أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    ورشة عمل لتسريع إستراتيجية القطاع التعاوني    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستعمار منذ الفراعنة والرومان حتى زمن الحرب بالوكالة وسقوط الاقنعة ؟
نشر في أزد يوم 30 - 12 - 2011

أزد - حصة ابراهيم - الرصد // الإستعمار هو أن تسيطر دولة ما بقوة السلاح أو المال أو بفضل التفوق التقني والعلمي على دولة أو عدة دول وتستغل مواردها وثرواتها لصالحها وقدرات سكانها، وقد بدأ الاستعمار في عهود مبكرة من الفراعنة والرومان وغيرهم، ومنها الاحتلال العسكري الأسباني في الأميركتين الشمالية والجنوبية والإنكليزي في ما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأميركية وكندا، والبرتغال التي استعمرت أجزاء واسعة من أميركا الجنوبية والمرافئ والمراكز التجارية في عدد من قارات العالم. وموازاة مع الاستعمار بالقوة العسكرية بدأ الاستعمار المالي بشركات ما وراء البحار والاستغلال والاحتكار لثروات بلدان مختلفة وخاصة في الشرق الأقصى. فقد استطاعت بريطانيا أن تستعمر القارة الهندية بكاملها، فكانت الهند تنتج وتصدر المواد الأولية من شاي وقطن وتبيع لإنكلترا بسعر زهيد وتعيد إنكلترا للهند القطن منسوجا في مصانعها بسعر مرتفع.
في مرحلة لاحقة وتقريبا مع تكثف الثورات في البلدان المستعبدة ضد القوى المستعمرة وعملائها المحليين، ادخل تعديل على تعريف الاستعمار، حيث تفيد عدة موسوعات أنه مصطلح يشير إلى ظاهرة سياسية، اجتماعية وثقافية تشمل إقامة مستوطنات أوروبية خارج أوروبا منذ القرن ال15 واستيلاء الدول الأوروبية سياسيا واقتصاديا على مناطق واسعة في جميع القارات الأخرى، بما في ذلك إخضاع الشعوب القاطنة فيها لحكم الدول الأوروبية واستغلال كنوزها الطبيعية وعمل السكان المحليين لصالح الدول الأوروبية.
مع إقتراب القرن الثامن عشر من نهايته ظل التعريف الأكثر شيوعا للدول الاستعمارية يحصرها في القارة الأوروبية، غير أن الأمور تبدلت بعد أن نشبت الحرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا في العام 1898.
الذريعة كانت انفجار البارجة الأميركية "ماين" في مرفأ هافانا الكوبي ومقتل 260 أميركي. وعلى الرغم من أن الحكومة الإسبانية سارعت إلى تقديم اعتذارات وشتى التنازلات، غير أن جهودها باءت بالفشل، علما أن سبب الإنفجار بقي مجهولا ويقول مؤرخون أنه مفتعل، فقد أصرت الحكومة الأميركية على تحميلها المسؤولية، واندلعت الحرب، وتخلت إسبانيا نتيجة هزيمتها عن كوبا وبورتوريكو والفيليبين لصالح الولايات المتحدة.
التوسع الأميركي
يقول المؤرخون أن جذور هذه الحرب تعود إلى الأطماع التوسعية الأميركية في منطقة البحر الكاريبي، وإلى ضعف الإمبراطورية الإسبانية التي لم تعد قادرة على السيطرة على مستعمراتها. فلقد كانت كوبا مستعمرة إسبانية وديعة غير أنها شهدت نضالات واسعة.
من أجل الاستقلال خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وبدءا من سنة 1895 كانت كوبا تعيش أجواء انتفاضة حاول الإسبان بشتى الطرق القضاء عليها.
كان الأميركيون قد استثمروا 50 مليون دولار في مزارع السكر الكوبية. كما كانت الاحتكارات البترولية الأميركية وملاك المناجم والاحتكارات الأخرى ترغب في شن حرب ضد إسبانيا. ويضاف إلى هؤلاء كبار العسكريين الأميركيين الذين كانوا يطمحون إلى السيطرة على المواقع الإستراتيجية الخاضعة لإسبانيا في كل من البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، وقد أدت سلسلة الهزائم الإسبانية إلى تحول الولايات المتحدة إلى دولة استعمارية كبرى وقوة عالمية بعد أن كانت قوتها إقليمية.
واشنطن تمسكت بعد تلك الحرب بمقولة أنها قاتلت من أجل تحرير الشعوب وأخذت تنصب من حين لآخر ما تدعي أنهم حكام يمهدون للإنتقال الديمقراطي.
