ذكرت مصادر رسمية في قوات الأمن الجزائرية، أول من امس، ان 30 عنصراً تابعين "للرابطة الاسلامية للدعوة والجهاد" التي يقودها الشيخ علي بن حجر، سلموا أنفسهم للسلطات في ولاية المدية 70 كلم جنوب غربي الجزائر في منتصف شهر رمضان، في اطار قانون الوئام المدني الذي دخل حيز التنفيذ في 13 تموز يوليو الماضي والذي يتضمن عفواً جزئياً أو كلياً عن اعضاء الجماعات المسلحة الذين يسلمون أنفسهم. وهي المرة الأولى، التي يُعلن فيها ان عناصر تنظيم بن حجر سلموا أنفسهم لقوات الأمن بعدما راجت أخيراً اخبار تفيد ان بن حجر يرفض الخضوع لقانون الوئام المدني بعد رسالة تلقاها من الشيخ عباسي مدني حملت انتقادات شديدة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وأكدت المصادر ذاتها ان 30 عنصراً ينتمون الى "الجيش الاسلامي للانقاذ" وعلى رأسهم "أمير" المجموعة سلموا أنفسهم لسلطات ولاية المدية نهاية الاسبوع الماضي. الى ذلك، أفادت مصادر رسمية في جهاز الأمن الجزائري ان أربعة أشخاص قدموا من ليبيا وفرنسا واليمن سلموا أنفسهم الى السلطات الأمنية في ولاية المدية واستفادوا من الاجراءات القانونية الخاصة بالوئام المدني. ويتمتع هؤلاء العناصر، بحسب هذه المصادر، "بحريتهم المطلقة بعدما أبطلت دواعي المتابعة وأوامر التوقيف التي صدرت في حقهم سابقاً". وبذلك يبلغ عدد عناصر الجماعات المسلحة الذين استفادوا من تدابير الوئام المدني في الولاية 70 عنصراً كانوا ينشطون في مناطق عدة من الولاية في صفوف عدد من المجموعات المسلحة. وجاءت هذه التطورات عشية انتهاء المهلة التي حددها قانون الوئام المدني الخميس المقبل. وتشير آخر التقديرات، غير الرسمية، الى ان الحصيلة النهائية للعملية تجاوزت ال1700 عنصر من بينهم 500 عنصر تقدموا الى لجان الإرجاء في جيجل و254 في البويرة من بينهم 103 عناصر كانوا ينشطون ضمن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال". ويتوقع ان يرتفع العدد الى الضعف مع التحاق عناصر تنظيم مدني مزراق بذويهم، قبل الخميس المقبل، في اطار قانون الوئام المدني بعدما تم التأكيد انه من غير الممكن اعلان عفو شامل عن عناصر التنظيم الذي كان يطالب بأن يتم التعامل معه "كحالة خاصة". وترفض السلطات حتى الساعة، كشف حصيلة الأسلحة المسترجعة من عناصر الجماعات المسلحة. ويقول مراقبون ان من بين أبرز النتائج التي كان يسعى الى تحقيقها قانون الوئام المدني تشكيل "إجماع داخلي وخارجي" على ان السلطة فتحت الباب أمام عناصر الجماعات للعودة الى ذويهم وان هؤلاء هم الذين "يرفضون الوئام والمصالحة". كما ان الامتيازات المغرية التي منحها القانون، أقصى عقوبة 12 سنة، مع حق الاستفادة من تخفيف العقوبات، كلها دفعت عدداً كبيراً من عناصر "الجماعة الاسلامية المسلحة" و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الى العودة الى ذويهم. وبانتهاء الآجال القانونية لقانون الوئام، تكون الرئاسة منحت "الضوء الأخضر" لقيادة أركان الجيش، ولجهاز مكافحة الارهاب الذي يرأسه اللواء شريف فضيل، لاستئناف العمل الأمني الذي شرع فيه قبل سنوات مع تغيير كبير في المسعى يشمل نوعية الخطة وكذلك وسائل القضاء على عناصر الجماعات المسلحة. فمن جانب الخطة، ستكون قيادة الجيش الجزائري مدعمة بتنظيم قتالي اضافي يشمل العناصر التي كانت منضوية سابقاً في تنظيم مدني مزراق، والذي يرتقب ان يعلن حل "جيش الانقاذ" قبل 13 كانون الثاني يناير الجاري. وبذلك ينتهي التعامل السياسي الذي ميز المرحلة السابقة لعلاقة الاجهزة الأمنية مع مزراق، ليبدأ المنطق الأمني في العلاقة بين الطرفين... على رغم ضمانات رئيس الجمهورية بأن أبواب التوبة لن تغلق حتى بعد 13 كانون الجاري.