واصلت المصارف الوطنية في الامارات العربية المتحدة تعزيز مراكزها المالية بعد سلسلة من الأزمات تعرض لها القطاع المصري ورفعت المصارف رؤوس أموالها بأكثر من بليون دولار في عام واحد. وأظهرت احصاءات رسمية ان حقوق المساهمين للمصارف المحلية ارتفعت الى نحو 21.4 بليون درهم 5.8 بليون دولار في نهاية 1998 من 16.7 بليون درهم 4.5 بليون دولار نهاية 1997 بزيادة نحو 1.3 بليون دولار. وقدرت مصادر مصرفية بأن اجمالي حقوق المساهمين تجاوز 23 بليون درهم 652 بليون دولار في نهاية النصف الأول من السنة الجارية بعدما واصلت بضعة مصارف رفع رؤوس أموالها لتعزيز وضعها المالي والتنافسي. وأدت هذه الزيادات الى ارتفاع الملاءة الرأسمالية للمصارف الوطنية، وعددها 19 مصرفاً، على رغم الزيادة المتواصلة في إجمالي الاصول. وبينت احصاءات للمصرف المركزي الاماراتي ان الملاءة المشتركة لهذه المصادر وصلت الى نحو 13.2 في المئة وهي أعلى بكثير من السقف المحدد عند ثمانية في المئة من قبل "لجنة بازل" التابعة لبنك التسويات الدولي. وجاءت الزيادات في رؤوس الأموال بناء على تعليمات المصرف المركزي خصوصاً توسيع القاعدة الرأسمالية لأي مصرف يعمل في هذه الدولة الخليجية لتمكينه من مواجهة أية أزمة مالية ومواكبة التوسعات في مجالات الاستثمار. وقالت مصادر مصرفية ل"الحياة" ان هذه الزيادات اسهمت في تحصين القطاع المصرفي ضد الأزمات المصرفية، خصوصاً تراكم الديون المعدومة وحدوث سحوبات غير عادية. نتيجة ممارسات غير قانونية اخرى. وأشارت الى تعرض القطاع المصرفي في الإمارات الى سلسلة من الهزات المالية أخطرها تلك التي حدثت منتصف الثمانينات عندما تعرضت مصارف عدة الى خطر الانهيار بسبب تراكم الديون المعدومة والمشكوك فيها. وانتهت الأزمة بعدما قرر بعض المصارف الاندماج في حين خصصت مصارف اخرى جزءاً كبيراً من أرباحها لتكوين احتياط لمواجهة تلك الديون ما أثر سلباً على ربحيتها وأدائها. وفي عام 1991 تعرض القطاع المصرفي لهزة أخرى بسبب انهيار "بنك الاعتماد والتجارة الدولي" وأعقبته أزمات أخرى كانت آخرها الاختلاسات التي حدثت في "بنك دبي الاسلامي" وأدت الى حدوث موجة من السحوبات الجماعية. وفي تصريحات صحافية أخيراً، أكد محافظ المصرف المركزي سلطان السويدي بأن مصارف الامارات أصبحت الآن تتمتع بمركز مالي قوي بعد رفع رؤوس أموالها واحتياطها، "ما يمكننا من تحمل الخسائر المحتملة ومواجهة الأزمات". وبين تقرير "بنك أبو ظبي الوطني" ان أكبر زيادة في رأس المال كانت في "بنك دبي الاسلامي" الذي رفع رأس ماله الى بليون درهم 272 مليون دولار نهاية 1998 مقابل نحو 492 مليون درنه 134 مليون دولار نهاية 1997. كما رفع "بنك الامارات الدولي" رأس ماله الى 588 مليون درهم 160 مليون دولار من 470 مليون درهم 128 مليون دولار في حين رُفع رأس مال "بنك الاتحاد الوطني" الى 562 مليون درهم 153 مليون دولار من 387 مليون درهم 105 ملايين دولار. وشملت الزيادات كذلك "بنك دبي اتلجاري" و"بنك الخليج الأول" و"بنك الاستثمار" و"بنك رأس الخيمة الوطني" و"البنك العربي المتحد" و"بنك الشارقة" و"بنك الشارقة الوطني" و"البنك التجاري الدولي" و"بنك المشرق". وعن أداء المصارف السنة الجارية توقع خبراء ان تحقق أرباحاً أعلى من أرباح العام الماضي، لكن نسبة النمو ستكون أقل. وقال مدير دائرة الاسهم في "بنك أبو ظبي الوطني" زياد دباس ل"الحياة" ان عام 1998 "كان عاماً استثنائياً لمصارف الامارات بكل المقاييس اذ حققت أعلى أرباحها بعدما استفادت من الطفرة التي حدثت في قطاع الاسهم وتمويل الإصدارات الأولية الضخمة والتوسع في بعض القطاعات غير النفطية". وأضاف: "لا أتصور ان تحقق المصارف نسبة النمو نفسها في الأرباح السنة الجارية لأن هناك أنكماشاً في بعض القطاعات بسبب انخفاض اسعار النفط في الربع الأول". وتوقع مدير "مركز الامارات التجاري" محمد ياسين ان ترتفع أرباح المصارف الوطنية السنة الجارية بنسبة خمسة الى عشرة في المئة مقابل اكثر من 20 في المئة العام الماضي. وبلغت الأرباح الصافية للمصارف المحلية نحو ثلاثة بلايين درهم 817 مليون دولار عام 1998 مقابل 2.46 بليون درهم 670 مليون دولار عام 1997 .