في 12 يونيو 1898 أعلن أغوينالدو استقلال الفلبين عن إسبانيا. وتأسست الجمهورية الفلبينية الأولى في العام التالي. في الوقت نفسه، تنازلت إسبانيا عن الجزر الفلبينية إلى الولايات المتحدة مقابل مبلغ 20 مليون دولار في معاهدة باريس لعام 1898. وقد برز بوضوح في ذلك الحين أن الولايات المتحدة لن تعترف بالجمهورية الفلبينية الأولى، وتم افتعال أحداث ومناوشات مما سهل إشعال نار الحرب الأميركية ضد الفلبين. والتي انتهت بالسيطرة الأميركية على الجزر بعد ثلاث سنوات من حرب ضروس.
حصيلة تلك الحرب غير المتوازنة كانت مقتل 4324 جندي أميركي وإصابة 2818 آخرين، وفي الجانب الاخر قتل 2000 فرد من الحرس الجمهوري الفلبيني إضافة إلى 16000 جندي من الجيش النظامي، بينما إبيد حوالي مليون مدني فلبيني.
ومن أبرز محطات هذه الحرب إذا جاز أطلاق هذا المصطلح، ما يعرف بمجزرة جزيرة بالانجيجا التي قامت خلالها عناصر القوات المسلحة الأميركية بقتل عشرات الآلاف من الفلبينيين غالبيتهم من المدنيين وذلك ابتداء من أواخر شهر سبتمبر من العام 1901 ولغاية شهر مارس من العام 1902. وكانت هذه المجازر بإيعاز من الجنرال الأميركي جاكوب إتش سميث الذي أمر قواته بقتل كل فلبيني يبلغ من العمر أكثر من عشر سنوات، كرد انتقامي لقيام ثوار فلبينيين بنصب كمين لوحدة من قوات الجيش الأميركي وقتلهم لخمسين جنديا منهم بالقرب من بالانجيجا.
ويعتبر الكمين الفلبيني وما تلاه من تدابير قتل انتقامية من القضايا التي تبقى عالقة إلى اليوم بسبب أجراس كنيسة بالانجيجا الثلاث التي استحوذت عليها القوات المسلحة الأميركية وترفض إعادتها للفلبين.
الصراع عرف أميركيا بالعصيان الفلبيني، حتى سنة 1999 عندما أعادت مكتبة الكونغرس تصنيف مراجعها لاستخدام مصطلح "الحرب الفلبينية الأميركية".
ذرائع الحرب
تاريخ الحروب مليء بالأمثلة التي تظهر أن الأطراف الراغبة أصلا في شن حرب لتحقيق أغراضها تختلق عادة ذريعة تساعدها على ربح المناورة السياسية الداخلية والخارجية قبل وبعد إعلان الحرب، وتجعلها قادرة، إلى حد ما، على تبرير الحرب وإعطائها مظهر الإجراء العادل في بدايته على الأقل.
بعض المؤرخين يقولون أن الاستعمار بمفهومه القديم انتهى تدريجيا خلال النصف الأخير من القرن ال20 ولكنه أخذ أشكالا جديدة خاصة بعد أن أصبحت الولايات المتحدة القطب العالمي الأول بعد نهاية نظام ثنائية الأقطاب بسقوط الاتحاد السوفيتي.
والثابت وبناء على التجارب التاريخية حتى بداية القرن الحادي والعشرين يتبين أن النظام الاستعماري في جوهره لم يتبدل رغم توالي القرون، الأمور التي تتغير فقط هي الأساليب.
يختلف المؤرخون حول تحديد موعد تحول القوى الاستعمارية الأوروبية إلى تابع للولايات المتحدة تتصرف حسب تعليماتها وتقبل برحابة صدر ما تتركه لها واشنطن من غنائم الحروب أو الغزوات الجديدة وخاصة تلك الموصوفة بالناعمة، غير أن هناك إتفاقا شبه كامل على أن مرحلة التحول جرت إبتداء من الحرب التي شنتها كل من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر في عام 1956 إثر قيام جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس.
بعد التعثر الأميركي في حربي أفغانستان والعراق اتبعت واشنطن تكتيكا جديدا للحروب بالوكالة لتوسيع سيطرتها العالمية.
