سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد أن العفو الرئاسي مجرد "انعاش" لقانون الوئام وأن 13 كانون الثاني غلق لباب المصالحة . علي جدي ل"الحياة": الجبهة لم تتبن حلاً عسكرياً لا عن طريق الانقلاب أو المعارضة المسلحة
اعتبر الشيخ علي جدي، العضو القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ل"الحياة" ان العفو الرئاسي في الجزائر مجرد عملية انتعاش جديدة لقانون الوئام المدني، وأنه هالة إعلامية أكثر من نتائج ميدانية. ولم يستبعد ان يكون 13 كانون الثاني يناير "تاريخ غلق باب المصالحة الوطنية". وأكد أن العفو "اجراءات قاصرة" يمكن ان تُسعد البعض لكنها ستخيب الآمال لأن نزول البعض أو قبول البعض الآخر بحلول جزئية هو استبعاد للحل السياسي. وأكد أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تتبنَ حلاً عسكرياً لا عن طريق الانقلاب ولا المعارضة المسلحة. وطالب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة برفع الظلم عنها. وفي ما يأتي نص الحوار: ما تعليقكم على مرسوم العفو الشامل الذي وقعه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يوم 10 الجاري لمصلحة الجيش الإسلامي للإنقاذ؟ وكيف تعللون عدم ادماج شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ فيه؟ - أظن أن الأمر يتعلق بعفو رئاسي محدود يشمل قائمة لم تنشر الأسماء المعنية بها بعد. ويتضمن مرسوم العفو ثلاث مواد، فالمادة الثالثة منه تعيد النظر في المادتين الأولى والثانية، في حال وقوع إخلال بشرط من الشروط التي وردت في المادة 41 من قاون الوئام المدني. وهذا المرسوم يمكن ان يوصف بأنه عملية انعاش جديدة لقانون الوئام المدني في آخر أيامه. وحتى الحقائق في الميدان غائبة، وما هو منشور في وسائل الاعلام يحمل الكثير من الثغرات والنقائص. وربما العجلة هي التي جعلت اخراجه يكون إعلامياً بالدرجة الأولى، ويترك الكثير من التساؤلات. التساؤل الأكبر هو في هذا الشكل من العفو لغياب الوضوح. فهل يصح ان نصدر عفواً مع امكان إعادة النظر فيه؟ أما أن يشمل العفو المساجين السياسيين والمساجين الذين أصدر القضاء في حقهم أحكامه عندما كان القاضي ملثماً - أو بالتعبير الجزائري "بوشكارة" - يخفي هويته ووجهه عن المتقاضي، فهذا الأمر ليس بالضرورة ان يرتبط بالعفو، ولكنه مطلب أمة، وكل من يسعى إلى حل سياسي سلمي. ويبقى المطلوب بالنسبة إلى الجزائر هو صلح عادل عاجل يحقن كل دماء الجزائريين، ويصون حقوقهم، ويرفع المعاناة عن كل الضحايا، ويفك القيود عن الحريات. وهذا الصلح هو الذي يفتح باب مصالحة وطنية كاملة تكون ثمرة حل شامل بإشراك جميع القوى الوطنية من دون استثناء، تنتهي باتفاق عادل يعيد للأمة حريتها، ويعيد للسلطة شرعيتها، ويؤمن الأجيال من الصراعات الدموية على مثل ما حدث. الجيش الإسلامي للإنقاذ يطرح مطالب سياسية تشملكم، فما موقعكم منها؟ - بالنسبة إلى جماعة مزراق التي كانت تعرف باسم "الجيش الإسلامي للإنقاذ" هم من المعارضة المسلحة التي ترتبت عن ايقاف المسار الانتخابي، والقمع الذي لم يسبق له مثيل انتقاماً من الشعب الذي رفض السلطة القائمة، وانتقاماً من الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي قادته إلى النصر، وحتى من المعارضة التي تمسكت بالشرعية. والسلطة، في تقديرنا، دفعت الجماعة إلى المعارضة المسلحة دفعاً، وجعلتهم يلجأون إليها كآخر خيار لهم، لأنها كانت تريد مبرراً لتسيير المجتمع بالعنف والقوة. والآن لا يمكن أيضاً أن يكون نزول بعض هذه المجموعات أو قبولها ببعض الحلول مبرراً آخر لاستبعاد الحل السياسي. وإذا كان هذا الاجراء، وهو الحد الأدنى يقتصر على هالته الإعلامية أكثر من نتائجه الميدانية، مجرد اجراء شكلي، سيكون بمثابة غلق باب المصالحة الوطنية، وإنهاء ما سمي بالوئام المدني، ولشن حرب حتى على الذين يلتزمون الهدنة، لمجرد أنهم لم يروا الحل المنشود الذي يرضونه وترضاه الأمة، وسيكون هذا العمل مخيباً للآمال. ونرجو ان لا تتكرر تلك الخيبة التي وقعت بعد ظهور الآمال في اطلاق بعض المساجين ثم انطفأت بعد ذلك، لنرى تيهاً في خطاب استئصالي وغروراً لا حد له. ما دامت لهذه "المعارضة المسلحة" علاقة بشيوخ الإنقاذ، فلماذا لم يكن مرجع اتفاقها مع السلطة قيادة الجبهة؟ - نحن، بالنسبة إلى المعارضة المسلحة، لم نتبنَ حلاً عسكرياً لا عن طريق الانقلاب، ولا عن طريق المعارضة المسلحة. فقد تبنينا حلاً سياسياً منذ البداية. ونأمل دائماً، حتى ما حدث الآن، بأن يكون لنا دور في حل المشكل الأمني لدى من لهم مرجعية شرعية أو سياسية حتى يكونوا مع الأمة في الحل السياسي للأزمة، والحل السياسي يرجع للأمة فهي صاحبة الكلمة النهائية في إنهاء أي مشكل أو أزمة. بعض الأحزاب يطالب باجراءات تكميلية للعفو، فهل اتخاذ الرئيس بوتفليقة لاجراءات أخرى يضمن في نظركم حل الأزمة؟ - نحن لا نطالب بما دون الحد الأدنى الضروري للحل، لأن الاجراءات القاصرة يمكن ان يسعد بها البعض، ولكن سيتبين قصورها، وستخيب آمال الغالبية العظمى. ونحن لا نطالب بما هو أدنى من الحل الضروري، ومستعدون لاسهامنا في ما يخصنا بتوفير شروط هذا الحل، وما دامت السلطة تمنعنا حتى الآن فإنها تتحمل المسؤولية. لكنكم أبديتم تحفظاتكم عن الوئام المدني منذ البداية؟ - التحفظات كانت في البداية، والآن تبين أنها في محلها، وان قانون الوئام المدني والمسعى الذي طلب من الجزائريين الموافقة عليه في 16 أيلول سبتمبر الماضي، ظل غامضاً حتى الآن، بل ان خيبة الآمال واسعة والتوجس من الخوف صار أوسع، لأن تاريخ 13 كانون الثاني جعل كنهاية للوئام، فماذا سيكون بعده؟ هل المهلة المعطاة للوئام كافية؟ وهل الاجراءات كلها اتخذت ولم يبق إلا الخصام والاقتتال والمواجهة؟ ألا يوجد طرف في السلطة يطلب بحل سياسي عوض ذلك؟ وشخصياً، لا اخشى من بيده السلاح، سواء في هذا الطرف أو ذاك، ولكن ما أخشاه أكثر هو على من ليس بيده السلاح، أخشى على الأبرياء المستضعفين، أخشى على دعاة السلم، أخشى على المعارضة التي تقف في وجه سياسة الاستئصال، أخشى على دعاة السلم والإسلام والصلح والاصلاح، وأنا واحد منهم، لأن القائمة فتحت باغتيال عبدالقادر حشاني، رحمه الله، وقد لا تكون اغلقت بعد. لكن ما نعرفه هو ان الشيخ علي جدي رفض الحماية التي وفرتها له السلطة بعد اغتيال حشاني؟ - نعم، رفضت ذلك، لأننا نريد أن تكون الحماية لجميع المواطنين، إذا كان لا يعيش في الجزائر إلا من له حماية من السلطة، فأين أوصلوا هذا الوطن؟ ثم لو اننا فعلنا شراً وكونا عداوة لأحد لطلبنا الحماية. ونحن دعاة الخير. وإذا لم نستطع ايصال الخير إلى غيرنا فقد كففنا عنهم الشر. إذا كان هناك من يحسدنا على دعوة الخير والسلم والمصالحة والإسلام، فأظن ان السلطة أدرى به وقادرة على صده من دون ان تتابعنا وتضيق علينا حياتنا العادية، فنحن نعيش وسط الشعب أكثر من غيرنا منذ بداية الأزمة. لماذا لم تفكر السلطة قبل ذلك في مثل هذه الحماية؟ لماذا لم تفكر في ذلك قبل اغتيال المرحوم عبدالقادر حشاني؟ ولماذا فكرت في ذلك بعد الاغتيال بالضبط؟ فهل هناك من يريد من وراء عملية الحماية ضياع دم حشاني؟ نحن لا نقبل هذا، ونتمنى ان يرزقنا الله شهادة كشهادة عبدالقادر حشاني. فهل قتل مظلوماً في سبيل الله. يُقال انك المرشح الأوفر حظاً لخلافة حشاني؟ - ليس لي الحق، بل بصفة أدق تحظّر السلطة عليّ الحديث باسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ولهذا أتحدث معك بصفتي مواطناً جزائرياً، وهو حق لا يمكن ان ينتزعه مني أحد. ومن هذا المنطلق، أرى ان الشعب الجزائري متمسك بالمشروع الذي ارتضاه في انتخابات حزيران يونيو 1990 وكانون الأول ديسمبر 1991. وان الرجال الثابتين والصادقين والأوفياء الذين اهتموا برابطة الجبهة الإسلامية في حينها لا يزالون على قلب رجل واحد، محصنين على كل أنواع التشويه والتفريق والاستدراج، وان أمل الأمة لا يزال معلقاً عليهم وما زالوا معقد آمال هذه الأمة في الخروج من الأزمة. هم وأمثالهم من الرجال الذين أبرمت هذه المحنة صدقهم ووفاءهم وحرصهم على مصلحة وطنهم وأمتهم. وما أكثرهم، والحمد لله، حتى وان كانت لا تعطى لهم الكلمة مثلما تعطى لغيرهم. أما ان يرشح فلان أو فلان لخلافة عبدالقادر حشاني، فمسألة ثانية، لأن حشاني صديق العمر، قضيت معه ربع قرن من محبة في الله والاخوة فيه. ومن هنا، فأنا من أعرف الناس له، وأرى أنه لا يمكن ان يعوض برجل، فقد جمع له الله تبارك وتعالى من الخصال ما لا يملكه إلا هو، وإنما عندي أمل بأن الله سيعوضنا بقدرة يبثها في كل أهل الخير، وهذا هو مبعث اطمئناني، وذلك حتى تستطيع حفظ الأمانة والبقاء على العهد. هل أفهم من هذا انكم مع البيان الذي أصدرته عائلة حشاني والذي يرفض نظرية الصدفة في الاغتيال ويطالب بلجنة دولية؟ - أسرة الفقيد احتجت على البيان الذي صدر عن وكيل الجمهورية، والذي مس حتى صدقية العدالة عن طريق اقحام النائب العام في ذلك، واعتبار العملية كلها صدفة ... يؤسفني ان مثل هذا السيناريو لا يقنع أحداً، ونصيحتي للعدالة ألا تتورط وأن تبقى على صدقيتها، لأن ضياع العدالة هو ضياع الدولة ولا بد من البحث عن المدبرين مهما كان المنفذ. وأرجو من وزارة الداخلية، حتى وإن تغير الوزير، ان تجيب على الرسالة التي تلقتها من الفقيد حشاني، وكذلك رئاسة الجمهورية التي تلقت النسخة نفسها قبل استشهاده بحوالى شهر. وهذا ما ننتظره كجواب على الاغتيال، وما حدث ليس استفزازاً لمشاعر أسرته بل لجميع مشاعر من يحب السلم والمصالحة. هل طيّ الملف الأمني عن طريق العفو، هو طيّ لملف الحزب؟ - نرجو أن يعم الأمن في بلادنا، وليت السلطة كان بيدها ما يوصلنا إلى الاستقرار، فهي لا تملكه لأنها تعمل وحدها، وتريد ان تنفرد به في غياهب السجون وادغال الجبال، ببعض الأفراد المعزولين. نأمل بأن يعم الأمن والامان والصلاح والاصلاح، وذلك بأن تمد السلطة يدها للأطراف القادرة على تحقيق السلم والمصالحة الوطنية. أما طيّ ملف الجبهة الإسلامية للإنقاذ فقد كان لا يزال يطوى في كل مناسبة، ولكن الحقيقة في الأمة هي أنه لا يستطيع أحد محو المشروع الإسلامي بسنوات القمع التي مرت، ولا بالأكثر منها ولن يضيع حق وراءه طالب، وما دامت الأمة تطلب الحق لأبنائها وما داموا أوفياء صادقين فسيعود حقهم كاملاً غير منقوص في إطار جميع الحقوق. ما دام الأساس في نضالكم هو المشروع الإسلامي، وما دام هذا المشروع بين أيدي أحزاب في السلطة وأخرى في المعارضة، فلماذا تطالبون بعودة حزبكم؟ - لأن نظرة الجبهة الإسلامية للإنقاذ واضحة، وليست بالضرورة هي نظرة غيرهم إلى المشروع نفسه. وحتى إذا تجددت في المستقبل، فلن تكون نظرة غيرهم وما دام لكل واحد اجتهاد، واننا نعمل بإرادة الأمة ونحترمها، فما الذي يمنعنا من الاجتهاد؟ نحن لا نريد ان نتفق مع متنفذي السلطة أو أصحاب القرار من أجل الحصول على نصيب من القرارات التي يحتكرونها من دون أهلها، وحرصنا يجعلنا نختلف مع غيرنا ونتفق معهم على رغم اختلاف المشاريع. أعلن الرئيس بوتفليقة رسمياً رفضه الاعتراف بعودتكم بالاسم القديم أو أي اسم آخر. فكيف تتعاملون مع هذا الرفض؟ - من حقه إعلان رفضه لعودتنا كتنظيم، فهذه سياسته. وأما ان يصل إلى حقوقنا كمواطنين فهذا ليس من السياسة، لأنه مسؤول عن تمكيننا من هذه الحقوق وليس العكس، خصوصاً أنه القاضي الأول في البلاد. ما معنى أن يحرم مواطن من حقه السياسي وان تصبح المواطنة درجات؟ أذكر ان صحافياً جاء يسألني عن مواطن عادي، فسألته ما إذا كان هناك مواطنون في الجزائر وآخرون غير مواطنين؟ والحق أقول اننا لن نتنازل عن حق المواطنة لأحد، ولكننا نطالب السلطة بإعادة الهيئة السياسية إلى الساحة، لأنها هي التي منعت وهي المخولة برفع الحظر عنها، أما حقنا كمواطنين فلا ننتظر فيه إذناً من أحد وسنمارسه في حدود الحريات المسموح لنا بها. ما هو مستقبل الجزائر بعد العودة المكثفة للمسلحين في إطار الوئام والعفو الصادر لمصلحة جيش الإنقاذ؟ - لا اظن ان مستقبل الجزائر مرهون بالأحداث الآنية التي نتابعها عبر وسائل الإعلام، وإنما مستقبلها في الواقع المعيش. وأنا متفائل لأن الأمة أصبحت لها إرادة ورغبة في التحرر وصارت متمسكة بحريتها الكاملة وستجد مكانتها بين الأمم وهذا الاستبشار والتفاؤل والاطمئنان هو نتيجة لما اراه في الميدان.