طغت عقدة التمثيل المسيحي وتمثيل نواب منطقة جبل لبنان، على اليوم الأول من مشاورات رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة الجديدة رفيق الحريري، ففرضت مناخاً يدعو الى تعديل في التشكيلة الحكومية التي كانت الاتصالات البعيدة من الأضواء توصلت اليها قبل تكليف الحريري، وهي من 24 وزيراً راجع ص8. وأطلق تصريح لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رئيس كتلة "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط أول من أمس عن "تأليف الحكومة قبل أربعة أيام من التكليف"، موجة تصريحات تعترض على ما كشفه. وهو أصر أمس على موقفه، رافضاً ان يتمثل في الحكومة عبر الوزيرين الدرزيين المطروحين، مروان حمادة وغازي العريضي، وسمى غيرهما من الدروز غير الحزبيين، اذا لم تتمثل كتلته بواحد من حلفائه المسيحيين في الكتلة. وكان جنبلاط سمّى فؤاد السعد في المداولات التي أجريت الأسبوع الماضي، لكن الوسطاء من المحيطين بالعهد أبلغوه تعذر ذلك. وفيما يستدعي موقف جنبلاط حسابات جديدة من الحريري، الذي خاض معه تحالفاً انتخابياً وثيقاً، فإن بيانات صدرت عن القوى السياسية المسيحية المعترضة والمعارضة أمس وأبرزها رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، ولجنة التنسيق بين الأحرار والتيار العوني و"القوات اللبنانية" ذهبت أبعد من جنبلاط، فهاجمت "التدخل السوري" في تأليف الحكومة، مكررة المطالبة بانسحاب الجيش السوري من لبنان. وبين الأفكار التي قد تطرح لمعالجة التمثيل المسيحي رفع عدد أعضاء الحكومة إلى 30 وزيراً. واعترضت الكتل النيابية في الجبل على استبعاد تمثيل دوائر الجبل من خارج المجلس في التشكيلة التي كان اتفق عليها، وأصرت على اختيار الوزراء من النواب. وقال نواب من الجبل إن اقتصار تمثيله على نائبين الأرمني سيبوه هوفنانيان ومروان حمادة والإتيان بالباقين من غير النواب، هو نوع من عدم الاعتراف بنتائج انتخابات الجبل الذي يمثله 35 نائباً، غالبيتهم مسيحيون. وحاول جنبلاط أمس بعد لقائه الحريري أن يخفف وطأة الحوار الساخن الذي دار بينه وبين الرئيس اميل لحود أول من أمس، وقال ان الأخير "انفعل لأنني شبهت نفسي بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ولم اشبهه هو بعرفات"، وكان جنبلاط قال: "صرنا مثل عرفات من دون دولة". وأصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي: "نتيجة الاستشارات التي اجراها رئيس الجمهورية أول من أمس، أسفرت الغالبية النيابية عن تسمية الرئيس رفيق الحريري، فصدر البيان بتكليفه تشكيل الحكومة، وهو يقوم باستشارات في المجلس النيابي تمهيداً لذلك. أما ما عدا ذلك من تصريحات وتسريبات تستهدف توزير هذا أو زيادة حصة ذاك، ومحاولة خداع الرأي العام ببطولات وهمية، فلا يعدو كونه جزءاً من اطار المناورة السياسية والاعلامية المعهودة، التي تترافق مع محطات كهذه، ويندرج ضمنها التداول الاعلامي في عدد من الأسماء". وتمنى المكتب الاعلامي الرئاسي على وسائل الاعلام الافساح في المجال امام الرئيس المكلف ل"القيام بدوره في تشكيل الحكومة وعدم اقحام رئاسة الجمهورية في مجالات خارج اطار دورها الطبيعي، الذي تحدده الصلاحيات الدستورية". وإذ اكتفى الحريري خلال استقباله الكتل النيابية من الجبل وغيره التي طالبت بتمثيلها، بالقول إنه سيدرس الأمر، فان مصادر مطلعة أوضحت ل"الحياة" ان هناك توجهاً لاستيعاب النقمة في صفوف نواب الجبل، بسبب غياب التمثيل النيابي الماروني وان هناك اقتراحات لتمثيل احدى الكتل الكرامة والتجديد. ولم تلح في الأفق أي محاولة لمعالجة تمثيل المسيحيين في كتلة جنبلاط تضم 9 نواب مسيحيين. وذكر بعض المصادر ان البحث في هذا التوجه يهدف الى قطع الطريق على المعارضة المسيحية من استغلال هذه الثغرة، ولتدعيم صفوف الحكومة بكسب تأييد نواب الجبل لها في جلسة الثقة بها. وكان "حزب الله" ابلغ الحريري انه لن يشارك في الحكومة، وينتظر برنامجها لاتخاذ موقف مبدياً استعداده للتعاون معها. وبعد انتهاء المرحلة الأولى من المشاورات التي سيواصلها اليوم، قال الحريري للصحافيين: "طبيعي ان يطالب النواب في كل الحكومات التي تشكل بوزراء من مناطقهم والأمر يعود اخيراً بموجب الدستور الى الرئيس المكلف والى رئيس الجمهورية". واستبعد ان تتألف الحكومة قبل الجمعة، وأكد ما نقله عدد من النواب من "ان التشكيلات الحكومية المتداولة غير صحيحة". وتابع الحريري ان "بياناً دقيقاً صدر عن رئاسة الجمهورية أمس رداً على التسريبات والاعتراضات على التشكيلة الحكومية". وعن تحفظ بعض النواب على التمثيل المسيحي قال: "لم تعدّ التشكيلة ولم تتألف الحكومة بعد كي تكون هناك اعتراضات". وشدد على "النظام الديموقراطي"، وقال: "نقوم بالمشاورات كي يعطي النواب آراءهم ويأخذها الرئيس المكلف في الاعتبار".