الحرب بالوكالة هي حرب يستغل فيها طرف قوى معارضة أو مرتزقة وغير ذلك من التنظيمات كبدائل لقتال طرف خصم بشكل مباشر. وهو حين يفعل ذلك يؤمل أن تستطيع هذه الجماعات أن تضرب الخصم دون أن يؤدي ذلك حرب مباشرة ومتكاملة.
خلال كثير من الحروب بالوكالة كان من الصعب أحيانا جني الثمار كاملة من جانب محركيها لأن الجماعات التي تقاتل لدولة معينة عادة ما يكون لها مصالحها الخاصة، والتي يمكن أن تختلف عن تلك التي تناصرهم.
هناك الكثير من الحروب بالوكالة بعضها قبل وبعد الحرب العالمية الثانية.
أحد أمثلة الحروب بالوكالة كانت الحرب الأهلية الإسبانية التي امتدت من 17 يوليو 1936 حتى 1 أبريل 1939.
حيث نشب صراع حاد بين القوميين بقيادة الجنرال فرانشيسكو فرانكو هازمين القانونيين أو جمهوريو الجمهورية الإسبانية الثانية. القانونيون الذين يعرفون أيضا بالجمهوريين كانوا يستمدون دعمهم بالسلاح والمتطوعين من الاتحاد السوفييتي وحركات الشيوعية الدولية والالوية الدولية، في حين تلقى القوميون دعمهم من إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية. كانت تلك الحرب تجربة للسلاح ولبناء مواقع استراتيجية وتقسيم النفوذ في القارة الأوروبية.
بعد ذلك إعيدت التجربة طبعا بإختلافات أحيانا جوهرية خلال الحرب الأهلية في اليونان ثم كوريا وفيتنام وأفغانستان وأنغولا والشرق الأوسط، وأميركا اللاتينية.
الإستراتيجية العسكرية الأميركية الجديدة
بعد التعثر الأميركي في حربي أفغانستان والعراق، اصدر الجيش الأميركي يوم الثلاثاء 8 فبراير 2011 أول بيان جديد له منذ سبع سنوات بشان إستراتيجيته متجاوزا التركيز على الحرب في أفغانستان لمعالجة صعود الصين وتحديات إستراتيجية أخرى.
وشددت الإستراتيجية العسكرية الوطنية لهيئة الأركان المشتركة لعام 2011 في بيانها التزام الولايات المتحدة بمكافحة ما سمي التطرف العنيف في أفغانستان وباكستان ولكنه قال إن على الجيش توسيع أفاقه لمعالجة التهديدات النامية في مناطق أخرى.
وذكر الأميرال مايك مولين رئيس هيئة الاركان المشتركة في مدونته "انه على الرغم من استمرارنا في صقل كيفية مواجهة التطرف العنيف وردع العدوان فان هذه الاستراتيجية تشدد بشكل صائب على ان قوتنا العسكرية تكون أكثر فعالية عندما توظف بالتنسيق مع عناصر القوى الأخرى".
والاستراتيجية بيان واسع بشأن الطريقة التي ينوي بها الجيش استخدام قواته وإعطاء أولوية للمساعدة والتدريب للمساهمة في تحقيق الأهداف الأمنية للولايات المتحدة.
ويقول مسؤولون عسكريون ان انتهاج اسلوب "الدولة بأكملها" والذي لا يتضمن فقط قوات الامن ولكن الدبلوماسية والمنظمات غير الحكومية سيكون ضروريا لمعالجة التحديات الامنية في المستقبل.
وعلى الرغم من ان الاستراتيجية العسكرية السابقة والتي صدرت في 2004 كانت تدعو الجيش إلى حماية الولايات المتحدة ومنع الهجمات المفاجئة والانتصار على الأعداء فان الوثيقة الحالية تتجاوز ذلك.
فبالاضافة الى مكافحة التطرف العنيف وردع العدوان تسعى استراتيجية 2011 إلى تعزيز الأمن العالمي من خلال اقامة شراكات اقليمية ودولية وتهدف إلى إعادة رسم القوة العسكرية لمواجهة التحديات في المستقبل.
وتتناول الاستراتيجية العسكرية الوطنية بشكل عام شروط كيفية استخدام القوات المسلحة. ويجب بمقتضى القانون مراجعتها كل عامين ولكن ليس من الضروري تعديلها ما لم تكون هناك حاجة لإدخال تغييرات.
وذكر مسئول عسكري كبير ان البيئة الأمنية التي تواجه الولايات المتحدة تغيرت بشكل كبير خلال سبع سنوات منذ اصدار استراتيجية 2004.
