بورتريه طاغية أيها الطاغية قل كيف تسنى لك وضع كل هذه الزنازن في قلبك، تُمدد الصحراء على لسانك، وتأكل النجوم التى كانت مكدسة على سطوحنا يوماً، أتلفتَ نسيمنا أيها الطاغية وأفسدتَ شمسنا، حتى تعفّنت الشموس كلها، قلْ أيها الطاغية كيف حملتَ الوطن على كتفيكَ ذات صباحٍ، وابتعدتَ لكي تفككه في العراء. ريفُ أنفاسنا لماذا سحبته الى الغياهب؟ ضواحي الخيال التي كانت تطير مع طيّاراتنا الورقيّة لماذا اختفت؟ قلْ كيف أنهكت الفضاء؟ وكيف صوّرت ارواحنا بتلك العدسات الكبيرة؟ من أين جئتَ بكل هذه العيونِ المعدنية وهذه الأفئدة المغلّفة بالخشب؟ أيها الطاغية يا أيها الطاغية كيف صار الوقتُ شقيقا لكَ والزمانُ عشيركَ؟ حتى أعطاك العلامة، لتشيّدَ كلّ هذه الاسوار حول فمنا وهذه السجون داخل اعماقنا. أيها الطاغية يا مَن قستَ حياتي بالمساميرِ ورميتَ خبزكَ الحجريّ الى العامة أين نواجذي لكي أطحنَ هذا السور؟ أين براثني لكي أفتّتَ هذه القلعة؟ قل من مَنْ خلط حليبي بالذلّ عندما كنتُ ألعب مع القمر؟ مَن دسّ السمَّ الى أحجاري؟ مَن شربَ نهري حتى الثمالة؟ من ثقبَ ظلي وأودعه المعتقلات؟ من جفّف الضياء وأسال العتمة؟ من ملّح الأودية وصخّر النبات؟ مَنْ أيها الطاغية صحّر المرايا وأعطبَ قوس القزح؟ مَن أيها الطاغية يا أيها الطاغية قضم بلادي كلها منح الغبار الى الاطفال وسرقَ من حواجبهم الدلال؟ مَن اخذ الجمال من النساء وأعطاهنّ الغياب؟ مَن رمّل الأنوثة وكهَّل الطفولة؟ مَن حرّم الحياة وحلّل الهلاك؟ من أيها الطاغية يا أيها الطاغية؟ أرشدكَ الى قيثاري وكوخ كواكبي؟ كيف تسللت الى العافية؟ في أي سانحةٍ اهتديتَ الى مهدي المضفور من الازهار البرية؟ من ابتلع ناي أبي؟ من داس على غيمته الوحيدة؟ مَن جعل من خلاخيل امي قيوداً ومزّق الذهب؟ أيُّ طاغية انتَ عندما تجعلُ الريحَ مخبراً لكَ؟ أين كلماتي التي حملتها الريحُ اليكَ؟ لماذا تفتش دائماً قصائدي بحثاً عن الاسلحة؟ ولماذا تصادرُ ريشَ طيري بأجنحته الأربعة؟ أيُّ طاغيةٍ هذا الذي يبطشُ بالغيمِ والمدى ويضبع التخوم؟ … … ايلول - 1999