قال محافظ "مؤسسة نقد البحرين" الشيخ عبدالله بن خليفة آل خليفة ان المؤسسة تدعم عمليات الدمج المصرفي وتشجعها. وذكر في مقابلة مع "الحياة" ان القطاع المصرفي البحريني قطع شوطاً طويلاً في تطوير خدماته وتنويعها اعتماداً على تكنولوجيا المعلومات، في وقت باتت البحرين تتميز بخبرات وكوادر مصرفية محلية طورتها على مدى 25 عاماً. وأشار الى سلامة مركز البحرينالمالي وأهميتها كمنطلق للخدمات المصرفية والمالية الاسلامية، مؤكداً من ناحية ثانية ان "المؤسسة لا ترى أي ضرورة للتدخل لتوجيه الائتمان المصرفي في الوقت الراهن في البحرين". وفي ما يأتي نص المقابلة التي بدأها بالحديث عن تطور الصناعة المصرفية المحلية في البحرين: "إن أول ما تتميز به المصارف العاملة بالبحرين هو وقوعها في مركز مالي ينعم بسمعة عالمية طيبة كمقر آمن تتوافر فيه الحرية الاقتصادية والثقة والطمأنينة المنبعثة من تطبيقه للمعايير الدولية كافة والمتعلقة بالرقابة على المؤسسات المصرفية. ومن ناحية أخرى، فإن العدد الكبير للمؤسسات المالية العالمية الكبرى، والتعاملات الدولية الكثيرة التي تدخل فيها المصارف البحرينية، والمنافسة المحتدة التي تواجهها، قد انعكست ايجاباً على المصارف المحلية، التي ظلت تعمل باستمرار على تطوير أوضاعها بما يواكب التطورات العالمية على صعيد الصناعة المصرفية. وقد دفعتها هذه المنافسة لتطوير أنظمتها واستحداث الكثير من الوسائل والمنتجات المصرفية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة والتقنية الالكترونية المتقدمة في تسهيل معاملاتها، مما أكسبها خبرة إدارية ومهنية واسعة، وكوادر بشرية مؤهلة وقادرة للتعامل مع الأحداث، الأمر الذي مكنها من مجابهة المنافسة العالمية المحتدة بكفاءة واقتدار. لكن هذا لا ينفي أن البحرين تواجه منافسة من مراكز مالية دولية عدة، فكيف تميز البحرين عن غيرها من المراكز المالية؟ - ان أكثر العوامل الهامة لنجاح المؤسسات المالية هي أن تتمتع، كما سبق وقلت، بانتمائها لمركز آمن ذي سمعة عالمية طيبة يكفل لها العمل في جو من الحرية والثقة والطمأنينة وهذا ما تتمتع به البحرين، وما تحرص على مواصلة تقديمه للمؤسسات المالية المرخصة بها، وهو في تقديري عامل جذب أساسي للمؤسسات المالية الراغبة في العمل في هذه المنطقة. ويمكنني أن أضيف في ما يخص "مؤسسة نقد البحرين" انها تقدم الكثير من التراخيص للمؤسسات المالية الأمر الذي يتلاءم مع أوضاع كثير من الجهات الراغبة في العمل في هذه المنطقة. كما يتوافر في البحرين الكثير من المزايا التي يمكن أن تشد إليها المؤسسات العالمية، وتشمل البنية التحتية المكتملة والتشريعات القانونية المرنة، والجو المعيشي والسياحي الملائم للخبرات الأجنبية. وفوق كل هذا وذاك، حرصت البحرين طوال الخمس وعشرين سنة الماضية على تأهيل أبنائها في مجال العمل المصرفي والمالي، حتى غدت تفخر بوجود كوادر بشرية على درجة عالية من الكفاءة والتأهيل في هذا المجال. وباختصار، فإن البحرين قد بلغت الآن مرحلة متقدمة من النضج من حيث الأنظمة والتشريعات المكتملة، ومن حيث البنية الأساسية اللازمة لعمل المؤسسات المالية، ومن حيث الخبرة والكوادر البشرية المؤهلة، وهذه كلها ميزات تساعد كثيراً على جذب المؤسسات المالية الراغبة في العمل في هذه المنطقة. يعني الانضمام الى منظمة التجارة الدولية ان قطاع الخدمات المصرفية والمالية سيتحرر. كيف ستتجاوب البحرين مع هذه التغيرات؟ - يتواصل سعي المؤسسة مع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في البحرين لتهيئة القطاع المصرفي في البحرين للمنافسة المحتدة التي ستنبثق عن تحرير الخدمات المصرفية والمالية، فعندها سيكون بقاء المصارف واستمرارها مرهوناً بمدى تميزها في تقديم خدمات أفضل وأرخص للزبائن. ولهذا السبب، قطعت مصارفنا اليوم شوطاً كبيراً في تطوير خدماتها وتنويع منتجاتها واستخدام شبكات الاتصال الالكترونية في تعاملاتها مع زبائنها، وسعيها الى استخدام الانترنت لخفض كلفة خدماتها، بما يؤهلها للمنافسة باقتدار. ولمواكبة التكتلات المصرفية، فإن "مؤسسة نقد البحرين" تحرص حالياً على دعم عمليات الدمج المصرفي الطوعي وتشجيعها، وهي حسب اعتقادي خطوة هامة لتحقيق التكامل والتجانس بين المصارف البحرينية وزيادة رأس مالها وموجوداتها، وتعزيز أوضاعها المالية والإدارية، وزيادة تأهيلها واستعدادها لمواجهة التحديات التي تلوح في المستقبل القريب. تتشددون في مسألة الملاءة المالية المطلوبة من المصارف. كيف يُترجم هذا الأمر؟ وما سببه؟ - قررت "مؤسسة نقد البحرين" بداية عام 1998 رفع نسبة كفاية رأس المال من ثمانية في المئة الى 12 في المئة وكان قراراً ملزماً لجميع المصارف والمؤسسات المالية المرخصة للعمل في البحرين بما في ذلك المصارف التجارية والوحدات المصرفية الخارجية ومصارف الاستثمار. وكانت البحرين من أولى الدول خارج الدول العشر الكبرى التي ألزمت مؤسساتها المالية بتلك النسبة. وكان ذلك موضع اشادة من بنك التسويات الدولي الذي أثنى على ما تتبعه البحرين من أسس رقابية تحفظية اعتبرها جديرة بالاشادة والتقدير. وتجدر الاشارة هنا الى أن تطبيق "مؤسسة نقد البحرين" للأسس والمعايير الدولية بشأن الرقابة المصرفية أمر لا ينبع من منطلق الانصياع والتقليد، بل من منطلق القناعة الأكيدة بضرورة تلك المستلزمات للبحرين كمركز مالي دولي، لا بد له من تطبيق كافة المعايير الدولية، وذلك لبعث الثقة والطمأنينة في هذا القطاع الحيوي والهام. تحولت البحرين الى مركز نشاط اقليمي للخدمات المصرفية والمالية الاسلامية. هل بنيتم تجربة خاصة بكم على صعيد تنظيم العلاقة التعاقدية بين موردي هذه الخدمات ومستهلكيها؟ - كما هو معروف فإن العلاقة التعاقدية بين المصرف الاسلامي وأصحاب حسابات الاستثمار تختلف عن تلك العلاقة بين المودع والمصرف التقليدي، ذلك ان المصرف الاسلامي يقوم بدور المضارب أو المدير نيابة عن أصحاب حسابات الاستثمار وليس ضامناً لأموالهم. وقد أخذت المؤسسة طبيعة هذه العلاقة في الاعتبار، وقامت بتطوير نظام خاص للمصارف الاسلامية نستطيع تلخيصه في ما يأتي: * طورت المؤسسة لوائح تنظيمية تتضمن القواعد والأحكام الواجب مراعاتها للترخيص للمصارف والمؤسسات المالية لمزاولة العمل المصرفي الاسلامي في البحرين. وتم تطوير ثلاث لوائح تنظيمية تلائم طبيعة الترخيص المراد لهذه المصارف للعمل كمصارف تجارية أو استثمارية أو كوحدة مصرفية خارجية. * اعتمدت المؤسسة اسلوباً خاصاً