دخلت قضية أسامة بن لادن صلب السياسة الداخلية الباكستانية، حين تظاهرات أحزاب دينية محسوبة عليه، داعية الى تأييده، مهددة بأعمال انتحارية اذا قرر الاميركيون قتله داخل الأراضي الافغانية. وشهدت بيشاور ومناطق القبائل الباكستانية تظاهرات لمناصري "جمعية علماء الاسلام" الباكستانية، بزعامة فضل الرحمن، عراب حركة طالبان الافغانية الذي أفرج عنه في اسلام آباد على رغم مواقفه المؤيدة لبن لادن، وعزمه على مواصلة التظاهرات المعادية للاميركيين. وتخشى واشنطن أن يترجم تحركه عملياً بشن عمليات انتحارية ضد مصالحها في المنطقة، وهذا ما لمح اليه زعيم الجمعية في تصريحات الى "الحياة" حين قال ان المصالح الاميركية لن تكون في مأمن في حال تعرض بن لادن للخطر. وتبع تظاهرات فضل الرحمن، تظاهرات اخرى نظمتها "جمعية علماء الاسلام" جناح سميع الحق الذي قال في حشد من أتباعه أن بن لادن "رصيد ضخم للأمة الاسلامية التي ينبغي عليها التوحد لإحباط مؤامرات الاميركيين". واتهم الزعيمان السياسيين الباكستانيين بالفشل في مقاومة الضغوط الاميركية المطالبة بالقبض على بن لادن، و"ان حكومة تخضع لمثل هذه الضغوط غير جديرة بمواصلة الحكم". وطالبا باستقالة شريف، مهددين بثورة اسلامية تجتث جذور الحكومة اذا رفضت الاستجابة لمطالب المتظاهرين. وتشعر "جمعية علماء الاسلام" الباكستانية بالفخر حين يصرح زعيمها فضل الرحمن ان أربعة من الاجانب فروا من دير اسماعيل خان - حيث يقطن فضل الرحمن نفسه - متجهين الى اسلام آباد بعدما أمهلهم حتى أمس، اذ يشتبه أنهم "يهدفون الى القبض على بن لادن". ولعل الاسلاميين الباكستانيين التقليديين المؤيدين لطالبان هم الوحيدون الذين يدافعون عن بن لادن الآن، بينما يلتزم الحركيون الصمت إزاء هذه القضية الحساسة، لكن بعضهم يرى ان الحديث عن ظاهرة بن لادن، ورؤية صوره في مناطق القبائل التي تشعر بالحنق والغضب تجاه الاميركيين يفرض على الجميع خيارات صعبة. ويسود اعتقاد بأن بن لادن تمكن ببراعة من صرف الأنظار عنه، وإشغال الوسط الغربي والاميركي في قضايا الحركات الاسلامية الباكستانية التي أعلنت تأييده صراحة، ودافعت عن وجوده، كون حكومة طالبان في أفغانستان تعبر عن هذه الجماعات، ومعلوم ان للجمعيتين الاسلاميتين هاتين مئات الآلاف من الاتباع الدراسين في المدارس الدينية الباكستانية، ويعدون مخزوناً احتياطياً لأي جهاد أو حرب تدعو اليها هذه الحركات.