توقعت مصادر قضائية ان يُحدد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في افتتاح السنة القضائية 1999/2000 اليوم الأربعاء، ملامح البرنامج الذي ستعتمده حكومته المقبلة. وأضافت انه سيُعلن تشكيل لجنة وطنية لإصلاح الجهاز القضائي. وأوضحت المصادر التي تحدثت إلى "الحياة" ان اللجنة ستكون برئاسة السيد أحمد محيو، أحد أبرز أساتذة القانون في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، وستضم أكثر من 60 عضواً، بينهم قضاة وجامعيون ومثقفون، إضافة الى بعض المواطنين. وكان بوتفليقة لمّح الى ذلك خلال افتتاحه الدورة العادية للمجلس الأعلى للقضاء في 26 آب اغسطس الماضي، وذكرت ان الرئيس الجزائري سيوقّع مرسوماً بترقية موظفين في جهاز القضاء، تشمل نواباً عامين ورؤساء مجالس قضائية. وكانت هذه الترقيات جُمّدت في آب الماضي. ولاحظ مراقبون ان نشرات الإذاعة والتلفزيون بدأت الحديث عن خطاب بوتفليقة في افتتاح السنة القضائية قبل أربعة أيام، علماً ان مثل هذه الخطب لا تبث مباشرة عبر التلفزيون، وإنما يعاد بثها مساء. ويأتي خطاب بوتفليقة اليوم عشية سفره الى جزر البليار اسبانيا للمشاركة في ملتقى متوسطي يُعقد يومي 22 و23 تشرين الأول اكتوبر الجاري. وذكرت وكالة "فرانس برس" ان بوتفليقة سيلتقي في الملتقى رئيس الحكومة الإسباني خوسيه ماريا أثنار. وعلمت "الحياة" ان بوتفليقة سيزور أيضاً، قبل نهاية الشهر الجاري، الفاتيكان للاجتماع مع البابا يوحنا بولس الثاني. وتعتبر مصادر جزائرية ان خطاب بوتفليقة ورحلته الخارجية سيكونان بمثابة "محو للآثار السلبية" التي خلّفها توزيع رسالة النائب عبدالقادر حجار الذي حمل فيها على الرئيس الجزائري وعلى المحيطين به. ولم يكتف حزب جبهة التحرير الوطني الذي يشغل حجّار عضو لجنته المركزية، بإبراء ذمته من الرسالة، بل ذهب، في بيان صدر أول من أمس، الى حد الإعراب عن الارتياح الكبير لما حققه بوتفليقة من نتائج إيجابية، داخلياً وخارجياً، في الأشهر الستة الأولى من حكمه. ووقع بيان جبهة التحرير الأمين العام لمكتبها السياسي السيد بوعلام بن حمودة الذي كان حجّار أحد "مهندسي الانقلاب" الذي أطاح سلفه عبدالحميد مهري وجاء به الى قيادة الجبهة في 1996. ولم تستبعد مصادر قريبة من جبهة التحرير ان يكون بيان بن حمودة بداية لصراع داخل الجبهة بين مؤيدي بوتفليقة وهو ابن الجبهة ومعارضيه. وسجّلت المصادر في هذا الإطار تحركاً بدأه السيد عبدالعزيز بلخادم، رئيس المجلس الشعبي سابقاً، من أجل التحضير لعقد مؤتمر للجبهة. ويُعد بلخادم من القريبين الى بوتفليقة حالياً. إلى ذلك، قالت مصادر قريبة من وزارة العدل انها لا تستبعد ان يُمدد بوتفليقة المادتين 7 و8 من قانون الوئام اللتين تنصان على ان مهلة استسلام "أمراء" الجماعات المسلحة يجب ان تحصل خلال ثلاثة أشهر من إقرار القانون في البرلمان. ويعني ذلك ان مهلة استسلام "الأمراء" انقضت هذا الشهر. ولم يُسجّل حتى الآن حصول استسلام كبير ل"الأمراء". وربطت هذه المصادر بين إمكان تمديد المهلة لقادة الجماعات وبين اتصالات تُجرى حالياً مع جماعات تنتمي الى مجموعة حسان حطاب الجماعة السلفية للدعوة والقتال ومجموعة نبيل صحراوي أمير منطقة باتنة. واستبعدت مصادر قضائية ان يصدر عفو رئاسي عن أعضاء "الجيش الإسلامي للانقاذ" بقيادة مدني مزراق قبل 13 كانون الثاني يناير المقبل، تاريخ انتهاء المهلة المعطاة للمسلحين للاستسلام بموجب قانون الوئام. لكن هذه المهلة لا تنطبق على "جيش الإنقاذ" الذي ينتظر قادته ان يُعلن بوتفليقة عفواً عاماً عنهم. وتتزامن هذه المعلومات مع أنباء في الصحف الجزائرية عن تململ في أوساط جماعة مزراق بسبب تأخر صدور العفو العام. ونفت مصادر قريبة من "جيش الإنقاذ" أمس معلومات أوردتها صحيفة "الوطن" ومفادها انه هدد بالعودة الى "الجهاد" فور انتهاء المهلة المحددة للاسلاميين المسلحين لتسليم انفسهم في 13 كانون الثاني المقبل. وقالت هذه المصادر ان الخبر عار عن الصحة، ويتعارض مع سياسات "جيش الإنقاذ". وأوضحت الصحيفة أ ف ب، ان مدني مزراق، زعيم هذا الفرع المسلح للجبهة الاسلامية للانقاذ محظورة والذي اعلن الهدنة منذ تشرين الاول 1997، طلب من قواته في اجتماع أخير مع "امراء" الجبهة "عدم الاستسلام والاستعداد للعودة الى المذابح والتدمير في كل انحاء الاراضي" الجزائرية. وأوضحت "الوطن" ان مزراق أمر قواته ببناء "معاقل جديدة وتخزين الادوية والمواد الغذائية واستخدام كل الوسائل للحصول على اسلحة وذخيرة جديدة". واضافت انه طلب ايضاً من امرائه تجنيد عناصر جديدة. إلا أن الصحيفة أضافت ان زعيم "الجيش الاسلامي للانقاذ" مستعد للعدول عن استئناف العمليات المسلحة اذا وافقت السلطات على اربعة شروط هي: اطلاق زعيمي الجبهة الاسلامية للانقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج، واعادة الاعتبار القانوني الى هذه الجبهة، ونزع سلاح الوطنيين مدنيين مسلحين، واصدار عفو عام عن اعضاء الجبهة واعادتهم الى أعمالهم. واعتبرت الصحيفة ان استسلام "جيش الإنقاذ" في حزيران يونيو الماضي ليس سوى "مناورة وحيلة حربية لخداع العدو". واستنادا الى الاحصائيات الرسمية، بلغ عدد الاسلاميين المسلحين الذين سلموا انفسهم منذ 13 تموز يوليو الماضي نحو 560 شخصاً.