تمثل الشراكة الاوروبية - المتوسطية احد اهم محاور التعاون الخارجي في ظل رئاسة البرتغال الاتحاد الاوروبي في النصف الاول من السنة الجارية. وستتركز الاولويات على الصعيد الداخلي على تعميق اصلاحات سوق العمل الاوروبية وتوسيع مفاوضات الانضمام الى الاتحاد لتشمل كافة البلدان الشرقية. وتعتقد مصادر ديبلوماسية اوروبية في بروكسيل بأن تحريك مفاوضات السلام بين اسرائيل وكل من سورية ولبنان "سيكون عنصراً مشجعاً لتفعيل خطة الشراكة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي". اذ تمهد البرتغال لعقد مؤتمر في الربيع المقبل على مستوى وزراء الخارجية للبلدان الاعضاء في مسيرة برشلونة، لبحث سبل دفع خطة التعاون الاقليمي والتبادل التجاري الحر عبر منطقة حوض البحر الابيض المتوسط والمشاكل التي تعيق ذلك. ولجذب اهتمام اوساط المال الى المنطقة المتوسطية، تنظم البرتغال مؤتمراً في تونس حول الاستثمار فيما ستحتضن قبرص اجتماعات وزراء الصناعة. وتسعى الديبلوماسية الاوروبية، من جهة اخرى، الى اجتذاب البلدان العربية الى طاولة المفاوضات المتعددة الاطراف حول التعاون الاقليمي في الشرق الاوسط. وعلى الصعيد الثنائي بين الاتحاد وكل من بلدان جنوب شرق الحوض المتوسطي، تنوي البرتغال دفع مفاوضات التجارة الحرة مع كل من مصر ولبنان وسورية والجزائر. الا ان المصادر الديبلوماسية العربية لا تفرط في التفاؤل بما ستنجزه خطة الشراكة في الفترة المقبلة ان بسبب الاوضاع الاقتصادية في هذا البلد المتوسطي او ذاك او لأسباب داخلية اوروبية تتعلق بخطة السياسة الزراعية للاتحاد وارتباط مستقبلها بمفاوضات التجارة العالمية التي تعثرت انطلاقتها في دورة سياتل. وكان لبنان وصل الى نهاية المفاوضات لكنه يتحفظ عن اختتامها وتوقيع اتفاق التبادل التجاري الحر لأنه ينتظر الانتهاء من تنفيذ الاصلاحات الضريبية وتعميم الضريبة على القيمة المضافة لأن الموارد الضريبية ستشكل المصدر الرئيسي للخزانة المركزية في ظل تبعات ازالة الرسوم الجمركية المفروضة على وارداته من السوق الاوروبية. واكملت مصر المفاوضات في الصيف الماضي ولا تزال تتأخر عن توقيع الاتفاقية وهي تخشى من العواقب الاجتماعية التي ستترتب عن اشتداد التنافسية الخارجية لمنتجاتها المحولة. وتبدو سورية وكأنها حولت انظارها نحو استحقاق التفاوض مع اسرائيل فيما تطالب الجزائر الاتحاد الاوروبي بتزويدها مساعدات مالية استثنائية لتأهيل القطاع الصناعي الثقيل والمنهك قبل تخصيصه وهو امر لا يقبله الجانب الاوروبي. وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اتفق مع المسؤولين الاوروبيين في وقت سابق على استئناف المحادثات حول اتفاقية الشراكة في آذار مارس المقبل كما ان الاردن طلب تأجيل بدء تنفيذ اتفاقية الشراكة في انتظار استكماله بعض الاصلاحات الاقتصادية. وتعكس اوضاع كل من البلدان المذكورة ترددها وانعدام جاهزيتها لخوض مغامرة الشراكة خوفاً على مستقبل مؤسساتها الصناعية وخصوصاً المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضمن القدر الاكبر من الوظائف. وتتهيأ بقية البلدان المتوسطية تونس والمغرب واسرائيل التي كانت وقعت اتفاقات الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لاستئناف مفاوضات تجارة المنتجات الزراعية في غضون الاسابيع المقبلة وفق توصيات الاتفاقات الثنائية. وينتظر كل من البلدان المعنية ان يخوض جولات صعبة لأسباب حساسية منتجات الزراعة في السياسة الاوروبية وارتباطها ببعض فصول المفاوضات التجارية على الصعيد الدولي.