بغداد، طهران - "الحياة"، أ ف ب - عبرت مصادر رسمية عراقية وديبلوماسية في بغداد عن تفاؤلها في ان تؤدي المحادثات التي يجريها وزير الخارجية الايراني كمال خرازي في العراق الى حلول لكل الملفات العالقة بين البلدين. وقال مسؤول عراقي، في تصريح لوكالة "فرانس برس"، ان بغداد "ترحب بكل المبادرات الايرانية الرامية الى حل الملفات التي بقيت عالقة منذ اكثر من عقد من الزمن وتتطلع الى خطوات عملية لتطبيع العلاقات بين البلدين". واضاف: "لا نريد ان نستبق الاحداث. علينا ان ننتظر ما يمكن ان تسفر عنه محادثات الوزيرين محمد سعيد الصحاف وكمال خرازى من نتائج". وأفادت وكالة "أنباء الجمهورية الإسلامية" الإيرانية أن الرئيس صدام حسين أكد، خلال استقباله وزير الخارجية ضرورة اتخاذ الاجراءات العملية لحل المشاكل العالقة منذ زمن الحرب وذلك في أسرع وقت ممكن. وشدد على "ان الإرادة السياسية الموجودة بين طهرانوبغداد كفيلة بحل تلك المشاكل وترسيخ حسن الجوار". وأشار صدام حسين إلى دوره في المفاوضات التي أدت إلى توقيع اتفاق الجزائر العام 1975 بين إيرانوالعراق، وذلك في معرض تأييده كلام خرازي عن ضرورة احياء تلك المعاهدة. ونسبت الوكالة الإيرانية إلى خرازي الذي التقى أيضاً نظيره العراقي ومسؤولين آخرين، "ان تطبيق هذه المعاهدة من شأنه تأمين مصالح البلدين، واحلال الأمن والاستقرار فيهما"، وقال الوزير الإيراني: "إن هذه المعاهدة تعتبر ميزاناً للعلاقات" بين البلدين. وشدد على "وجود إرادة إيرانية لحل كل القضايا والمشاكل العالقة". وشكل اجتماع خرازي بصدام حسين دليلاً على بلوغ الاتصالات السياسية مرحلة متقدمة، مما يشير إلى احتمال حدوث تطورات جدية وحقيقية في العلاقة، خصوصاً في ملف الأسرى والمفقودين وملف التنظيمات المسلحة المعارضة لكل طرف لدى الطرف الآخر. مع الإشارة إلى أن الأوساط العسكرية السياسية الإيرانية دعت بغداد إلى التخلي عن منظمة "مجاهدين خلق" الإيرانية التي تتخذ من العراق مقراً لها. وتتمثل "القضايا العالقة" بين البلدين في عدة ملفات، على رأسها اسرى الحرب التي استمرت بينهما ثمانية اعوام من 1980 الى 1988 وتسببت في سقوط حوالى مليون قتيل ومئات آلاف الجرحى وتدمير منشآت اقتصادية وصناعية عديدة في البلدين، وايواء كل من البلدين للمجموعات المعارضة للجانب الآخر. لكن مع اعادة فتح مطار صدام الدولي في 17 آب اغسطس الماضي وهبوط طائرات عربية وروسية وفرنسية فيه، تبدو قضية ثالثة عالقة في غاية الاهمية ايضاً، وهي الطائرات التي أرسلها العراق الى ايران خلال حرب الخليج الثانية في 1991. وكان العراق ارسل الى ايران 115 طائرة عسكرية و33 طائرة مدنية قبيل اندلاع حرب الخليج لحمايتها من عمليات القصف. لكن طهران تؤكد ان لديها 22 طائرة فقط وانها مستعدة لإعادتها الى العراق اذا وافقت الاممالمتحدة على ذلك. وقال ديبلوماسي يعمل في العاصمة العراقية ان "تسارع الخطوات بين البلدين الجارين يدل على وجود رغبة حقيقية هذه المرة في التوصل الى حلول نهائية للملفات العالقة". ورأى هذا الديبلوماسي الذي طلب عدم كشف هويته ان وصول خرازى بالطائرة يشكل "بادرة حسن نية تجاه العراق الذي يعمل على توسيع قائمة البلدان التي تكسر الحظر الجوى المفروض عليه منذ اكثر من عشر سنوات". واضاف ان ايران "سجلت موقفاً متميزاً بارسال وزير خارجيتها على متن طائرة بدل ارسال بعثات شعبية او انسانية كما فعلت الدول الاجنبية حتى الآن". ويشار في هذا الصدد الى ان اربع طائرات حطت امس في مطار صدام الدولي ثلاث منها عربية اقلت وفودا شعبية، والرابعة طائرة خرازي. اما الصحف العراقية، فقد شكلت مؤشرا على ترحيب العراق بزيارة الوزير الايراني على رأس وفد كبير التي تستمر ثلاثة ايام. ونشرت الصحف نبأ وصول خرازي في صفحاتها الاولى بينما تضمنت العناوين البارزة التصريحات التي ادلى بها اول من امس في المطار. وعنونت صحيفة "العراق" ان "خرازي يؤكد ان العراقوايران كانا جارين وسيبقيان في ظل التفاهم وحسن الجوار"، بينما اشارت "الجمهورية" الى "جهود ثنائية لحل القضايا العالقة بين العراقوايران لبناء علاقات جيدة بينهما". وامضى خرازي اليوم الاول من زيارته للعراق اول من امس الجمعة في زيارة العتبات المقدسة في مدينتي كربلاء والنجف في جنوبالعراق. وتأتي زيارته لبغداد بعد عشرة اعوام من الزيارة التي قام بها سلفه علي اكبر ولايتي الى العراق في 1990.