أعلن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح امس انه سيسلم السلطة الى منافسه الوحيد في انتخابات الرئاسة، نجيب قحطان الشعبي، في حال فوز الأخير، ولمح في رد على سؤال ل"الحياة" الى انه سيبدأ صفحة جديدة مع المعارضين الذين قاطعوا الاقتراع امس، وسيعاملهم "مثل بقية المواطنين". وعكرت الانتخابات الرئاسية التي اجريت امس للمرة الأولى بالاقتراع الشعبي المباشر، تفجيرات في محافظة الضالع جنوب اتهمت اوساط رسمية المعارضة المقاطعة بالضلوع فيها. واستهدف بعض التفجيرات مراكز انتخابية، وهي أدت في مجموعها مع حوادث "جنائية" في محافظتي عمران والمحويت شمال الى مقتل ثلاثة اشخاص بينهم جندي، وسقوط 15 جريحاً بينهم 5 جنود ورئيس مركز انتخابي راجع ص2. واعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مؤتمر صحافي عقدته ليل امس ان نسبة الاقتراع بلغت نحو 70 في المئة من الناخبين المسجلين. وجالت "الحياة" على مراكز انتخابية عديدة في صنعاء وضواحيها ولحج وعدن وأبين وحضرموت، وكان الاقبال على الاقتراع كثيفاً في العاصمة اليمنية صباحاً، فيما كان متوسطاً في لحج وعدنوحضرموت وازداد بعد الظهر. وتحدثت اوساط رسمية عن منشورات وزعت في مأرب والضالع تحض على مقاطعة الانتخابات. وعلم ان الأمين العام للحزب الاشتراكي السيد علي صالح عباد مقبل عاد الى صنعاء امس آتياً من دمشق بعد لقائه بعض قادة الحزب في الخارج. وأدلى علي صالح بصوته في احد المراكز الانتخابية في صنعاء صباح امس، وأكد رداً على سؤال ل"الحياة" ان مقاطعة احزاب "مجلس التنسيق الأعلى" للمعارضة الانتخابات الرئاسية "حق ديموقراطي". وأضاف: "سنتعامل مع المعارضة كمواطنين مثل عامة المواطنين، لأنني مسؤول عن الذين صوّتوا لمرشح المعارضة والذين حجبوا اصواتهم عن الرئيس". ورداً على سؤال آخر ل"الحياة" في شأن المعارضة قال: "سنتعامل معهم في شكل ودي بما فيه مصلحة الوطن". وأعلن انه في حال فوز منافسه الوحيد السيد نجيب قحطان الشعبي سيبارك له ويسلمه السلطة "باجراءات دستورية ديموقراطية". وسئل علي صالح عن آفاق العلاقات السعودية - اليمنية فأجاب ان هذه العلاقات "متطورة والزيارات متبادلة والتواصل مستمر، وليست هناك اي شائبة في العلاقات". وأعرب عن أمله بأن يتواصل الحوار مع المملكة بعد الانتخابات اليمنية، من اجل ايجاد "حلول ودية ومرضية للبلدين" في مسألة "ترسيم ما تبقى من الحدود". الشعبي "راضٍ" نجيب قحطان الشعبي قال بعد ادلائه بصوته: "حتى لو حصلت على واحد في المئة من الأصوات أنا راضٍ، والأهم ان ينتصر اليمن في هذه الانتخابات، وإرساء تقاليد ديموقراطية". واللافت ان قيادياً بارزاً في "حزب الحق" من احزاب مجلس التنسيق المعارض هو القاضي محمد محمد اسماعيل المنصور وزع بياناً امس وقعه وعضوي اللجنة التنفيذية للحزب علي احمد مفضل وزيد محمد الداري، ينتقد فيه مقاطعة مجلس التنسيق الانتخابات، داعياً اعضاء حزبه الى الاقتراع. من دون سلاح ويتوقع استكمال فرز الاصوات مساء اليوم، وسط ترجيحات بفوز اكيد لعلي صالح بنسبة لا تقل عن ثمانين في المئة، ومن الأرقام المتداولة في رصيد منافسه نجيب قحطان الشعبي عشرة في المئة او خمسة عشر في احسن الاحوال، علماً ان عدد الناخبين حوالى 5 ملايين و600 ألف يمني، لهم اكثر من 17 الف صندوق اقتراع في