يفتتح مؤتمر الشراكة الأوروبية - المتوسطية أعماله اليوم الخميس في شتوتغارت، المانيا، وسط أجواء سياسية مشحونة في الشرق الأوسط والبلقان وشكوك في المردود الاقتصادي للخطة الاقليمية بعد خمسة أعوام من انطلاقها في برشلونة والقلق المتزايد من تبعات التعقيدات البيروقراطية المتراكمة داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وعلى رغم جمود عملية السلام في الشرق الأوسط وتعثر مفاوضات التبادل التجاري الحر بين الاتحاد وغالبية دول جنوب شرق الحوض المتوسطي، إلا أن الأوساط الديبلوماسية الأوروبية والعربية في بروكسيل تتوقع أن تؤكد الدول ال 27 تمسكها بأهداف اقامة منطقة التبادل التجاري الحر في حدود سنة 2010. وعلى الصعيد الثنائي، ينتظر أن يدعو المؤتمر الوزاري الى اسراع وتيرة المفاوضات لاستكمال شبكات الاتفاقات الثنائية التي لم يتم ابرامها بعد. ويتم تنفيذ اتفاق الشراكة المبرم مع تونس بوتيرة عادية وكذلك الاتفاقات الانتقالية القائمة مع كل من اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية والأردن والمغرب، في انتظار استكمال مسار مصادقة البرلمانات الوطنية على المعاهدات المبرمة منذ أعوام عدة مع كل من الدول المعنية. ولم تتمكن المفوضية الأوروبية في الأشهر الأخيرة من انهاء المفاوضات مع مصر بسبب تشدد الدول الأوروبية في شكل متفاوت في شأن المنتجات الزراعية الحساسة ومسائل حقوق الانسان وإعادة توطين المهاجرين السريين. وكانت الرئاسة الالمانية تمنت ابرام الاتفاق مع مصر في اجتماعات شتوتغارت كي تكون بمثابة "انجاز كبير" يشير الى اهتمام المستشارية بتوثيق العلاقات مع دول الجنوب. لكن المانيا تراخت في جهودها لانتزاع الامتيازات من شركائها في الاتحاد بما يساير تطلع المزارعين المصريين لمضاعفة مبيعاتهم في السوق الأوروبية. وتتوقف المفاوضات مع لبنان عند صعوبات الموازنة والخسائر التي ستتكبدها الخزانة اللبنانية في الأعوام المقبلة نتيجة خطة الغاء الرسوم الجمركية امام الواردات الأوروبية. وقال السفير اللبناني في بروكسيل جهاد مرتضى ل"الحياة" ان بلاده "تتمسك بهدف اقامة التبادل التجاري الحر مع السوق الأوروبية"، لكنها تبحث في شكل أولي عن الآليات الضريبية التي يفترض استحداثها لتعويض الموارد التي ستفقدها الخزانة نتيجة الغاء الرسوم الجمركية. وتراوح المفاوضات الثنائية مع كل من سورية والجزائر مكانها لأسباب اقتصادية وسياسية تعني كلاً منهما. وينتظر أن تنتقد دول الجنوب بطء وتيرة صرف المعونات الأوروبية المقررة في نطاق ما يسمى برنامج "ميدا" للمساهمة في تمويل برامج التصحيح الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. وكان الاتحاد الأوروبي خصص 4.685 بليون يورو للفترة بين 1995 و1999. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة" ان الاتحاد أنفق حتى عام 98 3.474 بليون من اجمالي موازنة "ميدا" وان هناك حاجة الى "ضرورة تبسيط الاجراءات الادارية الأوروبية لتيسير انفاق المعونات". وأثارت أزمة الاستقالة الجماعية التي هزت المفوضية الأوروبية منتصف الشهر الماضي المزيد من الشكوك حول قدرة الهياكل الادارية الأوروبية على الخروج في المستقبل من حال الثقل البيروقراطي وتخفيف اجراءات الرقابة المالية المتزايدة على كل الأصعدة. وقد أدت الأزمة المؤسساتية في بروكسيل الى جمود الأعمال التمهيدية في دوائر المفوضية لتحديد موازنة المعونات الأوروبية "ميدا - 2" للفترة الخماسية المقبلة 2000 - 2006. وقال مسؤول كبير في المفوضية ل"الحياة" انه إذا توصلت دول الاتحاد "الى الحفاظ على المبلغ نفسه المقرر في نطاق "ميدا - 1"، أي 4.685 بليون يورو للفترة الخماسية المنتهية وتجديده للفترة 2000 - 2006 فإن ذلك سيعتبر انجازاً كبيراً.