وتواجه الولايات المتحدة سلسلة كبيرة من التحديات في منطقة اسيا والمحيط الهادي وأميركا الجنوبية من صعود البرازيل والارجنتين والهند والصين إلى البرنامج النووي لكوريا الشمالية وتغير التوازن الاقتصادي العالمي ووجود منافسة شرسة على الموارد الطبيعية.
وتدعو الاستراتيجية إلى تحسين الأمن العالمي من خلال إقامة علاقات أعمق بين الجيوش والتعاون.
وقال المسئول الرفيع ان على الجيش الأميركي "تحقيق مهمتنا" في العراق وأفغانستان ولكن عليه أيضا ان يتطلع إلى ما هو ابعد من هذين الصراعين و"بدء الاعتراف بأن هناك حاجة للتعامل مع البيئة الإستراتيجية بمناطق أخرى".
الاستعمار الجديد
خلال شهر أبريل 2011 كتب بول كريغ روبرتس الذي كان رئيسا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إحدى أهم الصحف الأميركية، ومساعدا لوزير الخزانة الأميركي مقالاً في نشرة "كاونتربنتش" على الانترنت تحت عنوان "الاستعمار الجديد" بدأه بالقول: لا احد بين المرموقين من محللي شؤون الشرق الأوسط يأخذ على محمل الجد ادعاء الدول الغربية بأن الغرض من تدخلها العسكري في ليبيا هو حماية المدنيين الليبيين من بطش نظام العقيد معمر القذافي بالرغم من ان هؤلاء يجمعون على ان من الأفضل لليبيين وليبيا انتهاء النظام الذي يتربع القذافي على قمته منذ أكثر من نحو 42 عاما. "ان ما نشهده في ليبيا هو الولادة الجديدة للحركة الاستعمارية، لكنها هذه المرة لا تتمثل في حكومات اوروبية فردية تتنافس على الامبراطوريات والموارد. ان الحركة الاستعمارية الجديدة تعمل تحت غطاء "المجتمع الدولي"، ما يعني حلف شمال الأطلسي "ناتو" وتلك الدول التي تتعاون معه. وكان "ناتو" في وقت من الأوقات تحالفا دفاعيا ضد غزو سوفييتي محتمل لأوروبا الغربية. واليوم يقدم "ناتو" قوات عسكرية نيابة عن الهيمنة الأميركية.
تسعى واشنطن إلى الهيمنة العالمية تحت ستاري "التدخل لدواع انسانية" و"جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعوب المضطهدة". وعلى أساس انتهازي، تستهدف واشنطن بلدانا للتدخل ليست من "شركائها الدوليين".
لقد جعل القذافي نفسه هدفا بوقوفه في وجه الحركة الاستعمارية الغربية. ورفض أن يكون جزءا من "القيادة الاميركية لافريقيا. اذ اكتشف حقيقة الخطة، وهي أنها خطة مستعمر يسعى لتطبيق سياسة فرق تسد".
في سنة 2007 وبأمر من الرئيس جورج بوش وضعت خطط القيادة الاميركية في أفريقيا، ووصفت "افريكوم" اهدافها كالتالي:
"ان مقاربتنا تقوم على أساس دعم مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في افريقيا كما بينها الرئيس ووزيرا الخارجية والدفاع في استراتجية الأمن القومي والاستراتيجية العسكرية القومية. ان للولايات المتحدة والدول الافريقية مصالح متبادلة قوية في تشجيع الأمن والاستقرار في قارة افريقيا، وجزرها المستقلة ومناطقها البحرية. وتتطلب رعاية هذه المصالح مقاربة موحدة تدمج جهودها بجهود الوزارات والوكالات الحكومية الاميركية الاخرى، وكذلك جهود شركائنا الافريقيين والدوليين الآخرين".
الطابور الخامس
في ما سمي الاستراتيجية الأميركية الجديدة التفاتة لأهمية المنظمات غير الحكومية والمقصود تلك التي تخضع لتوجيهات واشنطن والتي لا يمكنها الاستمرار بدون دعمها المادي.