لاحتساب السيولة لدى المصارف الاسلامية يختلف عن الأسلوب المستخدم لدى المصارف التقليدية، وذلك لأن أدوات السيولة لدى المصرف الاسلامي تختلف عن تلك لدى المصرف التقليدي. * يقوم المصرف الاسلامي بدور المضارب، كما يقوم بدور المستثمر لأموال المساهمين. لذا، فإن المؤسسة أوجدت الوسائل الرقابية للتأكد من أن المصرف يقوم بهذين الدورين من خلال سياسة واضحة تأخذ في الاعتبار مصالح أصحاب الاستثمار والمساهمين على حد سواء. * قامت المؤسسة بالطلب من المصارف الاسلامية تطبيق المعايير المحاسبية التي أصدرتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية، وذلك لاعطاء شفافية أكبر للبيانات المالية التي تصدرها تلك المصارف وليكون هناك توحيد بين السياسات المحاسبية التي تطبقها هذه المصارف. * قامت المؤسسة بتطوير عقود مضاربة للمصارف الاسلامية وطلبت من المصارف الاسلامية تطبيق هذه العقود في تعاملها مع أصحاب حسابات الاستثمار. * تشترط المؤسسة ان لا يقل أعضاء الهيئة الشرعية لأي مصرف اسلامي عن ثلاثة اعضاء أكفاء يقدمون تقريرهم السنوي الى الجمعية العمومية السنوية للمصرف. يقبل العالم اليوم على عملية تطوير هدفها دمج تكنولوجيا المعلومات في الخدمات بفروعها. كيف ينعكس هذا الأمر على القطاع المصرفي في البحرين؟ - تغير التكنولوجيا عالمنا كل يوم، من ناحية الكم والنوعية وفي مجال الاتصالات والخدمات الالكترونية وبرامج الحاسوب، كما يتزايد انتشار استخداماتها في المجالات كافة ومنها القطاع المصرفي والمالي في صورة خاصة، مما يجعل المصارف والمؤسسات المالية ملزمة بمواكبة تلك التطورات والاستفادة منها في تقديم خدمات تنافسية. وقد ظلت "المؤسسة" ترقب عن كثب تلك التطورات، ومدى مواكبة المؤسسات المالية العاملة بالبحرين لها، والاستفادة منها في تطوير قدرتها التنافسية. كما تعمل المؤسسة بالتشاور مع المصارف على تطوير البرامج وشبكات الحاسوب الآلي التي تربطها مع المصارف التجارية، لتقديم خدمة أفضل للمواطنين والمستثمرين. ولا شك أن شبكة المعلومات الدولية الانترنت تقف الآن على قمة هرم التطور في عالم الاتصالات، وشرع الكثير من المؤسسات المالية العالمية في استخدام تلك الشبكة بهدف تسويق خدماتها ومنتجاتها على قطاع أوسع. ولا شيء يعيق البحرين من البدء في استخدام تلك التقنية في مجال الخدمات المصرفية، سوى ضرورة اخضاع هذا الأمر للمناقشة في الكثير من القضايا الفنية والقانونية والرقابية، أو لتوفير الأمان والحماية للمؤسسات المصرفية وعملائها على حد سواء. وهذا ما يستوجب العمل على توفير الحلول لهذه القضايا وفق منهجية علمية وفنية سليمة. وبحمد الله فرغت المؤسسة من إعداد مسودة لقانون خاص بالاستخدامات الالكترونية في مجال العمل المصرفي والمالي في البحرين، وان تلك المسودة تخضع لمراجعة الآن من قبل الجهات ذات الاختصاص. والمؤسسة على يقين من أن استخدام الانترنت في تسويق الخدمات المصرفية سوف يعزز من مقدرة المصارف على المنافسة المتوقعة، كما أنها سوف تسهل كثيراً من الأمور على الزبائن وتقلل من ارتيادهم المصارف. واعتقد انه لا بد من الاشارة هنا الى أن مصارف الانترنت أصبحت تشكل مجالاً واسعاً لمنافسة المصارف التقليدية، لكونها سهلة