شهدت العلاقة بين الحكومة والحركة الاسلامية في الأردن امس تصعيداً كبيراً إثر القاء القبض على كل من خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس والناطق باسمها في الأردن ابراهيم غوشة لدى وصولهما الى مطار عمان قادمين من طهران، فيما تم ابعاد موسى أبو مرزوق، الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة - الذي كان يرافق مشعل وغوشة - كونه لا يحمل الجنسية الأردنية. وتوقعت مصادر حكومية ان يحال مشعل وغوشة الى محكمة امن الدولة مباشرة اسوة بعدد من كوادر الحركة الذين احيلوا اليها قبل اسبوعين. وفي مقابلة أجرتها "الحياة" مع مشعل عشية مغادرته طهران اعتبر ان وراء الخطوة الأردنية "ضغوطاً أميركية وإسرائيلية كجزء من استحقاقات مرحلة المفاوضات النهائية"، وأعرب عن أمله بأن "ينهي الملك عبدالله الثاني هذه المشكلة التي لا أصل حقيقياً لها". راجع ص3 وفي برلين رويترز بادر رئيس الوزراء الاسرائيلي الى الترحيب بخطوة الاعتقال، وقال للصحافيين: "موقف الملك عبدالله من حماس مثال للوعي الأمني والاتجاه المناهض للارهاب والموقف الشجاع الذي يضع حداً لعمل تنظيم خطير للغاية". وأكدت مصادر الحركة الاسلامية ان السلطات الأردنية نفذت تهديدها واعتقلت مشعل وغوشة إثر ترجلهما من الطائرة التي اقلتهما من طهران، فيما اعادت ابو مرزوق على الطائرة نفسها التابعة لشركة طيران الامارات. وقالت المصادر ان القياديين الاسلاميين الثلاثة قرروا العودة الى عمان رغم معرفتهم بوجود مذكرات لاعتقالهم. وكانت السلطات الأمنية اعتقلت 15 ناشطاً في الحركة قبل ثلاثة أسابيع خلال حملة شنتها السلطات الأردنية التي اغلقت عدداً من المكاتب التي كانوا يستخدمونها بحجة مخالفة القوانين الأردنية، فيما كان القياديون الثلاثة في زيارة لطهران. وعقدت قيادة جماعة الاخوان المسلمين في الأردن اجتماعاً مع رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة ومدير المخابرات سميح البطيخي في وقت متقدم ليل اول من امس، في محاولة اخيرة للحؤول دون تنفيذ قرار اعتقال قياديي "حماس" بعدما اعلنوا من طهران نيتهم العودة بغض النظر عن النتائج. وأعلن التلفزيون الأردني ليل اول من امس ان الروابدة التقى المراقب العام للجماعة الشيخ عبدالمجيد ذنيبات، والأمين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي والدكتور عبداللطيف عربيات، في حضور البطيخي، من دون التعليق على الاجتماع. وعشية عودته الى عمان وجّه مشعل، في لقاءات صحافية، نداء الى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يناشده التدخل لانهاء الأزمة بين الحكومة والحركة. ويذكر ان العاهل الأردني يقوم حالياً بزيارة خاصة الى ايطاليا بعدما التقى البابا يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان بداية الأسبوع الحالي. وقال الزعيم الروحي ل"حماس" الشيخ أحمد ياسين اول من امس انه طلب من السلطة الفلسطينية تسهيل سفر وفد من "حماس" الى الأردن في محاولة للتوصل الى تسوية توافقية مع الحكومة، ولم يصدر أي تعليق عن السلطة الفلسطينية. واتهم الروابدة "حماس" وجماعة الاخوان في الأردن بمخالفة القوانين الأردنية، رافضاً تسييس القضية ومؤكداً في تصريحات صحافية ان المسألة اصبحت