قبل خمسة قرون كانت البرتغال أول دولة اوروبية تستعمر اراضي أمم اخرى. وفي العام 1975 كانت البرتغال آخر أمة استعمارية في العالم ترحل عن مستعمراتها القديمة، في افريقيا. ولقد احتاج الأمر. لكي تحقق البرتغال هذا ان يقوم فيها نظام حكم عسكري تقدمي، برز إثر انقلاب 1974 الذي أطاح بحكومة "سالازارية" وسمي ب"ثورة الغرنفل" لأنه كان انقلاباً سلمياً، نال على الفور تحبيذ الشعب البرتغالي ومناصرته. اذن الانقلابيون اليساريون، الذين انتفضوا اصلاً على الحكم القديم الذي كان خلف الديكتاتور الراحل سالازار من دون ان يغير أساليبه "القمعية والرجعية"، سارعوا الى منح العديد من المستعمرات البرتغالية القديمة استقلالها خلال العام 1975، وهي انغولا وموزامبيق وغينيا البرتغالية. وهم اذ فعلوا هذا ساروا مع منطق التاريخ، ولكن ايضاً مع مصالح البرتغال التي كانت الحروب الاستقلالية العنيفة في مستعمراتها كلفتها غالياً خلال السنوات السابقة. ثورة الغرنفل أنهت الامبراطورية البرتغالية التي كانت كما أسلفنا أول امبراطورية استعمارية في العصور الحديثة. غير انها لم تتمكن من فرض الهدوء والسلام على اثنتين على الأقل من المستعمرات السابقة: انغولا والموزامبيق اللتين عاشتا طوال الفترة اللاحقة حروباً أهلية عنيفة، ولا سيما في انغولا التي ظلت حربها بين اليسار الحاكم واليمين الانفصالي قائمة حتى عهد قريب.