تقول دراسة عربية أنه بعد فضيحة إيران كونترا غيت في ثمانينيات القرن الماضي بدأت الإدارة الأميركية تبحث عن خطط جديدة لاختراق الدول وتدعيم الحركات والأحزاب المعارضة‏،‏ وهو ما عرف بإسم حرب الأفكار‏،‏ ونشطت المعاهد الأميركية في البحث عن صيغة جديدة، الهدف منها تلافي أخطاء وكالة المخابرات ومشاكل تورط الإدارة الأميركية في الحروب المكلفة، وانتهت الدراسات إلي أن الأسبقية يجب أن تعطى للاختراق عبر ما يسمي منظمات المجتمع المدني، بحيث تقوم هذه المنظمات المدعومة والموجهة أميركيا بصورة سرية بالعمل بشكل شرعي لتأتي بنتائج كانت تكلف بها المخابرات. وهكذا أصبحت تلك المنظمات تلعب فوق المنضدة نفس الدور الذي كانت تلعبه المخابرات من تحت المنضدة.. المشكلة أن كثيرين تأخذهم البراءة الوطنية ولا يدركون ما يحدث حولهم، وان بعض ما يمر امامهم ليس بهذه البراءة لكنه صناعة أجهزة ومؤسسات تمويل لها أهداف أخرى.
وكما تكشف العديد من الوثائق الأميركية فقد كانت هناك أهداف أخري لزعزعة استقرار انظمة وحكومات معادية للمصالح الأميركية. وقد كانت هذه العمليات معروفة وواضحة إبان الحرب الباردة بين القوتين العظميين في فترة ما بعد الحرب العالمية، وعندما سيطرت أميركا كقوة عظمي ووحيدة اعتقد العالم أن الاستقطاب والتدخل المباشر وغير المباشر قد أصبح من اساليب من الماضي، غير أن ما حدث كان أخطر بكثير مما كان إبان الحرب الباردة. ان عمليات التدخل تتم الان تحت غطاء عناوين براقة وخادعة، مرة بدعم حقوق الإنسان وأخري لدعم الديمقراطية، وثالثة حقوق المرأة والطفل وحتى مثيلي الجنس. وهي عناوين مقصودة لخداع الرأي العام، والأخطر من هذا وذاك انها تتسلل إلي كثير من المجتمعات خلسة بعيدا عن أجهزة الدولة الرسمية، ويبدأ التعامل المباشر بين الصناديق الأميركية ومنظمات المجتمع المدني مباشرة بدون حسيب ولا رقيب لا في الدول المستهدفة ولا حتي داخل الولايات المتحدة، وأصبحت بعض الصناديق والهيئات تمثل وزارة خارجية أميركية موازية بعيدا عن رقابة الكونغرس الذي يمول بعض هذه الصناديق.
الأرشيف البريطاني
خلال شهر ديسمبر 2011 استعانت صحيفة "الغارديان" بالارشيف البريطاني الذي رفعت عنه السرية لتصل الى نتيجة مفادها ان الغرب لن يمل في سعيه للسيطرة على الشرق الأوسط، مهما كانت العقبات، وأن الولايات المتحدة تحاول ركوب حركة التحول والإصلاح في المنطقة الممتدة من الخليج العربي حتى السواحل الأفريقية على المحيط الأطلسي لتخرجها عم مسارها الطبيعي ولتحولها إلى ما يسميه المحافظون الجدد فوضى "خلاقة" وأداة لتفتيت الكيانات القائمة.
وأعادت "الغارديان" الى الذاكرة سنوات الاستعمار الغربي للبلدان العربية بعد تقسيمها مشيرة إلى جزء كبيرا مما يجري الأن تكرار لممارسات مضت. وذكرت الصحيفة أن على الدول العربية إن أرادت أن تتحكم في مستقبلها، فعليها مراقبة ماضيها القريب وتجارب سنوات الاستعمار الغربي لبلدانها.
وقالت في تقرير تاريخي موسع ان هذه التحولات التي انطلقت شرارتها الأولى في تونس ركزت على الفساد والفقر وانعدام الحريات، وليس على الهيمنة الغربية أو الاحتلال الإسرائيلي.
وتوصلت في تقرير كتبه " شايماس ميلن" بالاستعانة بالأرشيف البريطاني "باثي نيوز" المدعم بالافلام والصور الارشيفية للاحداث التاريخية التي مرت على البلدان العربية ومقارنتها بالوضع العربي الراهن، إلى سبعة دروس تربط علاقة الغرب بالعرب والجهود الاستعمارية المتكررة للسيطرة على الشرق الأوسط.
وقال "هناك شعور حقيقي لدى السكان في المنطقة أكثر من أي بقعة أخرى من العالم المستعمر سابقًا بأن الشرق الأوسط لم يحصل على استقلاله بالكامل، وبسبب تربعه على عرش مخزون البترول الأكبر في العالم، تم استهداف العالم العربي بتدخلات وغزو مستمرين، حتى بعد حصوله رسميا على الاستقلال".
