أكد الامين العام لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم الدكتور حسن الترابي ل"الحياة" مساء أمس أن قراراً أتخذ في إجتماع هيئة الشورى في الحزب بالدعوة الى مؤتمر عام استثنائي للحزب لإجازة تعديلات على نظامه الاساسي أقرها إجتماع الشورى. وتحدث الترابي عن خلافه مع الرئيس عمر البشير قائلاً: "تحدثنا أمام الاجتماع هو وأنا وأكدنا أن العامل الشخصي مسح وتم تجاوزه". وتوقع إعلان التشكيل الحكومي قريباً بعد تشكيل إجتماع يوم أمس اللجنة المسؤولة عن التعيينات في الدولة والحزب. راجع ص 5 وأوضح الترابي في إتصال هاتفي أجرته معه "الحياة" من لندن بعد وقت قصير من إنتهاء الاجتماع أن "لجنة رأب الصدع" دعت الى إجتماعات مباشرة بين القياديين، وأنه وافق على عقد لقاء مباشر مع البشير"لإستكمال معالجة القضايا الشخصية". وتابع: "لم تصدمني التطورات التي أطلق الناس عليها تسميات مثل أزمة وغيرها من الاوصاف، لأنني أعلم ماذا نبني، وأن الديموقراطية في الغرب مثلاً مرت بتوترات وثورات أحياناً حتى إكتشف الناس عظات وعبر ترجمت في لوائح وقوانين". وأكد أن كل هذا "تم تجاوزه الآن ليس لأنه خلاف شخصي أو تنظيمي محدود، ولكن لأنه حدث له وقع تاريخي يعلمنا كيف نتجاوز أزمات الخلاف ونضع آداباً ونظماً ولوائح جديدة حتى نسوق حركة الحياة الشورية الى الامام". وأوضح الترابي في تعليق على ما توصل اليه الاجتماع أن لجنة رأب الصدع "كلفت من هيئة الشورى بأن تقدم الى الهيئة لوائح ونظم وقائية مفصلة ضد مشكلات المستقبل ومناطق الاحتكاك بين المؤتمر الوطني والاجهزة التي يدفعها الى الحكم. لا نقول أن هذا علاج مثل الدستور لكنه محاولة للعلاج". وأضاف في رد على سؤال "ما ذهب الى القضاء تركوه يمضي في سبيله القانوني"، في اشارة الى الدعوى التي رفعها نواب ضد قرار البشير حل البرلمان وفرض حال الطوارئ. وشدد على أن إجتماع هيئة الشورى "حفظ الاختصاصات لكل الأجهزة وأجيزت لوائح تحدد العلاقات بين الاجهزة ومحاسبة الاعضاء والتوفيق في أي خلاف ينشأ في المستقبل". وقال الترابي أنه يتوقع تشكيل الحكومة الجديدة في وقت قريب بعد "تشكيل جهاز جديد للاختيار والمحاسبة" يضم الرئيس ونائبيه والامين العام ونائبيه ووزير الحكم الاتحادي وأمين الاتصال التنظيمي في المؤتمر ورئيس هيئة الشورى وممثل الحزب في مجلس التنسيق في الجنوب ورئيس الهيئة البرلمانية للحزب. وأضاف أن الصيغة الجديدة تشمل ترشيح الامين العام نوابه والمسؤولين عن قطاعات الحزب فيما يرشح الرئيس أعضاء الحكومة وتجاز هذه الترشيحات داخل "لجنة الاختيار والمحاسبة" الجديدة. ورفض تحديد موعد للمؤتمر الاستثنائي لكنه توقع أن يتم في غضون عدة أشهر، وقال إن هذا المؤتمر لن يعقد فقط لمعالجة هذه القضايا وإنما "سيجد أمامه مشاريع في السياسة الخارجية والانتخابية لأن السودان يستقبل توسيعا في المشاركة السياسية يشمل قوى سياسية مهمة" في إشارة الى توقعه قرب تحقيق المصالحة والوفاق الوطني خلال الفترة المقبلة. الى ذلك، إستمر الاقتراع داخل هيئة الشورى حتى وقت متقدم من مساء أمس لإختيار أعضاء جدد في هيئة قيادة الحزب الحاكم. وعلمت "الحياة" أن الاجتماع أبقى على الدكتور علي الحاج محمد نائباً أول للترابي في حين أبدل نائبه الثاني لورانس لوال لوال بموسى المك كور وهو سياسي جنوبي بارز. أما تشكيلة الهيئة الجديدة فينتظر أن تخرج متوازنة بين جناحي الصراع اذ أعدت لجنة الوساطة لائحة محددة قدمتها الى الاجتماع الذي يضم 600 عضواً. ومهدت قرارات الهيئة السبيل أمام تشكيل الحكومة السودانية الجديدة الذي أرجأ لأكثر من ثلاثة أسابيع في إنتظار تسوية الخلاف بين الرئيس عمر البشير والامين العام للحزب الحاكم. وتشمل قرارات الهيئة، كبرى تشكيلات الحزب في غياب مؤتمره العام تحديد صلاحيات الزعيمين وبينها مشاركتهما مع نوابهما الاربعة في لجنة الاختيار التي تتولى إقرار التشكيلة الحكومية الجديدة. وبات منتظراً أن يعلن البشير عن حكومته الجديدة بعد وقت قصير من عرض ثلاثة مرشحين لكل منصب وزاري على لجنة الاختيار والمحاسبة ذات النفوذ الواسع لإختيار الوزراء الجدد. وركزت قرارات هيئة الشورى على إقرار توصيات "لجنة رأب الصدع" التي يقودها نافذون في الحزب وشكلت إثر نشوب الصراع بعد قرار البشير حل البرلمان وفرض حالة الطوارئ. ورفض الاجتماع إقتراحات أخرى عدة مركزا على تحقيق مكسب واحد هو الحفاظ على وحدة الحزب في ظل أخطر أزمة تواجهها الحركة الاسلامية السودانية. وحل البشير الحكومة قبل ثلاثة أسابيع من دون إعلان حكومة جديدة حتى الآن. وعلمت "الحياة" أن لجنة رأب الصدع قبلت حل الحكومة الذي عرض عليها آنذاك بشرط إرجاء تعيين الوزراء الجدد الى حين عرضهم على الجهة المختصة في الحزب تأكيدا لحاكمية التنظيم. وأحبط هذا الموقف آمالاً في حدوث تغيير جوهري في الحكم السوداني الذي يسيطر عليه الاسلاميون.