تزايد في الشهور الماضية هروب أنصار آية الله محمد صادق الصدر الذي قتل في شهر شباط فبراير الماضي في مدينة النجف، واتهمت المعارضة العراقية حكومة الرئيس صدام حسين باغتياله. وأكد عدد من أنصار الصدر، الشخصية الشيعية البارزة في العراق، ان اجهزة الأمن في بغداد تقوم بعمليات اعتقال وتعذيب جعلت وجودهم "نوعاً من المواجهة غير المتكافئة مع الموت"، وأشاروا الى ان حملات الاعتقال طاولت شيوخ الجوامع وطلبة الحوزة العلمية الذين تخرجوا من مدارس تتلقى علومها وفتاواها الشرعية من نهج الصدر الذي قتل معه ولداه مصطفى ومؤمل. وقال الشيخ خالد الساعدي الذي وصل الى الأردن قبل ايام، بعدما دفع نصف قيمة منزل عائلته لتسهيل حصوله وزوجته وأولاده الثلاثة على جوازات سفر، انه تعرض للاعتقال مرتين وأجرت الاجهزة الأمنية في مدينة الثورة صدام حيث يقيم ومدينة بغداد الجديدة تحقيقات عذب خلالها بسبب علاقته بنهج الصدر وتلقيه دروساً في العلوم الفقهية في مدرسة الآخوند الوسطى في مدينة النجف. وأضاف الساعدي، الذي كان أسيراً في ايران واطلق سراحه عام 1990 بعدما قضى في الأسر خمس سنوات حين وقع في قبضة القوات الايرانية عام 1985 في معركة "تاج المعارك" - معركة هور الحويزة ما بين محافظتي العمارة والبصرة - ان مديرية أمن بغداد الجديدة اتهمته بالانضمام الى حزب "المنتظرين" وهو جماعة يقول الساعدي ان الامن العراقي مسؤول عنها وتهدف الى "اثارة البلبلة في اوساط الشباب المسلم وأتباع الصدر بخاصة". وأكد استمرار عمليات الاعتقال للناشطين من اتباع الصدر في مناطق عديدة من بغداد، وذكر ان من بينهم في مدينة الثورة الشيخ عبدالزهرة البديري والشيخ رياض الزهيري والسيد عدنان الشوكي والشيخ علي الكعبي، منوهاً بأن غالبية المتهمين ب"موالاة الصدر" تعرضوا بعد الاعتقال لعقاب تمثل بهدم منازلهم، وقال ان الشيخ علاء الشويلي اعتقل وشقيقه وابن عمه ثم تعرض بيته للتدمير برغم انه كان يؤوي والده ووالدته الطاعنين في السن. وبالنسبة الى تأثير الصدر في اوساط الشباب ودعوته لهم "بالجهاد ضد اشكال الظلم"، وهو ما دفع السلطات العراقية الى قتله، قال الساعدي ان "صور الالتفاف الواسع حول الصدر ارعبت نظام الرئيس صدام". وذكر ان عضو القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم محمد حمزة الزبيدي زار الصدر قبل اسبوع من مقتله، وطلب منه التوقف عن اقامة صلاة الجمعة في جامع الكوفة وإلقاء خطبة فيها، مشيراً الى ان ما حصل من احداث مواجهة مع قوات الأمن بعد مقتل الصدر وفي المناطق التي ينشط فيها مناصروه يؤكد مسؤولية بغداد عن مقتله، ولمح الى وجود قوات الأمن الخاص في الليلة ذاتها التي قتل فيها الصدر مقابل جامع المحسن الذي يعد احد مراكز تجمع انصار الامام الراحل في مدينة الثورة، وقال: "اطلقت تلك القوات النار على الناس الذين تجمعوا امام الجامع وداخله بعدما تناهى الى اسماعهم خبر اطلاق النار على الصدر في النجف". وأوضح الساعدي ان "شراسة" الحملة التي بدأت بها الاجهزة الامنية العراقية لاعتقال انصار الصدر ومعاقبتهم، خصوصاً بعد الاحداث التي رافقت ذكرى اربعين الامام، ادت الى خروج اكثرية اتباع الصدر الى خارج العراق. وقال انهم توزعوا بين كردستان وإيران وسورية والأردن، وهو ما اكده السيد سعد محمد الحسني الذي وصل الى الأردن في شهر نيسان ابريل الماضي وكان امضى فترة طالباً في مدرسة "القوام" في الحوزة العلمية في النجف. وقال الحسني الذي دخل عمّان بجواز سفر بغير اسمه، وذلك لأنه كان معتقلاً للفترة من حزيران يونيو 1998 الى اوائل شباط فبراير 1999، ويتعذر عليه الحصول على جواز باسمه واعتباره من "المعادين" ان ابرز اسماء الشيوخ من انصار الصدر هم حالياً خارج العراق مشيراً الى السيد عقيل الموسوي والشيخ نعمان اليعقوبي والشيخ علي الصرخي والشيخ اسعد الناصري.