وبعد تقسيمه إلى دول صورية بعد الحرب العالمية الأولى، تم قصف واحتلال أجزاء منه بواسطة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا كما تم محاصرته بالقواعد الأميركية وأنظمة استبدادية مدعومة من الغرب.
وذكر التقرير بالمحاولة الأخيرة التي سعت فيها الدول العربية إلى الخروج من المدار الغربي في الخمسينيات من القرن الماضي، تحت تأثير فكرة الوحدة العربية التي أطلقها جمال عبد الناصر، وركز عليها في يوليو عام 1958، حين أطاح ضباط جيش عراقيون قوميون بنظام وصف ب "الفاسد والقمعي والمدعوم من الغرب ومحمي من قِبل القوات البريطانية".
وأصاب طرد النظام العراق الموالي للغرب والموثوق به، "باثي" بالفزع. فأطلقت صيحة تحذير في أول تقرير إخباري لها تعليقا على الأحداث مؤكدة أن العراق الغني بالبترول أصبح "منطقة الخطر الأولى".
وفي غضون أيام قليلة حركت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية آلاف الجنود إلى الأردن ولبنان لحماية اثنين من الأنظمة من الثورة الناصرية. وكما تقول "باثي نيوز" في تقرير لها، لغرض" إيقاف سريان الفساد في الشرق الأوسط" أي امتداد ثورة العراق إلى دول الجوار.
وبالتقدم سريعا لعام 2003، نجد أن بريطانيا وأميركا استطاعتا غزو واحتلال هذه الدولة بالكامل.
وأخيرا عاد العراق تحت سيطرة غربية كاملة على حساب دم شعب تمت إراقته بوحشية ودمار. ويضيف التقرير "إن قوة المقاومة العراقية هي التي أدت إلى رحيل القوات الأميركية رسميا نهاية ديسمبر 2011، ولكن حتى بعد الانسحاب، سوف يظل 16000 مقاول ومدرب وآخرين تحت أمرة الولايات المتحدة. ففي العراق، كما في باقي المنطقة، لا يرحلون إلا إذا أرغموا على ذلك".
وذكر التقرير أن القوى الاستعمارية عادة ما تخدع أنفسها بشأن حقيقة ما يفكر فيه العرب. وتساءل "هل من الممكن أن يكون مقدم "باثي نيوز" والمحتلون الاستعماريون اليوم قد صدقوا بالفعل أن آلاف العرب عندما أمطروا الثناء المرعب على الديكتاتور الفاشي موسولينى عندما قام بجولة في شوارع طرابلس في المستعمرة الإيطالية بليبيا في عام 1937 كانوا بالفعل يعنون ذلك؟. قد لا تظن ذلك عندما تنظر إلى وجوههم الخائفة". وارفق التقرير صورة أرشيفية وفيلماً لزيارة موسوليني إلى ليبيا تظهر صفوف من الليبيين يرحبون به.
وأشار إلى أنه لا توجد أدنى إشارة في الفيلم الإخباري إلى أن ثلث سكان ليبيا قد ماتوا تحت وطأة الحكم الإيطالي الاستعماري الوحشي، ولا عن حركة المقاومة الليبية البطولية التي قادها عمر المختار، والذي شنق في معسكر اعتقال إيطالي. ولكن بعد ذلك يصف التعليق الصوتي، أو "القناع الاستعماري"، موسولينى بأنه كالساسة البريطانيين في ذلك الوقت.
تقرير "باثي" عاد إلى تشبيه زيارة الملكة البريطانية للمستعمرة البريطانية آنذاك في عدن بعد سنوات قليلة قائلا "كان مشابها على نحو مخيف، مع "آلاف من الرعايا" المخلصين السعداء يقدمون ترحيبهم المفترض لملكتهم والذي وصفته بفرح بأنه مثال غير مسبوق في التطور الاستعماري".
وبالفعل كان غير مسبوق حيث إنه بعد ما يقرب من قرن أجبر رجال حركات التحرير اليمنية القوات البريطانية على إخلاء آخر موقع من الإمبراطورية بعد ما تعرضوا للضرب والتعذيب والقتل. ويشرح جندي مشاه سابق في وثائق "بي بي سي" 2004 عن عدن أنه لا يمكنه الخوض في التفاصيل بسبب خطورة اتهامات حول جرائم الحرب.
