار ورخاء العيش". كذلك ابرق ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلطان بن عبدالعزيز الى رئيس الحكومة اللبنانية. وتلقى الحريري رسالة تهنئة من رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، مشيراً الى "وجوب بذل كل جهد للمضي في عملية السلام في المنطقة".