} خفت حدة المعارك في الشيشان أمس بعد إعلان القيادة الروسية "وقفة" في العمليات الحربية لمنح سكان غروزني فرصة الانسحاب منها، وجرت إعادة انتشار واسعة للقوات الروسية، فيما تبادل الجانبان المتحاربان جثث القتلى في غروزني. وجرى إبعاد اثنين من "صقور" الجيش الروسي عن الجبهة القوقازية. أعلن الرئيس الروسي بالوكالة فلاديمير بوتين "وقفة" في العمليات العسكرية في الشيشان "بمناسبة الأعياد"، مشدداً على أن السيطرة على غروزني ما زالت هدفاً. وقامت القوات الروسية بعملية إعادة انتشار في مواقعها هناك. وجاء ذلك رغم رفض موسكو دعوة سابقة وجهها الرئيس الشيشاني أصلان مسخادوف إلى "هدنة موقتة" تبدأ في الثامن من الشهر الجاري ولمدة ثلاثة أيام ويجري خلالها اطلاع لجنة خبراء دولية على حقائق استخدام القوات الروسية أسلحة كيماوية في غروزني. ونفت وزارة الدفاع الروسية استعمالها مثل هذه الأسلحة، ورفض عقد الهدنة كبار الجنرالات وفي مقدمهم قائد المجموعة الغربية فلاديمير شامانوف الذي يحظى بشعبية واسعة بين جنوده. وفي صورة مفاجئة، أعلنت موسكو مساء الجمعة اعفاء شامانوف من قيادة المجموعة وإعادته إلى قيادة الجيش ال58، المنصب الذي كان يتولاه قبل العمليات. كما أعفي قائد المجموعة الشرقية غينادي تروشيف وعين نائباً لقائد قوات القوقاز. وأكد الأخير أنه كان اطلع على قرار الاعفاء واعتبره "منطقياً". وذكر ان جنرالات آخرين ينتظرون دورهم لاكتساب "خبرة عملية في الحرب". إلا أن المراقبين أشاروا إلى ان الجنرالين اللذين منحهما الرئيس السابق بوريس يلتسن أخيراً وسام "بطل روسيا" كانا يعتبران من أبرز قادة "الصقور" وغالباً ما تحديا القيادة السياسية. وأكد شامانوف انه "سيتمرد" عليها لو اتخذت قراراً بوقف العمليات في الشيشان. وفي محاولة لاحتواء المضاعفات المحتملة، أكد بوتين ان "مثل هذين الجنرالين لا يمكن التفريط بهما". وقال إن القرار الذي اتخذ يعني "ترقية" لهما ولا يمكن اعتباره دليلاً على تخلي موسكو عن نية "تحرير" غروزني. وتابع ان "الوقفة" في العمليات تتزامن مع عيد الفطر وأعياد الميلاد التي تحتفل بها روسيا وفق التقويم الذي تعتمده الكنيسة الارثوذكسية. وشدد على أن هدف السيطرة على غروزني ما زال مطروحاً. ولكنه امتنع عن تحديد سبل بلوغه. واعتبر مالك سعيد اللايف رئيس "مجلس الدولة" الذي كانت شكلته موسكو من وجوه شيشانية متعاونة معها، ان قرار الوقف الموقت للعمليات "ليس دليل سلام"، بل يعني الاستعداد لجولة جديدة تبدأ اثر إعادة انتشار القوات. وبالفعل، أعلنت وزارة الدفاع ان قواتها قامت أمس بانتشار جديد وبدأت التمهيد لعمليات في المناطق الجبلية. ولم يوضح الجنرالات الروس معنى "الوقفة". وشدد الجنرال تروشيف على أنها لا تعني الوقف الكامل للعمليات، بل تهدف إلى توفير فرصة للمدنيين لمغادرة غروزني التي ذكر أنها تواجه "خطراً بيئياً" بفعل وجود مواد كيماوية سامة في أجوائها، وحمل القادة الميدانيين الشيشانيين المسؤولية عن هذا الوضع. وأكدت قيادة قوات القوقاز ان الطيران لم يستخدم على نطاق واسع أمس، لا بسبب قرار الهدنة، بل لسوء الأحوال الجوية. وتابعت ان المدفعية قصفت تجمعات للمقاتلين في مناطق جنوبية، وواصلت محاصرة غروزني ومدن شيشانية أخرى. ورغم الهدوء النسبي في العاصمة، فإن القتال استمر أمس في الجنوب والمناطق الحدودية المحاذية لجورجيا والتي تشك موسكو في أنها تستخدم لنقل الامدادات إلى المقاتلين الشيشانيين. ولم يصدر عن القيادة الشيشانية رد فعل على القرار الاحادي الجانب الذي اتخذته موسكو، إلا ان تلفزيون "ان. تي. في" عرض أمس عملية تبادل جثث القتلى في واحد من أحياء غروزني. واعتبر ذلك دليلاً عن ان الجانبين يستثمران الهدوء النسبي لاخلاء القتلى.