أوهام نصر سهل
توقع حكام واشنطن من اليمينيين المتطرفين أمرا سهلا في العراق، ورأينا في التغطية الأميركية والبريطانية للغزو في البداية أنه كان لا يزال هناك عراقيون يلقون الورود على قوات الغزو رغم أن المعارضة المسلحة كانت تتدفق بالكامل لتحويل وجود المحتل إلى جحيم معبرة عن موقف غالبية الشعب.
وأورد التليفزيون البريطاني مؤخرا تقريرا عن أن القوات البريطانية "تحمي السكان المحليين" من طالبان في أفغانستان، وهذا يمكن أن يكون تذكيرا على نحو مذهل بالأفلام التسجيلية من الخمسينيات من أكاذيب تبرير الغزو والاستعمار في عدن والسويس.
وكتب " شايماس ميلن" ان القوى العظمى لديها أيادٍ خبيرة في شيطنة الأنظمة التي تعمل على اسقاطها أو تجميل الأنظمة العميلة لإبقاء تدفق البترول وأرباح الشركات الكبرى.
ومثلا تم التلاعب بالانتخابات وتعذيب آلاف المعتقلين السياسيين في الخمسينيات بالعراق. ولكن عندما يتعلق الأمر بطبقة الموظفين البريطانيين الذين ترسخ وضعهم باعتبارهم "المستشارين الحكوميين" في بغداد وقاعدتهم العسكرية في الحبانية والأفلام التسجيلية المعروضة في دور السينما البريطانية في ذلك الوقت، كان العراق في عهد فيصل يعد دولة ديموقراطية مسالمة و"ناجحة".
البترول
وسلط فيلم من الارشيف البريطاني الضوء على حقول البترول في البصرة عام 1952 التي كانت تحت مراقبة السفراء الأميركيين والبريطانيين و"السيد جيبسون" لشركة الوقود البريطانية العراقية، حيث يمكننا أن نرى حسب محرر الغارديان رئيس الوزراء العراقي، نوري السعيد، يفتتح حقل بترول "الزبير" بالقرب من البصرة في عام 1952 مؤكدا أن ذلك لبناء "المدارس والمستشفيات" من خلال "عمل مشترك بين الشرق والغرب".
ويضيف تقرير "الغارديان" "في الواقع سوف يحدث ذلك فقط عندما يتم تأميم البترول، وقبل ذلك بست سنوات تم اغتيال السعيد في شوارع بغداد عندما حاول الهروب مرتديا زى امرأة، وتم تأميم البترول رغم أنف الغرب. وبعد مرور نصف قرن عاد البريطانيون للسيطرة على البصرة، وبينما يحارب العراقيون اليوم لمنع الاستيلاء على آبار بترول بلدهم المشتت، يصر الساسة الأميركيون والبريطانيون مرة أخرى على الديمقراطية".
ونبه الى ان أي دولة عربية تتخلى عن حق تقرير مصيرها بنفسها من أجل احتضان الغرب يمكن بالفعل أن تتوقع مصيرا مشابها.
ودعت صحيفة "الغارديان" في تقريرها المتوقع ان يثير جدلا، شعوب الشرق الأوسط ألا تنسى تاريخها حتى لو نسيت الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ذلك.
وتناول التقرير أوضاع إيران مسلطا الضوء على أكثر من قرن من التدخل والاستعمار والتدمير غير الديمقراطي البريطاني الأميركي.
وإرفق ذلك بفيلم عن الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مصدق عام 1953 ومحاكمته بعد أن قام بتأميم البترول الإيراني.
وتم في ذلك الحين وصف المتظاهرين المؤيدين لمصدق بالعنف والتدمير والارهاب، بينما نظمت المخابرات البريطانية والأميركية انقلابا لطرده في مقابل الترحيب بالشاه باعتباره شخصية محبوبة و"تحولا دراميا للأحداث".
وألقت الأفلام التسجيلية اللعنات على "الديكتاتور الافتراضي" المنتخب مصدق، والذي أعلن أثناء محاكمته اللاحقة بتهمة الخيانة العظمى عن أمله في أن يصبح مصيره مثالا "لكسر قيود عبودية الاستعمار".
وتم تقديم الديكتاتور الحقيقي كحاكم عادل للشعب، وهو الشاه المدعوم من الغرب الذي تم التخلص منه بعد ذلك بنحو 26 عاما.
تحريف الحقائق
وتوصل التقرير الصحفي إلى ان الغرب يقدم دائما العرب الذين يصرون على إدارة شئونهم الخاصة كمتعصبين ودكتاتوريين.
