دخلت العلاقات بين الحكومة الباكستانية والقوى الأصولية منعطفاً خطيراً، بعدما اقدمت اسلام آباد على اعتقال عراب حركة "طالبان" ملا فضل الرحمن اياماً عدة "تجاوباً مع ضغوط اميركية"، حسبما ابلغ فضل الرحمن "الحياة" امس. واشارت مصادر اسلامية باكستانية الى ان هذا التطور يأتي في وقت تواجه حكومة نواز شريف اتهامات ب "التخلي عن كشمير" كما تواجه ضغوطاً متزايدة من سائر احزاب المعارضة التي انتهزت الموقف لتحريك الشارع ضد رئيس الوزراء. كما يأتي هذا التطور في وقت تشهد الساحة الافغانية تطورات غامضة في ظل اعتقالات شملت مئات في قندهار بعد اعتداء بالمتفجرات طاول مقر اقامة زعيم "طالبان" محمد عمر. لكن الاخير برأ الاميركيين من التورط في الاعتداء. راجع ص 7 وفي حديث الى "الحياة" بعد اطلاق سراحه امس، شدد ملا فضل الرحمن الذي يتزعم جمعية علماء الإسلام الباكستانية، الرافد الاساسي لمقاتلي "طالبان"، على أنه اعتقل لثلاثة أيام "بعد ضغوط مارستها واشنطن على إسلام آباد لمنع الجمعية من القيام بتظاهرات واحتجاجات ضد السياسة الأميركية في أفغانستان". وهدد فضل الرحمن بمواصلة سياسته المعادية للإدارة الأميركية وتعهد التصدي للحكومة الباكستانية. وقال: "ما زلت أتوقع هجوماً أميركياً على أفغانستان وطالبان واسامة بن لادن. ويبدو ان هذا الهجوم تأخر عن موعده، ولكننا نحذر منه، لأننا سندافع عن أرضنا وإسلامنا وحكومتنا الإسلامية طالبان في افغانستان". واعتقل فضل الرحمن لمنعه من القاء خطاب في حشد من أتباعه. واوضحت مصادر مطلعة ان الحكومة اتخذت قرارها على اساس ان "مخاطبة القبائل قد تؤثر على الأوضاع الداخلية"، وهي سياسة متبعة منذ نشأة باكستان وتقضي بمنع السياسيين من مخاطبة الحشود القبلية". ورأى مراقبون أن تشدد فضل الرحمن في مواقفه يحاكي حالاً من التشدد في صفوف أتباعه المؤيدين ل"طالبان" واسامة بن لادن والمعادين للأميركيين. ورأت مصادر جمعية علماء الإسلام الباكستانية أن حكومة شريف لم تعد تملك الحق في مواصلة الحكم في ظل المتاعب الاقتصادية التي يعاني منها الشعب، إلى جانب الفلتان الأمني وتساهل الحكومة في القضايا الاسلامية. وألمح زعيم جمعية علماء الإسلام الباكستانية في حديثه مع "الحياة" الى انه مستعد للتعاون مع الأحزاب الإسلامية الباكستانية وغيرها من أحزاب المعارضة من أجل إطاحة حكومة شريف التي "لم يعد لها الحق في حكم البلاد، كونها خالفت الدستور الباكستاني في عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان".