اقترنت اعمال كاتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن بالتميز من خلال الإبحار في قضايا كثيرة شائكة طرحها في كتاباته التي قدمها على شاشتي السينما أو التلفزيون أو المسرح، وكان آخرها مسلسل "أم كلثوم" الذي عرضته محطات التلفزة العربية في رمضان الماضي. "الحياة" التقته وسألته عن جديده: ماذا عن مسلسل عبدالحليم حافظ الذي تردد أنك تستعد لكتابته؟ - حتى الآن لم أبدأ بكتابة هذا العمل، لكنني أجمع كل ما يتعلق ب "العندليب الأسمر" من معلومات وكتب عن حياته وأعماله وأغانيه، وسألتقي كل الشخصيات التي ما زالت على قيد الحياة، من تلك التي عايشته أو عملت معه أو كانت لها معه ذكريات. واعتقد ان كتابة عمل يتناول تاريخ "العندليب" ومشواره، ستتطلب مجهوداً شاقاً، لا يقل ربما عن المجهود الذي بذلته في كتابة مسلسل "أم كلثوم". ومن ترشح من الفنانين ليجسد شخصية عبدالحليم؟ - حتى الآن، لا استطيع ان احدد او ارشح من سيجسد الشخصية، لأنني كما ذكرت لم ابدأ بكتابة العمل. وعندما اضع اللمسات الأخيرة ويصبح النص جاهزاً، يمكن ان اطرح أسماء تصلح للدور الذي ستحكمه معايير خاصة. هل تتوقع لمسلسل "عبدالحليم حافظ" أن يلاقي نجاحاً مماثلاً للنجاح الذي حققه مسلسل "أم كلثوم"؟ - الكاتب، عندما يكتب، لا يفكر في النجاح او الفشل، بل يحاول تقديم افضل ما لديه. وتبقى مسألة النجاح متعلقة بأمور كثيرة، السيناريو واحد منها، وإن شكّل العامل الأهم في العمل. كيف ترى العلاقة بين المبدع والرقابة الآن؟ - اعتقد أن المبدع العربي يشعر الأن بحال رعب شديدة، ليس من الرقابات الفنية، ولكن من الرقابة التي يفرضها المجتمع، وهي تبدو لي أخطر وابشع من رقابة المصنفات والنصوص. هي رقابة بديلة منها وتمثل سيفاً مصلتاً على رقاب المبدعين، وتدمر المبدع من داخله وتحوله حيواناً مدجناً غير قادر على التمرد أو الابداع. أما بالنسبة إلى الرقابة الرسمية، فأذكر أني تعرضت لمتاعب ومشكلات عدة معها، ابرزها ان هناك 15 عملاً كتبتها للمسرح والتلفزيون، لم تعرض في كل الدول العربية في آن واحد، إذ سمحت بعرضها دول ومنعتها أخرى. ما حدود كاتب السيناريو في تناوله الشخصيات التاريخية؟ - يجب أن تحكم أي كاتب سيناريو في تناول الشخصيات العامة الأمانة والدقة والموضوعية في رصد الاحداث التاريخية، لكن هذا لا يمنع تدخل الكاتب في إضافة بعض الشخصيات او الحوارات او حذف اخرى، شرط الا يؤثر هذا التدخل في بنيان المنظومة العامة للعمل. وقد تكون هذه الضوابط في العمل التاريخي سر متعة كاتب السيناريو، إذا استطاع ان يقدم عملاً ابداعياً في ظل هذا التأطير. هل تعتقد أن مسلسل "ام كلثوم" غطى كل الجوانب الفنية والاجتماعية في حياة سيدة الغناء العربي؟ - بالطبع لا، لأن ليس هناك مسلسل في تاريخ الدراما التلفزيونية يمكن ان يغطي شخصية تاريخية من كل جوانبها، إلا إذا كانت ضحلة. لكن شخصية مثل أم كلثوم تألقت على عرش الأغنية العربية أكثر من نصف قرن وتعاملت مع شخصيات، اسماؤها فقط في حجم دليل هاتف، من الصعب ان يغطي حياتها مسلسل أو اثنان أو أكثر. لكن المسلسل يقدمها من وجهة نظر كاتب السيناريو فقط. كيف تفسر هجوم المخرج السوري نجدت انزور على الدراما المصرية وآخرها مسلسل "ام كلثوم"؟ - انا ضد تصنيف الدراما مصرية وسورية ولبنانية وعراقية وغير ذلك. وأؤيد تسمية الدراما العربية التي يجب ألا تطاولها المواقف العنصرية. وإذا كنا نطالب بالتكامل والتوحد العربي سياسياً واقتصادياً وثقافياً، كيف ننفصل فنياً؟ المنافسة يجب أن تكون على مستوى العمل لا على جنسيته. لا ادري حتى سر هجوم أنزور على مسلسل "ام كلثوم" الذي حقق نجاحاً منقطع النظير في كل انحاء العالم العربي، وإذا كان لم يعجبه، فأنا لم تعجبني فكرة ما يسمى بالفانتازيا التاريخية التي ابتكرها في اعماله الاخيرة والتي اعدّها بمثابة تغييب للوعي العربي، وهذا امر مقلق ومخيف وقد يدمر تاريخنا الذي يمثل كياننا ووجودنا والذي يجب ان نتشبث به أمام تحديات العولمة المقبلة. هل يجوز للكاتب ان يفرض وجهة نظره الخاصة في اعماله الدرامية، أم يعرض وجهات النظر الأخرى؟ - ليس من كاتب في العالم غير متحيز إلى فكر معين، ولكن يفترض به ان يقدم الرأي والرأي الآخر بأمانة وصدقية، ومن ثم ينحاز إلى الرأي الذي يراه متوافقاً معه ومع الأحداث التاريخية.