ففي الخمسينيات أدانت الحكومات الاستعمارية وداعموها بطبيعة الحال الحركات المناهضة للحكم الاستعماري الفرنسي بالمغرب العربي بوصفها حركات متطرفة وإرهابية".
وتوقع تقرير الصحيفة البريطانية ان يأتي التدخل العسكري والسياسي والمخابراتي الأجنبي في الشرق الأوسط بالموت والدمار والتقسيم.
وقال "ليست هناك حاجة للبحث في السجلات التاريخية لاستنتاج تلك الحقيقة. فتجربة العقد الأخير واضحة بشكل كاف، وسواء كان ذلك غزوا واحتلالاً بشكل كامل مثل العراق، حيث تم قتل مئات الآلاف، أو قصفا جويا لتغيير النظام تحت شعار"حماية المدنيين" في ليبيا، حيث تم قتل عشرات الآلاف، فقد كانت الخسائر البشرية والمادية كارثية".
واضاف "كان هذا هو الحال طوال التاريخ المشئوم للتدخل الغربي في الشرق الأوسط. ويمكن لفيلم "باثي" الصامت لتخريب دمشق على يد القوات الاستعمارية الفرنسية خلال الثورة السورية عام 1925 أن يقدم صورة شبيهة للفلوجة في عام 2004 أو سرت خريف سنة 2011 وذلك بغض النظر عن الطرابيش والخوذات". ويعرض مع هذه الفقرة رابط فيلم عن دفاع دمشق عام 1925 ضد الغزو الفرنسي من الارشيف البريطاني.
ويقول "بعد ثلاثين عاما بدت بورسعيد في وضع مشابه خلال العدوان البريطاني الفرنسي على مصر عام 1956 الذي ميز أفول نجم الدول الاستعمارية الأوروبية السابقة لتحل محلها الولايات المتحدة كقوة مسيطرة في المنطقة".
ويضيف التحليل "يمتلئ أرشيف "باثي" بالأفلام التسجيلية التي تروج للقوات البريطانية بإعتبارها تعمل على الحفاظ على السلام بين الطوائف المتناحرة، من قبرص حتى فلسطين ولكن الحقيقة أن كل هذا كان لصالح استمرار السيطرة".
ويقول "الآن تعمل التقسيمات الطائفية والعرقية التي فرضت تحت الاحتلال الأميركي البريطاني للعراق والتي تم حشدها بواسطة حلفاء الغرب في الخليج للتخلص من تحديات الصحوة العربية أو تحويل مسارها.
واختتم تقرير صحيفة "الغارديان" نتائجه بالقول ان "الرعاية الغربية للاستعمار في فلسطين هي عقبة دائمة في وجه العلاقات الطبيعية مع العالم العربي". وأضاف "كان يمكن ألا يتم إنشاء دولة إسرائيل لولا الحكم الاستعماري لبريطانيا الذي دام ثلاثين عاما في فلسطين ورعايتها للاستعمار الأوروبي اليهودي على نطاق واسع تحت شعار وعد بلفور عام 1917، وكان من الواضح أن فلسطين المستقلة ذات الأغلبية الفلسطينية العربية لم تكن لتقبل بهذا أبدا".
ويرفق مع هذه الفقرة فيلما عن القوات البريطانية في نابلس، عام 1939. ويعرض له بالقول "تتجلى الحقيقة المقنعة في هذا المقطع "لباثي نيوز" من وقت الثورة العربية ضد التفويض البريطاني في نهاية الثلاثينيات حيث يعرض الجنود البريطانيين وهم يحاصرون الفلسطينيين "الإرهابيين" في مدينتي نابلس وطولكرم تماما كما يفعل خلفاؤهم الإسرائيليون اليوم".
ويقول "إن سبب شعور المستوطنين اليهود بالأمان، كما يعلن المقدم ذلك بنبرات حادة لاهثة في التعليق الصوتي المميز لفترة الثلاثينيات، هو "القوات البريطانية اليقظة دائما، والحامية دائما". وانهارت العلاقة ظاهريا ومسرحيا بعد تقييد بريطانيا للهجرة اليهودية إلى فلسطين عشية الحرب العالمية الثانية".
لقد كان موقف الفعل الاستعماري لبريطانيا، في فلسطين وفي أماكن أخرى، هو دائما الظهور باعتبارها "راعية القانون والنظام" ضد "تهديد الثورة" و"سيدة الموقف" كما يبدو في هذا الفيلم الإخباري المضلل عام 1938 من القدس
المصدر: ميدل ايست اون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.