كل المحافظات. وللمرة الأولى منع اليمنيون من دخول المراكز الانتخابية مسلحين، وتولى اكثر من خمسين الف عنصر من وحدات الجيش وقوى الأمن تطبيق خطة امنية وضعت ليوم الاقتراع الذي بدأ في الساعة الثامنة صباحاً. وفرض جنود اجراءات مشددة على مداخل تلك المراكز، فيما انحسرت الدوريات العسكرية في شوارع العاصمة. وكان رئيس الوزراء الأمين العام ل"المؤتمر الشعبي العام" الدكتور عبدالكريم الارياني قرأ عبر شاشة التلفزيون عشية الاقتراع، البرنامج الانتخابي للرئيس علي صالح، والذي يبدأ بلامركزية ادارية وتعزيز صلاحيات السلطات المحلية، وينتهي بمكافحة "التعصب والمحسوبية والمخدرات" وإزالة اسلحة الدمار الشامل. المتوكل والأحمر وقال ل"الحياة" الأمين العام المساعد ل"المؤتمر الشعبي" السيد يحيى المتوكل ان تصريحات علي صالح امس تمهد لصفحة جديدة مع المعارضة، بعد انتهاء مرحلة الانتخابات الرئاسية، فيما شدد رئيس مجلس النواب رئيس التجمع اليمني للاصلاح الشيخ عبدالله الأحمر على ان مقاطعي الانتخابات "لن يؤثروا بنسبة خمسة في المئة". وفسر رئيس الدائرة السياسية في تجمع الاصلاح السيد محمد قحطان عدم خوض حزبه الانتخابات بمرشح من التجمع بالرغبة في "تفادي الانقسامات في المجتمع". وزاد: "لو نتصرف كإسلاميين مثلما تصرفت الجبهة الاسلامية للانقاذ لتحول اليمن الى جزائر ثانية". ولفت الى ان همّ الاصلاح هو "الا يتحلل البلد"، محبذاً "الديموقراطية بالتدرج". واعتبرت اوساط حزبية ان الدافع الأساسي لعدم ترشح شخصية من "الاصلاح" في مواجهة علي صالح، هو الخوف من المضاعفات السلبية "خصوصاً اذا اثبت الاقتراع ان مرشح التجمع منافس قوي للرئيس" اليمني. وبين الاحتمالات المطروحة في حال فوز علي صالح في الانتخابات فتح قنوات جديدة للحوار مع قادة "الاشتراكي" في الداخل، وإجراء تعديل حكومي يكون عنواناً لمرحلة توسيع الانفتاح الاقتصادي وشن حملة لتطهير الدولة من الفساد. تقديرات المعارضة وقال مسؤول كبير في المعارضة اليمنية ل"الحياة"، في اتصال هاتفي من لندن ان الانتخابات "ذات لون واحد، وقد حسمت نتائجها يوم رفض المجلس تزكية مرشح المعارضة، ووجدنا انفسنا امام حزب واحد يتنافس مع نفسه ويتداول السلطة بين اعضائه". وعن نسبة المشاركة في الاقتراع قال ان مراكز الاقتراع كانت مقفرة، وبلغت أعلى نسبة مقترعين في بعض المحافظات 25 في المئة، وفي حضرموت 15 في المئة بين الرجال، بينما كان اقبال النساء معدوماً، اما في عدن فكانت مراكزها خالية من المقترعين". وأضاف "كنا نتوقع نسبة أعلى من الاقبال عن طريق الاغراء والترغيب، ولكن حتى هذا لم يحصل، ووضع الانتخابات الحالية اسوأ من وضع الانتخابات السابقة في نيسان ابريل 1997". وأشار الى ان "مجلس التنسيق" الذي يضم احزاب المعارضة بزعامة الحزب الاشتراكي سيصدر بياناً توضيحياً فور انتهاء الانتخابات وظهور نتائجها الأولية. وانتقد طريقة توزيع الصناديق الانتخابية، وقال ان هناك 106332 تجمعاً سكانياً في اليمن "وقد خصص لكل هذه التجمعات الفا صندوق انتخابي فقط". وأوضح مصدر آخر في قيادة المعارضة "ان الاقبال كان ضعيفاً بشكل واضح، ومزاج الناس العام لم يكن ميالاً للمشاركة، والسبب في ذلك ليس موقف المعارضة ودعوتها للمقاطعة، بل وضع الناس المعيشي الصعب الذي اوجد فجوة بينهم وبين السلطة".