الاستخدام، وبامكان العملاء الانتقال من مصرف لآخر حسب رغباتهم، بالاضافة الى أن كلفة اجراء معاملة مصرفية تقليدية تقدر بنحو دولار مقارنة بنحو 50 سنتاً إذا تمت بواسطة خدمة الهاتف، وتقدر كلفتها بنحو 25 سنتاً إذا تمت بواسطة اجهزة الصراف الآلي، بينما تكلف نحو 2 سنت فقط عبر الانترنت. ولا شك أن في هذا دافعاً أساسياً لتزيد استخدامات الانترنت ودورها في تقديم الخدمات المصرفية في المستقبل القريب بإذن الله. أقصد، كيف خدمت تكنولوجيا المعلومات عملية تطوير الخدمات المصرفية البحرينية؟ - كما أشرت سابقاً فإن المؤسسة تتابع بصورة دائمة التطورات التقنية في المجال المصرفي، وذلك من خلال حرصها على توجيه المؤسسات المالية باستخدام أحدث التقنيات في مجال التكنولوجيا المصرفية، وذلك سعياً منها الى تقديم أفضل الخدمات للزبائن. وقد قامت المؤسسة بتبني الكثير من التقنيات الحديثة التي عملت من خلالها جنباً الى جنب مع بقية المؤسسات المالية في البحرين، مثال على ذلك: * نظام المقاصة الآلي الذي بدأ العمل به منذ عام 1994 وذلك لمقاصة الشيكات المسحوبة على المصارف التجارية في البحرين. * نظام شبكة الصراف الآلي/ نقاط البيع "بنفت" - شبكة البحرين الالكترونية للعمليات المالية. وبدأ العمل بالشبكة عام 1996 بالتنسيق مع جميع المصارف التجارية في البحرين، وعلى أثرها تم الربط مع الشبكات الخليجية الأخرى، بهدف توفير نوعين من الخدمات لحاملي بطاقات الصراف الآلي وهما: تمكين حاملي بطاقات الصراف الآلي الخاصة بأحد المصارف التجارية العضو بالشبكة من الانتفاع من خدمات الصراف الآلي لدى أي مصرف تجاري آخر عضو بالشبكة سواء لغرض السحب الآلي أو الاستفسار عن الرصيد. تمكن الشبكة حاملي بطاقات الصراف الآلي الصادرة من المصارف التجارية الأعضاء من استخدامها في نقاط البيع الخاصة بأي من المصارف التجارية الأخرى الأعضاء لغرض الشراء وذلك من خلال النقاط المتواجدة في المحلات التجارية. كما أن "مؤسسة نقد البحرين" بصدد إنشاء شبكة معلوماتية تربطها بالمؤسسات المالية في البحرين وذلك لتبادل المعلومات الكترونياً، مما يوفر السرعة والسهولة في توصيل هذه المعلومات بالاضافة الى السرية التامة. هل تتدخل المؤسسة في توجيه الائتمان المصرفي؟ وأي قطاعات تستفيد من تمويل المصارف؟ - ظل حجم التمويل المصرفي في ازدياد مستمر حتى ناهز نهاية العام الماضي 1.35 بليون دينار بحريني. وبالنظر الى توزيع الائتمان المصرفي حسب القطاعات الاقتصادية المختلفة، نجد أن القطاع التجاري والقطاع الصناعي وقطاع الإنشاء والتعمير بالاضافة الى قطاع الأشخاص هي القطاعات الأربعة الرئيسية المستفيدة من نحو 83 في المئة من الائتمان المصرفي في البحرين. علماً بأن تلك هي القطاعات الرئيسية المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي بالاضافة الى قطاع النفط والقطاع المصرفي والمالي. ولقناعة المؤسسة بسهولة الائتمان المصرفي اللازم ويسره للقطاعات الاقتصادية كافة، وعملاً بالنهج الذي اختطته حكومتنا الرشيدة نحو كفالة الحرية الاقتصادية، فإن المؤسسة لا ترى أي ضرورة للتدخل لتوجيه الائتمان المصرفي في الوقت الراهن، كما ليس هناك أي مطلب للمؤسسة من المصارف التجارية في هذا الصدد.