عاد الشيخ عبدالقادر بوخمخم أول من أمس إلى العاصمة الجزائرية من ولاية جيجل حيث التقى قيادات في الجيش الإسلامي للإنقاذ. وأكد بوخمخم ل"الحياة" أن عمليات نزول المسلحين في الولاية تتم بمعدل فوجين في اليوم بين 50 و70 عنصراً، وان هناك مركز استقبال يتوافدون عليه وتشرف عليه السلطات العسكرية في حضور وكيل الجمهورية نائب عام. وأوضح ان شهادة تسلم إلى العناصر المسلحة لتسمح لهم بالتنقل واستصدار الوثائق الشخصية مثل بطاقة التعريف وجواز السفر. وخصصت الدولة راتباً شهرياً موقتاً يبلغ 10 آلاف دينار لكل شخص منهم. لكن المبلغ قد يتقلص إلى الأجر القاعدي أو يشطب بالكامل في حال حصول صاحبه على وظيفة. وظل في استمرار "أمير جيش الإنقاذ" السيد مدني مزراق من التزام الصمت إعلامياً في شأن اتفاقه مع السلطات، فإن الشيخ بوخمخم يكاد يكون القيادي "الإنقاذي" الوحيد، في داخل البلاد، الذي في إمكانه ان يشرح لوسائل الاعلام تطور العلاقة بين مزراق وأجهزة السلطة بحكم إطلاعه المباشر على الاتصالات بين الطرفين. فما الجديد في الاتفاق الأخير الذي تم بين مزراق واللواء فضيل الشريف نائب رئيس الأركان؟ يرى بوخمخم ان "الأسباب التي أدت بقيادة جيش الإنقاذ والسلطة العسكرية إلى الاجتماع هي ما روجته وسائل الإعلام الوطنية والدولية عن حل جيش الإنقاذ لتنظيمه المسلح قبل تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في 1997". ويذهب إلى أن مصادر "من التنظيم والسلطة اعتبرت ذلك بمثابة تسريب لمعلومات تستهدف التشكيك في الهدنة أو التنصل من الاتفاق، مما دفع بجيش الانقاذ إلى تعليق العودة قبل صدور مرسوم العفو الشامل، لأنه تأكد لديه ذلك من خلال تعامل السلطات مع الدفعة الأولى من عناصره". وقال إن عملية تقليص دائرة الخلاف بين الطرفين تحققت بفضل تنازل قيادات "الإنقاذ" عن بعض البنود من الاتفاق الأول "خدمة لمصلحة البلاد". وأوضح ان ذلك تجسد "في التخلي عن انضمام عناصر جيش الانقاذ إلى الجيش الوطني الشعبي لمحاربة الجماعة المسلحة الجيا". وأضاف: "لقد ترك هذا الموقف ارتياحاً كبيراً. وأتوقع أن يكون له أثر ايجابي، لأنه وضع حداً للإدعاءات بأن جيش الإنقاذ يريد التسلل إلى المؤسسة العسكرية أو الاستسلام". وكشف ان "لجنة وطنية مشتركة بين جيش الإنقاذ والمؤسسة العسكرية انشئت لمتابعة ملفات جيش الإنقاد وتصفية الملفات السياسية المتراكمة مثل مسألة المفقودين وضحايا المأساة الوطنية والمساجين، وتعويض المتضررين، وقد تمتد هذه المعالجة للملفات سنة أو أكثر". أما بالنسبة إلى العناصر التي شكلها العفو الشامل، فيقدرها بوخمخم بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف. ويقول إن "العفو جزئي يخص حملة السلاح، وهو في اعتقادي لا يحل المشكلة، ومن المصلحة الوطنية ان يقوم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة باجراءات أخرى". ويعتقد بأنه "من دون اطلاق الشيخين عباسي مدني وعلي بن حاج والمساجين السياسيين، والعودة إلى الممارسة السياسية، لا يمكن ان يكون هناك حل للمعضلة". ويؤكد: "ان عودتنا إلى الساحة السياسية في إطار الدستور وقوانين الجمهورية تساهم إلى حد كبير في اخراج البلاد من الأزمة وتدفع بالمعارضة نحو العمل السياسي الجاد، وتكرس مبدأ التداول على السلطة سلمياً في إطار احترام القيم الوطنية ضمن التعددية الحزبية". وتوقف بوخمخم عند الاجتماع الأخير للواء فضيل الشريف مع مزراق. فأوضح ان الاجتماع تطرق إلى الجانب السياسي وقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ بكل تفاصيله. وقال: "إن الجانب السياسي في اتفاق الهدنة لا يزال في خطواته الأولى والأيام المقبلة ستكشف بالضرورة مدى صدق السلطة وارادتها في معالجته، لأنه أصل المشكلة".