رهن القضاء الأردني. وقال مراقبون ان التصعيد بين الحكومة والحركة الاسلامية إثر اعتقال قياديي "حماس" يهدد بإطاحة المكاسب السياسية المتبادلة التي نتجت عن مشاركة جبهة العمل الاسلامي في الانتخابات البلدية قبل شهرين بعد مقاطعتها للانتخابات النيابية في العام 1997. كما حذروا من ان التوتر الحالي قد يحبط احتمالات مشاركة الحركة الاسلامية في الانتخابات المقبلة، ويزيد من نفوذ التيار المتشدد فيها على حساب المعتدلين. وقالت مصادر قانونية ل"الحياة" ان التحقيق مع قياديي "حماس" مشعل وغوشة وأربعة من مرافقيهم سيبدأ اليوم، بعد توقيفهم امس بموجب مذكرة الجلب الصادرة بحقهم في نظارة شرطة العاصمة. واعتبرت المصادر ذاتها ان ابعاد ابو مرزوق "اجراء سياسي مخالف للقانون الذي يوجب اعتقاله". وقال وزير الاعلام الأردني ايمن المجالي انه ابعد لكونه لا يحمل الجنسية الاردنية، موضحاً انه حاول الدخول ب"وثيقة سفر فلسطينية صادرة في مصر". وفيما شدد المجالي في لقاء مع رؤساء التحرير على ان قضية "حماس" "قرار سيادي لا يمكن التراجع عنه وتنفيذ لطلب القضاء" اشار الى جماعة الاخوان المسلمين بأنها "حركة وطنية مرخصة وتعمل في الضوء وملتزمة القوانين الأردنية"، موضحاً ان الحكومة نبهت قادة "حماس" "مرات عديدة الى انهم خالفوا القوانين وتجاوزوا دورهم السياسي والاعلامي" واستدرك ان "حماس" "لو لم تخالف القوانين لما حدث مثل هذه التطورات والاجراءات". من جهة اخرى نددت جماعة الاخوان المسلمين بالاجراء الحكومي واعتبرت انه "لا يخدم الا العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي الاستيطاني باضعاف قوى المقاومة والجهاد وملاحقتها". وفيما حاولت الجماعة ثني قادة "حماس" عن العودة قصرت استقبالهم على اعضاء المكتب التنفيذي للجماعة 7 أعضاء توجهوا الى مطار عمان، فيما منعت الشرطة اعداداً اخرى زهاء 30 شخصاً من دخول المطار في رسالة تهدئة الى الحكومة. وفي التصريح الصحافي الصادر عن المكتب الاعلامي للجماعة بدا واضحاً التركيز على تحقيق انفراج للأزمة، اذ اشار الى محاولة الجماعة "تطويق الازمة ودفعها نحو الانفراج الا ان الجهود لم تفلح حتى الآن، ولكن العزم لا يزال معقوداً والسعي مستمراً للخروج من الازمة وانهاء حال الاحتقان التي تفاقمت بالاجراء الحكومي الاخير". وطالبت الجماعة ب"الافراج الفوري عن جميع الاخوة المعتقلين واطلاق سراحهم وتهيئة ظرف مناسب لترتيب مع حماس يحقق مصلحة البلاد ويضمن استمرار روح الجهاد والمقاومة". وباعتقال اربعة مرافقين هم تميم التميمي ومحمد خاطر ورشدي الخولي وجمال الفقهة يبلغ عدد المعتقلين مع اعضاء المكتب السياسي 21 شخصاً، فيما لا يزال محمد نزال ممثل الحركة في عمان وعزت الرشق المسؤول الاعلامي متواريين عن الأنظار. ودان بيان للمكتب الاعلامي ل"حماس" الاعتقال، معتبراً انه "اجراء تصعيدي جديد" و"غير مبرر". وحمّل السلطات الأردنية "المسؤولية الكاملة". واستنكرت "لجنة دعم المقاومة في فلسطين" في بيان من بيروت اجراءات السلطة الأردنية وطالبتها ب"عدم الرضوخ للضغوط الاميركية والصهيونية". وناشدت "المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان" المحامين الفلسطينيينوالأردنيين والعرب الدفاع عن المعتقلين.